مدارس الفرصة الثانية في المغرب: مراكز تحارب الهدر المدرسي تعرقلها الإكراهات

المغرب يعاني من معضلة مغادرة ما يقارب 300 ألف شاب وشابة سنويا النظام التعليمي دون الحصول على أي مؤهل دراسي.
الخميس 2025/10/09
الهدر المدرسي كلفته كبيرة

الرباط ـ نجحت مقاربة إشراك جمعيات المجتمع المدني التي اعتمدها المغرب في تنفيذ برامج مدرسة الفرصة الثانية الرامية إلى إدماج الشباب المنقطع عن الدراسة، في إعادة 18 ألف متعلم ومتعلمة موزعين على حوالي 230 مركزا متواجدا في مختلف أنحاء المملكة خلال عام 2024.

ورغم أن هذه الأرقام وُصفت من طرف الفاعلين الحكوميين بـ”المهمة والمُشجّعة”، لاسيما وأنها تتماهى والمقاربة الشمولية المندمجة التي تروم تيسير ولوج هذه الفئة إلى سوق الشغل والاندماج في الحياة الاجتماعية والمهنية تنزيلا للبرنامج الإستراتيجي لإصلاح منظومة التعليم، إلا أن عددا من الإكراهات عرقل تطورها.

وقال عبدالصمد الحاتمي، رئيس “مؤسسة أجيال مغاربة العالم”، المسيرة لمركز المعري لمدرسة الفرصة الثانية بخريبكة، إن “الصعوبات التي تعترض برنامج الفرصة الثانية متعددة وتختلف من مركز إلى آخر، ومن بينها صعوبة التأقلم لدى بعض التلاميذ الذين يجدون صعوبة في التكيف مع بيئة المركز بعد فترة طويلة من الغياب عن الدراسة، إضافة إلى غياب الدعم العائلي لدى بعض الحالات، حيث لا تحظى مراكز الفرصة الثانية بالدعم الكافي من الأسر، مما يؤثر على التزام التلاميذ ونجاحهم”.

300

ألف شاب وشابة يغادرون سنويا النظام التعليمي دون الحصول على أي مؤهل دراسي

وأضاف أن من بين الصعوبات أيضا، احتياجات تعليمية خاصة لدى بعض التلاميذ الذين يحتاجون إلى دعم تعليمي إضافي أو برامج مخصصة لتلبية احتياجاتهم الخاصة، والصعوبات المادية لمجموعة من الأسر التي تواجه مشاكل مالية تحول دون دعم أبنائها بشكل كامل، والضغوط النفسية التي يعاني منها عدد من التلاميذ نتيجة تجربتهم السابقة مع الانقطاع عن الدراسة، مما يؤثر على أدائهم الأكاديمي.

وأكد الحاتمي في تصريح لموقع محلي أن هذه التحديات تتطلب تعاونا وثيقا بين العاملين في المركز والأسر والمجتمع لضمان نجاح التلاميذ وتحقيق أهدافهم التعليمية، مشددا على أن “مراكز الفرصة الثانية تبدأ فيها قصص نجاح جديدة لتلاميذ ظنوا أن قطار التعليم والتحصيل قد تجاوزهم إلى الأبد، إلا أنهم وجدوا عوضا عما فات جبرا لخواطرهم.. وها هم، اليوم، ينطلقون لحياة أفضل ولإدماج كامل إما في صفوف التربية النظامية أو في سوق العمل أو داخل حجرات التكوين المهني”.

وأعطيت مؤخرا، الانطلاقة الرسمية للموسم التربوي 2025 – 2026 بمركز الفرصة الثانية – الجيل الجديد “الحسنى” بمديرية عين الشق، في حفل ترأسه الكاتب العام لعمالة مقاطعة عين الشق، إلى جانب مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الدار البيضاء – سطات، والمديرة الإقليمية للوزارة، ورئيس جمعية ملتقى بلادي للمواطنة، بحضور شخصيات رسمية وتربوية وجمعوية وإعلامية.

ويعد برنامج الفرصة الثانية مبادرة وطنية تربوية أطلقتها وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة لإعادة إدماج الشباب المنقطعين عن الدراسة في مسار جديد للتعلم والتأهيل، عبر مراكز مدارس الفرصة الثانية – الجيل الجديد. ويجمع البرنامج بين التعليم الأساسي والتكوين المهني والدعم النفسي والأنشطة التربوية، وينفذ بشراكة مع جمعيات المجتمع المدني بهدف الحد من الهدر المدرسي وتمكين المستفيدين من بناء مشروعهم الشخصي والمهني.

برنامج الفرصة الثانية مبادرة وطنية تربوية أطلقتها وزارة التربية لإعادة إدماج الشباب المنقطعين عن الدراسة في مسار جديد للتعلم والتأهيل

وقال جبير مجاهد، أستاذ وباحث في الشأن التربوي، إن “برنامج الفرصة الثانية يشكل مبادرة اجتماعية وتربوية رائدة تروم تحقيق مجموعة من الأهداف، وفي مقدمتها محاربة الهدر المدرسي الذي يعد من أبرز التحديات التي تواجه المنظومة التعليمية في المغرب”.

وأوضح في تصريح لموقع محلي أن هذه المقاربة التربوية تتيح للشباب المنقطعين عن الدراسة إمكانات حقيقية لإعادة الاندماج في مسار التعليم والتأهيل، بما يسهم في توسيع آفاقهم الشخصية والمهنية وتمكينهم من اكتساب مهارات جديدة تساعدهم على ولوج سوق الشغل بكرامة واستقلالية.

ويعاني المغرب من معضلة مغادرة ما يقارب 300 ألف شاب وشابة سنويا النظام التعليمي دون الحصول على أي مؤهل دراسي، وذلك بالرغم من الاستثمارات الهامة في قطاع التعليم، التي لم تُؤت مبتغاها على مر الحكومات المتعاقبة والسنوات المتتالية، ما دفع وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة إلى إحداث مدارس الفرصة الثانية.

بدوره أكد الحاتمي أن الهدر المدرسي يشكل كلفة كبيرة بالنسبة للدولة والعائلات، لذلك، بُذلت مجهودات كبيرة للتصدي للظاهرة والعمل على تعميم التمدرس، بدءا من ميثاق التربية والتكوين، مرورا بالبرنامج الاستعجالي، ووصولا إلى القانون الإطار 17/51، ثم النموذج التنموي الجديد في البرنامج الحكومي، وأخيرا خارطة الطريق 2022 – 2026.

10