خارطة طريق عباس: الدستور المؤقت والانتخابات لقيام الدولة الفلسطينية
رام الله - أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، تكليف الجهات الفلسطينية المختصة، بإنجاز دستور مؤقت لدولة فلسطين، على أن يُنجز خلال ثلاثة أشهر، ويشكّل قاعدة للانتقال من السلطة إلى الدولة.
وجدد عباس، في بيان نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا"، مساء الجمعة، تأكيد "الالتزام بإجراء انتخابات عامة رئاسية وبرلمانية خلال عام واحد من تاريخ انتهاء الحرب على غزة، وتكليف الجهات المختصة بإنجاز دستور مؤقت للدولة، على أن يُنجز خلال ثلاثة أشهر، ويشكّل قاعدة للانتقال من السلطة إلى الدولة".
يُنظر إلى هذا التوقيت على أنه محاولة لتجديد الشرعية الفلسطينية وإعادة توحيد الصفوف بعد سنوات من الانقسام، وهو ما يُعتبر ضروريا لأي عملية سلام أو بناء دولة مستقبلا.
وتأتي تصريحات عباس في سياق زخم دبلوماسي غير مسبوق، حيث اعترف 11 بلدا إضافيا بدولة فلسطين خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي، وهي بريطانيا وكندا وأستراليا والبرتغال ولوكسمبورغ وبلجيكا وأندورا وفرنسا ومالطا وموناكو وسان مارينو، ليرتفع الإجمالي إلى 159 من أصل 193 دولة عضوا بالأمم المتحدة.
ويفرض هذا الاعتراف المتزايد على القيادة الفلسطينية تقديم نموذج حوكمة فعال وموحد يستوفي معايير الدولة المستقلة.
وأضاف الرئيس الفلسطيني أنه "سيتم تعديل قانون الانتخابات والقوانين ذات الصلة، استنادا إلى أحكام الدستور المؤقت، بحيث يُحظر على أي حزب أو قوة سياسية أو فرد الترشح ما لم يلتزم بالبرنامج السياسي والالتزامات الدولية والقانونية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وتنفيذ مبدأ حل الدولتين، ومبادرة السلام العربية، وقرارات الشرعية الدولية، ومبدأ النظام الواحد، والقانون الواحد، ووجود قوة أمنية شرعية واحدة".
ويهدف هذا التحديد بشكل واضح إلى ضمان أن تكون الإدارة القادمة ملتزمة بالمسار التفاوضي وتنبذ أي شكل من أشكال الميليشيات المسلحة أو الحكم المزدوج، في إشارة ضمنية إلى ضرورة إدماج أو إنهاء سيطرة حركة حماس على قطاع غزة في أي ترتيب مستقبلي.
وجاءت هذه التوجيهات بعد سوابق لم تكتمل، ففي مطلع عام 2021، أصدر عباس مرسوما بإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية وانتخابات المجلس الوطني، لكن أيا منها لم يتم تنفيذه فعليا.
وفي يوليو الماضي، قرر عباس، إجراء انتخابات المجلس الوطني قبل نهاية عام 2025، في أول انتخابات منذ عقد مؤتمره الأول في القدس عام 1964.
وينص النظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية على أن المجلس الوطني، هو السلطة العليا لمنظمة التحرير، وهو الذي يضع سياسة المنظمة ومخططاتها وبرامجها، مما يبرز أهمية تجديد هذا الجسم التمثيلي.
وأشار عباس أيضا إلى إصدار تعليمات للحكومة الفلسطينية "بتطوير وتحديث المناهج التعليمية، لتتماشى مع معايير اليونسكو (منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة)، وذلك ليتم الانتهاء من هذه العملية خلال عامين".
ويمثل هذا التحديث محاولة لإظهار التزام السلطة الفلسطينية بالمعايير الدولية في التعليم، والابتعاد عن أي محتوى قد ينظر إليه على أنه تحريضي.
في خطوة ذات أبعاد اجتماعية وإصلاحية، أكد عباس "إلغاء كل القوانين والتعليمات السابقة، المتعلقة بمستحقات عائلات الأسرى والشهداء والجرحى، وتحويلها إلى المؤسسة الوطنية الفلسطينية للتمكين الاقتصادي لتوحيد برامج الحماية والرعاية الاجتماعية تحت منظومة واحدة، وفقًا للمعايير الدولية المعروفة".
وفي فبراير الماضي، أصدر عباس، مرسوما رئاسيا يلغي قوانين وأنظمة تتعلق بدفع مخصصات لعائلات الشهداء والأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وإحالتها إلى مؤسسة حكومية.
وحتى صدور المرسوم، كان الأسرى يخضعون لمجموعة أنظمة وقوانين خاصة بهم، منها "النظام الخاص بالفئة العليا للأسرى المحررين"، و"قانون الأسرى والمحررين"، التي تنظم صرف مخصصات للأسرى حسب السنوات التي أمضوها في السجون الإسرائيلية، وتأمين صحي، ووظائف، وغير ذلك.
تشكّل هذه الإجراءات مجتمعة خارطة طريق فلسطينية داخلية، تستهدف بناء أساس قانوني ودستوري صلب للدولة المنشودة، وتأتي بالتزامن مع تزايد الضغوط الدولية لإنهاء الحرب، وتزايد الاعتراف بدولة فلسطين.