مصر تسعى لتثبيت دورها المحوري في أي اتفاق سلام بغزة

دعوة السيسي لترامب إلى حضور حفل توقيع اتفاق غزة في القاهرة تضع مصر كمركز دبلوماسي بعيدا عن مجرد وساطة لوجستية.
الأربعاء 2025/10/08
الدعم الأميركي محور الرهان المصري

القاهرة – وجه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي دعوة مباشرة إلى نظيره الأميركي دونالد ترامب لحضور توقيع اتفاق غزة في مصر حال التوصل إليه، وهي خطوة دبلوماسية رفيعة المستوى تعكس بوضوح تثبيت القاهرة لدورها المحوري والراعي لأي اتفاق سلام شامل في القطاع.

وتأتي هذه الدعوة في خضم مفاوضات حساسة تجري في منتجع شرم الشيخ المصري، والتي بدأت فعليا يوم الاثنين بين حركة حماس وإسرائيل عقب موافقة الحركة الفلسطينية على خطة ترامب من 20 بندا لإنهاء الحرب المدمرة التي دخلت عامها الثالث.

ونقلت قناة "القاهرة الإخبارية" عن السيسي قوله، خلال حفل تخرج دفعة جديدة من طلبة أكاديمية الشرطة "أوجه رسالة للرئيس ترامب بمواصلة دعمه للتوصل إلى اتفاق بشأن غزة".

ويظهر هذا التأكيد عمق الاعتماد المصري على الدعم الأميركي المباشر لدفع عجلة المفاوضات المعقدة، خاصة وأن السيسي أثنى وثمّن جهود الرئيس ترامب لإنهاء الحرب، مشيرا إلى أن ترامب "أرسل مبعوثيه بتكليف واضح بالعمل على إنهاء حرب غزة".

وتجسد الدعوة لحضور التوقيع تتويجا للدور الأميركي كراعي رئيسي للعملية، وتأكيدا على أن القاهرة هي المنصة الدبلوماسية التي يجب أن تنطلق منها حلول السلام الإقليمية، ما يعزز مكانة مصر كطرف فاعل وليس مجرد وسيط لوجستي.

وانضمت اليوم الأربعاء وفود دولية وإقليمية رفيعة المستوى إلى المفاوضات الجارية في شرم الشيخ، ما يؤكد حجم التعبئة الدبلوماسية لإنجاح الخطة الأميركية.

ويشارك في هذه الجولة رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، الذي يعد وسيطا رئيسيا وفاعلا في الملف، إلى جانب صهر ترامب جاريد كوشنر ومبعوثه الخاص إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف.

وانضم كذلك رئيس جهاز الاستخبارات التركية إبراهيم كالين، ما يعكس حرص أنقرة على التواجد في المشهد، كما انضم أيضا وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، المقرب من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ما يوضح جدية تل أبيب في مواصلة المحادثات رغم التحديات.

ويعزز هذا الحشد الدولي والإقليمي دعوة السيسي، حيث يضع القاهرة في قلب جهود السلام متعددة الأطراف.

وقالت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) اليوم الأربعاء إنها تبادلت قوائم بأسماء الرهائن الإسرائيليين والمعتقلين الفلسطينيين الذين سيتم الإفراج عنهم بموجب اتفاق التبادل، وعبرت عن تفاؤلها تجاه المحادثات الجارية في مصر حول خطة ترامب.

وأضافت الحركة أن المفاوضات تركز على آليات إنهاء الحرب وانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة وصفقة التبادل، وهي النقاط التي تمثل العقد الأكثر تعقيدا في الاتفاق.

وأشار مصدر فلسطيني مقرب من المفاوضات إلى أن الطرفين لم يتفقا حتى الآن على توقيت تنفيذ المرحلة الأولى من خطة ترامب المكونة من 20 بندا، ما يؤكد أن التفاؤل يواجه تحديات لوجستية وسياسية عميقة.

وعبر ترامب نفسه عن تفاؤله الثلاثاء تجاه إحراز تقدم نحو التوصل إلى اتفاق، وهو اليوم الذي صادف الذكرى السنوية الثانية للهجوم الذي قادته حماس واندلعت الحرب في أعقابه.

ويحث مسؤولون من جميع الأطراف على توخي الحذر بشأن احتمالات التوصل سريعا إلى اتفاق، حيث تظل المطالب الأساسية متباينة بشكل جوهري.

وتريد حماس وقفا دائما وشاملا لإطلاق النار وانسحابا كاملا للقوات الإسرائيلية والبدء الفوري في عملية إعادة إعمار شاملة تحت إشراف "هيئة تكنوقراطية وطنية" فلسطينية، بينما تصر إسرائيل من جانبها على نزع سلاح حماس، وهو ما ترفضه الحركة بشكل قاطع.

وأكد الرئيس السيسي خلال خطابه أن مصر حريصة على التفاعل الإيجابي مع القضية الفلسطينية، قائلا "نبذل جهودا لم تتوقف لإنهاء الحرب على غزة".

ويربط السيسي بوضوح بين قدرة مصر على لعب هذا الدور المحوري وبين استقرارها الداخلي وقوتها الذاتية.

وشدد على أنه "لا أحد يستطيع تهديد الدولة المصرية"، مشيراً إلى أن بلاده "تمكنت من التغلب على الإرهاب والوضع في مصر مطمئن".

أفاد بأن الدولة المصرية تستطيع "تجاوز أي تحد والتصدي لأي خطر"، مؤكداً أن ذلك يتحقق "بوحدة المصريين وتماسكهم وصلابتهم".

وأضاف السيسي أن الوضع الاقتصادي في تحسن و"الأمور تسير بشكل جيد"، ما يرسل رسالة إقليمية ودولية مفادها أن القاهرة تنطلق في دبلوماسيتها من موقع قوة واستقرار داخلي متين.

ويشير المسؤولون الأميركيون إلى أنهم يريدون في البداية التركيز على المحادثات بشأن وقف القتال والترتيبات اللوجستية لكيفية إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين في غزة والمعتقلين الفلسطينيين في إسرائيل.

وفي غياب وقف إطلاق النار، واصلت إسرائيل هجومها على غزة، مما زاد من عزلتها الدولية.

وتصاعد الغضب العالمي ضد الهجوم الإسرائيلي الذي أدى إلى نزوح جميع سكان غزة تقريبا داخليا وأدى إلى أزمة مجاعة. ويقول العديد من خبراء حقوق الإنسان والعلماء ولجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة إن هذا الأمر يرقى إلى مستوى الإبادة الجماعية. وتصف إسرائيل أفعالها بأنها دفاع عن النفس بعد هجوم حماس عام 2023.

ووفقا للسلطات الصحية في قطاع غزة، قُتل نحو 67 ألف شخص في الهجوم الإسرائيلي. وجاء ذلك في أعقاب الهجوم الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر 2023، والذي أسفر عن مقتل 1200 شخص ونقل 251 آخرين إلى غزة كرهائن، وفقا لإحصاءات إسرائيلية.

وتضع دعوة السيسي لترامب نقطة ثقل سياسية عليا على هذه المفاوضات، مؤكدة أن العالم يترقب إنهاء حالة الحرب المأساوية من على الأراضي المصرية.