أطباء تونس يبحثون واقع التهرم السكاني وآفاقه

المعطى الديمغرافي المتعلق بتطور عدد المسنين في تونس  يتطلب إحكام الإعداد له، خصوصا في ما يتعلق بالجوانب الصحية.
الجمعة 2025/10/24
زيادة في عدد المسنين

الحمامات (تونس)- مثلت المقاربات الطبية والنفسية والاجتماعية للتهرم المتزايد للسكان في تونس، محور أعمال المؤتمر الثامن للطب العام والطب العائلي الملتئمة أشغاله بمدينة الحمامات من محافظة نابل شمال تونس.
وأشار رئيس الجمعية التونسية للطب العام والطب العائلي الحبيب الجربي إلى أن الجمعية حرصت في مؤتمرها، الذي يتواصل على مدى ثلاثة أيام بمشاركة عدد هام من أطباء القطاعين العام والخاص وجمعيات طبية متخصصة، على الاهتمام بموضوع واقع التهرم السكاني في تونس وآفاقه، خاصة أن التعداد العام للسكان والسكنى في تونس لسنة 2024 كشف أن نحو 17 في المئة من التونسيين هم من المسنين، لافتا إلى أن الإسقاطات تشير إلى أن هذه النسبة ستكون في حدود 25 في المئة في أفق 2050.
وأوضح المتحدث، في تصريح لوكالة تونس أفريقيا للأنباء، أن هذا المعطى الديمغرافي المتعلق بتطور عدد المسنين في تونس يتطلب إحكام الإعداد له، سيما في ما يتعلق بالجوانب الصحية التي تخص المسنين في ظل انتشار الأمراض المزمنة مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري وهشاشة العظام وأمراض التنفس لدى هذه الفئة العمرية.

135

ألف ولادة سنوية بحلول عام 2023 وقد تقلص العدد مقارنة بـ 220 ألف سنة 2015

وأشار رئيس الجمعية التونسية للطب العام والطب العائلي إلى أن تونس تعمل على الالتزام بتعهداته لتحقيق هدف التغطية الصحية الشاملة مبينا أن هذا التوجه يؤكد الحاجة إلى مزيد تطوير نظام التغطية الصحية.

وقد خلصت نقاشات اليوم الأول من أعمال المؤتمر مع ممثلي وزارة الصحة، حول السياسات الصحية في تونس، إلى الاتفاق على إمكانية تمكين المتمتعين من العلاج المجاني وبالتعريفة المنخفضة من التمتع ببعض الخدمات الصحية التي يكفل بها الصندوق الوطني للتأمين على المرض، حسب المتحدث.
وكشف أن العمل على بلوغ التغطية الصحية الشاملة سيمكن بالخصوص من التخفيض في نسبة مساهمة التونسي في التكلفة العلاجية التي توفق 40 في المئة حاليا وهو ما يستوجب مزيد دعم الصناديق الاجتماعية على غرار المقترحات التي أدرجت في قانون المالية لسنة 2026.

وتساهم الجمعية التونسية للطب العام والطب العائلي، في تطوير السياسات الصحية من خلال ما تنجزه من دراسات يمكن الاستئناس بنتائجها على غرار الدراسة التي أنجزتها لما قبل السكري في مختلف جهات الجمهورية والتي شملت دراسة 6 الاف مريض، والتي سيتم الكشف عن نتائجها يوم 14 جانفي 2026 وستبرز، وفق رئيسيها، أن التكفل بالمريض في مرحلة ما قبل السكري يساهم في تفادي الإصابة بالمرض أو في تأخير ظهوره ما بين 10 و20 سنة.

ونوه من جهة أخرى بقرار إدراج اختصاص طب الشيخوخة في كليات الطب التونسية مبينا أن التكفل بآلام المسن بات حاجة ملحة ومجالا يتطلب توفر الأطباء المختصين في المجال خاصة مع تخرج أول دفعة خلال خمس سنوات لتعزز دور كبار الأطباء التونسيين الذين حرصوا على التكوين في هذا الاختصاص خلال مسيرتهم المهنية .

pp

وتقدِم تونس على تحولات ديموغرافية غير مسبوقة، نتيجة تهرّم المجتمع وتراجع نسبة التجدّد السكاني مع نزول معدلات الخصوبة إلى أدنى مستوياتها منذ استقلال البلاد عام 1956. ونتيجة للتهرّم السكاني وتراجع عدد الولادات، لا يسجل معهد الإحصاء زيادة في عدد سكان تونس الذي يستقر عند 11.8 مليون نسمة، بينما تشير مؤشراته إلى زيادة في عدد كبار السن ممن تجاوزوا عمر الستين ويمثلون 15في المئة من مجموع السكان، مقابل نسبة لا تتعدى 5في المئة عام 1956.

ومقابل زيادة عدد السكان الذين تخطوا الـ60 عاماً، تسجل البيانات الرسمية تراجعاً في عدد الولادات بوتيرة أسرع، إذ تقلص عدد المواليد الجدد من 220 ألف سنة 2015 إلى 135 ألف ولادة سنوية بحلول عام 2023.

ويطرح التهرم السكاني عديد التحديات من أهمها ازدياد عدد كبار السن من المتقاعدين سنويا بفعل تحسن الوضع الصحي وارتفاع معدل أمل الحياة ما سيزيد من أعداد المشمولين بالتغطية الاجتماعية مقابل غياب الموارد بسبب غياب أو نقصان القوى العاملة من الفئة الشبابية، وهو ما سيثقل كاهل الصناديق الاجتماعية.