السويداء تعود إلى دائرة العنف بعد خرق الهدنة

اشتباكات عنيفة تهز محور ولغا بين القوات الحكومية و"الحرس الوطني"، لرفض الأخير دفع الرواتب بإشراف الهلال الأحمر، ما يهدد استقرار السويداء الداخلي.
الخميس 2025/10/09
استنفار متبادل

دمشق - أعلن مصدر أمني سوري، الأربعاء، أن الفصائل التي وصفها بـ"المتمردة" في السويداء (جنوب) خرقت الهدنة على محور "ولغا" غربي المحافظة، واستهدفت نقاطا للقوى الأمنية.

ويمثل هذا التطور عودة للتوتر وتحديا مباشرا لاستقرار المنطقة، في وقت تبذل فيه الإدارة السورية الجديدة جهودا مكثفة لضمان أمن ووحدة واستقرار البلاد منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد في ديسمبر 2024.

وأكد المصدر، وفق ما نقلت عنه قناة "الإخبارية" السورية الحكومية، أن "قوى الأمن الداخلي في السويداء ردت على مصادر النيران واستهدفت مواقع للفصائل المتمردة"، مما يشير إلى اندلاع مواجهة محدودة على المحور الغربي.

وكشف محافظ السويداء، مصطفى البكور، في تصريح للقناة "الإخبارية" عن أبعاد أخرى لهذا التوتر لا تقتصر على الجانب الأمني، بل تمتد إلى الصراع على النفوذ الإداري والاقتصادي.

وأكد البكور أن "فصائل في السويداء رفضت دفع رواتب الموظفين بإشراف الهلال الأحمر"، وهو ما يظهر محاولة هذه الفصائل لتقويض سلطة الحكومة المركزية والسيطرة على مقدرات المنطقة.

وأوضح المحافظ أن هذه الفصائل "تهدد بالقتل كل من يسعى إلى التواصل مع الحكومة"، ما يشير إلى أن التحدي لا يتعلق بالتمرد المسلح فقط، بل بفرض عزلة قسرية على المحافظة ورفض لأي شكل من أشكال التنسيق مع الإدارة الجديدة.

وتُشير هذه التصريحات إلى أن الصراع في السويداء بات مركبا، يجمع بين الخلافات المسلحة ومحاولات السيطرة على الموارد الحيوية مثل الرواتب والمساعدات الإنسانية.

كانت وزارة الداخلية قد أعلنت في 3 أغسطس الماضي عن "خرق العصابات المتمردة اتفاق وقف إطلاق النار" بهجمات غادرة على قوات الأمن الداخلي وقصف قرى بصواريخ وقذائف هاون، مما أسفر عن استشهاد وإصابة عدد من العناصر، وهو ما يدل على أن خرق الهدنة في المحافظة بات أمرا متكررا.

وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن المحافظة شهدت مساء الأربعاء اشتباكات عنيفة بين القوات الحكومية والمجموعات الرديفة لها من جهة، وعناصر "الحرس الوطني" من جهة أخرى، تركزت على محوري ريمة حازم–ولغا والمزرعة–ولغا، شمال وشمال غربي مدينة السويداء.

ويلاحظ تداخل الأطراف وتضارب الولاءات في الاشتباكات، حيث أفاد المرصد باستخدام الأسلحة الرشاشة الثقيلة والمتوسطة، كما سُجّل إطلاق نيران من رشاشات عيار 23 نحو منطقة مساكن الخضر داخل مدينة السويداء، انطلاقا من المحاور ذاتها، ما يهدد سلامة المدنيين داخل المدينة.

وأشار المرصد إلى عدم ورود معلومات فورية عن وقوع قتلى أو جرحى في صفوف الطرفين، لكنه أكد على وجود حالة استنفار متبادل تسود المنطقة، مما يرفع من التخوفات من تجدد الاشتباكات وتوسع رقعتها.

وأفاد موقع "السويداء 24" مساء الأربعاء بتراجع حدة الاشتباكات على المحور الغربي، مع استمرار سماع أصوات رشقات بشكل متقطع في عمليات تمشيط ناري، موضحا نقلا عن مصادر ميدانية أن المحاور الغربية لم تشهد أي تغييرات تذكر على واقع خطوط السيطرة.

وتشهد محافظة السويداء، ذات الغالبية الدرزية، حالة من عدم الاستقرار الأمني منذ منتصف يوليو، حيث اندلعت اشتباكات عنيفة بين مسلحين دروز ومقاتلين بدو، سرعان ما تحولت إلى مواجهات دامية بعد تدخل القوات الحكومية ومسلحين من العشائر.

وأسفرت أعمال العنف عن مقتل أكثر من 1600 شخص، بينهم عدد كبير من المدنيين الدروز، وفق آخر حصيلة وثقها المرصد السوري لحقوق الإنسان. وتخللتها انتهاكات وعمليات إعدام ميدانية طالت الأقلية الدرزية. وشنّت إسرائيل خلال أعمال العنف ضربات قرب القصر الرئاسي وعلى مقر هيئة الأركان العامة في دمشق، تحت ذريعة حماية الأقلية الدرزية.

ورغم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بعد أسبوع من المواجهات الدامية، توسطت فيه الولايات المتحدة، إلا أن الوضع في المحافظة لا يزال سيئا، كما أن دخول المساعدات ومواد الإغاثة يجري ببطء بعد إغلاق الطريق الرابط بين السويداء ودمشق والانتهاكات التي تجري عبر ممر “بصرى الشام."

ويشكل هذا الخرق الأخير للهدنة تحديا حقيقيا لجهود الإدارة السورية الجديدة التي تسعى لترسيخ سلطتها وإنهاء حالة الانقسام والاشتباكات الداخلية، ما يضع السويداء في صدارة المناطق التي قد تختبر قدرة الحكومة الجديدة على توحيد البلاد وإرساء الأمن.