المعلم عرابي

الدفاع عن الفن ضد من يعتبرونه حراما قد يستجلب الشتائم في مجتمع مضطرب الرؤية بشأن الفنون.
الخميس 2025/07/17
صنع لنفسه مكانة فنية مميزة

نجح الممثل المصري صبري فواز على مدى سنوات في أن يصنع لنفسه مكانة فنية مميزة، بأدوار مهمة في أفلام ومسلسلات بارزة، أداها بإتقان واقتدار، إلا أن القصة هذا الصباح لا تبدأ به، إنما تنتهي عنده.

القصة بدأت من إعلان خبر وفاة المطرب الشعبي الشاب أحمد عامر، وقدم ما يُعرف بأغاني “المهرجانات”، ما أصاب محبيه بصدمة، وتناقلت المواقع صور دموع وتعليقات زملائه ممن يقدمون هذا اللون من الغناء.

تفاعلت الحكاية عندما ظهرت دعوات أطلقها بعض هؤلاء المغنيين أنفسهم لحذف أغاني عامر، وأعلن زميله حمو بيكا حذف الأغاني التي جمعتهما معا من قناته على يوتيوب داعيا شركات الإنتاج أيضا إلى ذلك، وطالب آخرون بحذف أغانيهم بعد وفاتهم.

أعادت هذه المسألة إلى السطح سؤال؛ هل الفن حرام أم حلال؟ وبرغم فتاوى سابقة عنوانها العام أن الفن، مثل أنشطة إنسانية كثيرة، “حلاله حلال وحرامه حرام”، إلا أن القاعدة الصحفية هي أن “الحدث يحيي الخبر”، لذلك تناولت المواقع المسألة بكثافة، فسألت الشيوخ والموسيقيين، واهتمت بنقل تعليقات الفنانين حولها.

كتب صبري فواز على صفحته في فيسبوك دون الإشارة إلى اسم المغني الراحل، وقال “الفن لو فيه حاجة حرام فهي أنتم” و”لما تقول امسح أغاني المرحوم تبقى فنان لا تعلم بل تجهل”.

وتساءل في منشور آخر “وحضرتك متخيل إنك ممكن تضحك على العليم الخبير الحكيم البصير المطلع سبحانه، فتقضِّيها حرام، تربي العيال من الحرام، وتكنز ملايين من الحرام، وأنت شايف إنه حرام، لكن حابقى أمسحها؟ بصراحة مش قادر أفهم خيالك عن ربنا سبحانه”.

نقل عن فواز ما كتبه بلا زيادة، كأن كلامه جاء تعليقا على المطالبة بحذف أغاني أحمد عامر، لتثور ثائرة الفنان ويعود لكتابة منشور جديد غاضب.

نشر فواز صورة العناوين الصحفية التي نقلت كلامه، واصفا هذه المواقع بأنها “بالوعات” (مجارير) معتبرا أنه لم يكتب شيئا يخص من قريب أو بعيد المرحوم أحمد عامر الذي لا يعرفه، إنما تحدث عن المنطق نفسه.

أحب صبري فواز الممثل، وأحب مراقبة أدائه الطبيعي، السهل الممتنع، في نقل دقائق وتفاصيل الشخصيات التي يلعبها، وأرى أنه يفوز كثيرا في هذا الملعب، ويُمنى بخسارة عندما يترك نفسه للغضب ويتكلم بلا مبرر.

إن كان الفنان يتحدث عن المنطق في المسألة كما يقول وليس عن واقعة بعينها، فإننا بالمنطق نفسه نُذكِّره بشيء اسمه “السياق”، فأنت تكتب هذا الكلام في سياق زمني، به جدل مشتعل، وقصة تتردد، ما يعد رأيا في الحكاية، فلماذا الخوف من إعلان الرأي؟

ربما أمكنني فهم سبب الخوف بعد منشور خامس لفواز، سبَّ فيه صفحة أحد المواقع، نقلت كلامه دون زيادة، باعتبار أنها تسببت له في “ثمانمئة شتيمة”.

يعلم فواز أن الدفاع عن الفن ضد من يعتبرونه حراما قد يستجلب الشتائم في مجتمع مضطرب الرؤية بشأن الفنون، وهو لا يستطيع السيطرة على التعليقات في الصفحات العامة، أما صفحته فلا تتيح التعليق إلا لأصدقائه المعجبين بكلامه وسبابه.

ذكرتني الحكاية بشخصية “المعلم عرابي” التي أداها فواز ببراعة في فيلم “كلمني شكرا”، ورنَّت في أذني جملته وهو ينكر كذبا شهادته على عقد زواج متسائلا ببراءة “أنا يا بنتي”.. لأجدني أرد عليه “يا خسارة يا فواز”.

18