قلق إيراني عراقي من انتقال سيناريو نزع سلاح حزب الله إلى الحشد الشعبي
بغداد – تكشف تصريحات مستشار المرشد الإيراني، علي أكبر ولايتي، عن وجود مخاوف لدى حلفاء إيران في المنطقة، من انتقال الضغط الدولي الهادف إلى نزع سلاح حزب الله في لبنان، إلى الحشد الشعبي في العراق.
وتتقاطع هذه المخاوف مع دعوات عراقية رسمية لحصر السلاح بيد الدولة، وهو ما أثار انقساما بين الفصائل المسلحة نفسها، خاصة بعد أحداث دائرة الزراعة في بغداد التي أدت إلى اشتباكات دامية.
وأفاد مستشار المرشد الإيراني، في مقابلة مع وكالة "تسنيم" الإيرانية للأنباء، أنه أجرى مؤخرا مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء العراقي الأسبق رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، تمحورت حول مخاوف من أن تتحول الجهود الدولية الهادفة إلى نزع سلاح حزب الله في لبنان، لتستهدف الحشد الشعبي في العراق.
وأكد ولايتي أن المالكي، الذي وصفه بـ"الرجل الشجاع"، لكونه أصدر حكم إعدام صدام في عهده، وطرد (زمرة المنافقين) القوات الأميركية من العراق، شاركه هذا القلق، معتبرا أن الولايات المتحدة وإسرائيل ستنتقلان بعد لبنان لاستهداف الحشد.
وفي هذا السياق، أكد ولايتي "اتفقنا على أن إيران والعراق سيرفضان نزع سلاح حزب الله في لبنان أو الحشد الشعبي في العراق، وسيقفون في وجه ذلك".
وشدد على الدور المحوري للحشد الشعبي، قائلا "لولا الحشد الشعبي، لابتلع الأميركيون العراق، فالحشد الشعبي يؤدي في العراق الدور نفسه الذي يؤديه حزب الله في لبنان".
وكانت وزارة الخارجية والمغتربين اللبنانية، قد شجبت السبت، تصريحات ولايتي، معتبرة إياها "تدخلا سافرا وغير مقبول في الشؤون الداخلية اللبنانية".
وتتزامن هذه التصريحات الإيرانية مع دعوات عراقية داخلية لحصر السلاح بيد الدولة، والتي شدد عليها رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، حيث أكد أن حصر السلاح وفرض سلطة القانون "مفردات تنادي بها المرجعية، ولا يمكن التهاون في تطبيقها". وأوضح أن هذه الخطوات "لا تعني استهداف جهة أو فرد".
وأكد السوداني في بيان لمكتبه أنه "في ظل الوضع المستقر، لا مبرر لوجود أي سلاح خارج المؤسسات، وعلى العشائر دعم سلطة القانون والقضاء".
وأحدثت هذه الدعوات انقساما واضحا بين فصائل الحشد الشعبي نفسها، فقد أعلنت كتائب "سيد الشهداء" و"كتائب حزب الله" تمسكها بسلاحها، مؤكدة أنه جزء لا يتجزأ من الدولة، وأن أي إخفاقات فردية لا تمثل التوجه العام.
وأوضح المتحدث باسم الكتائب كاظم الفرطوسي لوكالة شفق نيوز، أن "الدعوات لحصر السلاح قد تستهدف السلاح المنفلت، بيد بعض الخارجين عن القانون"، مشددا على أن "الحشد الشعبي وفصائل المقاومة لم يخرجا عن القانون يوما، وأن أي إخفاقات فردية لا تمثل التوجه العام الذي يحرّم استخدام السلاح ضد العراقيين".
وأشار إلى أن "المعركة مع العدو ما زالت قائمة، والتهديدات كبيرة، فالاحتلال موجود، وما يجري في سوريا يفرض إبقاء السلاح بيد الدولة والمقاومة والحشد في الداخل"، مؤكداً أن "هذا الشعار يجب أن يبقى، وألا يُعطى انطباع بوجود سلاح خارج الأطر القانونية".
وفي ما يتعلق بإمكانية تكرار سيناريو لبنان بطلب تسليم سلاح المقاومة، قال الفرطوسي "لن يُطلب، ولن نقبل بهذا الطلب، ولن يكون هناك تسليم للسلاح ما دام الاحتلال موجودا".
ومن جهة أخرى، أيد لواء "أنصار المرجعية"، المنضوي في الحشد الشعبي، ما ورد في بيان السوداني، بشأن وجود خلل في ملف القيادة والسيطرة داخل هيئة الحشد، ووجود تشكيلات لا تتقيد بالضوابط والحركات العسكرية.
وجاء في بيان للواء، "انطلاقا من إلتزامنا بالفتوى الشريفة لمرجعية النجف، واستمرارا في نهجنا الشرعي والوطني في حفظ أمن الوطن والشعب والمقدسات، نؤيد ما جاء في بيان القائد العام للقوات المسلحة".
وأضاف البيان "نعلن أن لواء أنصار المرجعية جاهز أن يكون اللواء الأول في استقبال اللجان المكلفة من قبل القائد العام، في إعادة تقييم القواطع والتزام القطعات، وتقييم عمل كل مفاصل اللواء، ابتداء من آمر اللواء وصعودا الى كل مجاهد في اللواء".
وخلص بيان لواء أنصار المرجعية، إلى القول "نحن ملزمون في كل ما يصدر من هذه اللجان التقييمية شرعاً وقانوناً".
وفي السياق، أعلن رئيس الحكومة العراقية السبت أنه سيحيل إلى القضاء المهاجمين المتورطين في الاشتباكات الدامية التي شهدتها دائرة عامة في ضواحي بغداد، محملا تشكيل "كتائب حزب الله" المسلح الموالي لإيران المسؤولية.
وجاءت تصريحات السوداني، ودعوات حصر السلاح، خلال حضوره مؤتمرا عشائريا استذكارا لـ"ثورة العشرين" بالعاصمة بغداد، وفق ما أوردته وكالة الأنباء العراقية الرسمية “واع”.
وفي أواخر يوليو، قُتل ثلاثة أشخاص بينهم عنصر في الشرطة في اشتباكات بين قوات الأمن ومسلحين قالت السلطات إنهم ينتمون إلى "كتائب حزب الله".
واقتحم هؤلاء دائرة تابعة لوزارة الزراعة في جنوب العاصمة، عقب تغيير في إدارتها.
وحملت الحكومة العراقية المسؤولية لـ"كتائب حزب الله"، وهي جزء من الحشد الشعبي، وهو تحالف فصائل جرى دمجها في القوات النظامية، وغالبا ما يتهم التشكيل باتخاذ قراراته بنحو مستقل.
وأكدت الحكومة في بيان رسمي أن العناصر المسلحة التي ارتكبت الخرق تتبع اللواءين 45 و46 التابعين لكتائب حزب الله، وأعلنت إعفاء آمري اللواءين من منصبيهما وإحالة المتورطين إلى القضاء.
كما اتهمت المدير السابق المقال لدائرة الزراعة المحلية بتنسيق تدخل هؤلاء المسلحين.
وأوردت في البيان "تورّط المدير المُقال لدائرة زراعة الكرخ المدعو (اياد كاظم علي) في هذه الأحداث، إذ أثبتت التحقيقات، والأوامر الإدارية، والوثائق الرسمية، وملفه الإداري الشخصي، تورّطه في التنسيق المسبق لاستقدام هذه القوّة".
كما أكدت الحكومة "تورّطه بقضايا فساد إداري، وجرائم انتحال الصفة، والتزوير في عدد من الوثائق الرسمية والشهادات، والاشتراك في تزوير العقود، ما أدى إلى سلب أراض زراعية من أصحابها الشرعيين".
وأسفت لـ"وجود خلل في ملف القيادة والسيطرة، في الحشد الشعبي"، منددة بـ"وجود تشكيلات لا تتقيد بالضوابط والحركات العسكرية".
وأعلنت السلطات "إعفاء آمري اللواءين (45 و46) في الحشد الشعبي من مناصبهما" وإحالة "جميع المتورطين" في هذه المأساة إلى العدالة.
وأكد مسؤول أمني طالبا عدم الكشف عن هويته أنه تم توقيف 25 شخصا في هذه القضية، وسيتم تقديمهم للعدالة وهم عناصر في "كتائب حزب الله" والمدير السابق لإدارة الزراعة المحلية.
من جانبها، نفت "كتائب حزب الله" تورطها المباشر في الاشتباكات، واتهمت جهات أمنية بإطلاق النار أولا. ووصفت البيان الحكومي بأنه يصب في "خدمة مآرب الأعداء"، مؤكدة أن "المؤلم هو ما يأتي من ذوي القربى".
وتأتي هذه التطورات في وقت يثير فيه مشروع قانون لتنظيم قوات الحشد الشعبي انقساما في الطبقة السياسية.
وتتبع هيئة الحشد الشعبي التي تتألف في أغلبيتها من فصائل شيعية مدعومة من إيران، رسميا رئاسة الحكومة العراقية، وهي جزء من تحالف "الإطار التنسيقي"، صاحب الأغلبية البرلمانية.
وأعربت واشنطن عن قلقها من مشروع القانون المطروح، إذ اعتبرت وزارة الخارجية الأميركية أنه سيؤدي إلى "تأسيس لنفوذ إيراني ويقوّي الجماعات الإرهابية المسلحة"، محذّرة من أنه "يهدّد سيادة العراق".
ويرى مؤيدو مشروع القانون أنه وسيلة لإخضاع فصائل الحشد الشعبي بشكل أفضل لجهاز الدولة.
ولية لـ"كتائب حزب الله"، وهي جزء من الحشد الشعبي.
وأكدت الحكومة في بيان رسمي أن العناصر المسلحة التي ارتكبت الخرق تتبع اللواءين 45 و46 التابعين لكتائب حزب الله، وأعلنت إعفاء آمري اللواءين من منصبيهما وإحالة المتورطين إلى القضاء.