قابس التونسية ترفض تدخل الأحزاب والمنظمات للركوب على حقوقها البيئية

25 جمعية ومنظمة تطالب بالتنفيذ الفوري للقرار الوزاري القاضي بتفكيك الوحدات الملوِّثة للمجمع الكيميائي بقابس.
الثلاثاء 2025/10/14
تأكيد على الصبغة السلمية للاحتجاجات

قابس (تونس) - عبّر أهالي مدينة قابس التونسية (جنوب)، عن رفضهم محاولات الاصطفاف الحزبي وراء مطالبهم المنادية بمعالجة المشاكل البيئية، نتيجة تركيز المنطقة الصناعية منذ ما يزيد عن نصف قرن بالجهة.

وطرح ركوب عدد من الأحزاب والمنظمات على الأزمة البيئية بقابس تساؤلا لدى المراقبين بشأن طبيعة تلك المساندة، عما كانت مبادرة عفوية تنتصر إلى تغليب مصالح المواطنين، أو توجها تحركه المصالح السياسية الضيّقة؟

وأكد سكان المنطقة منذ بدء الاحتجاج على الأزمة البيئية إنهم لا يقبلون التفاوض على حقّهم الأساسي، معتبرين أن شعار “العيش في بيئة سليمة وآمنة”، هو مطلب شعبي موحّد لا يقبل التجزئة ولا الاختزال تحت أي لواء حزبي أو جمعياتي.

ويرفض السكان أن تتحدث باسمهم أي جهة كانت، حزبا، جمعية أو مسؤولا دون تفويض صريح من أهالي قابس، وأن كل مَن حاول أو يحاول الركوب على مطالبهم يرتكب خيانة لصرخة الأهالي وأنهم لن يقفوا صامتين أمامه.

مهى محمود: لا حاجة لنا إلى انخراط الأحزاب والمنظمات في مطالبنا 
مهى محمود: لا حاجة لنا إلى انخراط الأحزاب والمنظمات في مطالبنا 

وتواصل التوتر في إحدى المؤسسات التربوية بالجهة، الثلاثاء، بعد تسجيل حالات اختناق جديدة في صفوف الطلاّب بسبب انبعاث غازات سامة قادمة من المنطقة الصناعية. 

وتمّ نقل المتضررين إلى المستشفى الجهوي بالجهة لتلقي الإسعافات، فيما طالب السكان بفتح تحقيق عاجل واتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية الطلاّب.

 وعبّرت أحزاب ومنظمات وجمعيات عن تضامنها مع التحركات الاحتجاجية لأهالي قابس أمام الظروف البيئية السيئة التي يعيشونها جراء التلوث والغازات القاتلة وما تسببه من حالات اختناق في صفوف الطلاب والمتساكنين في غياب متطلبات الرعاية الصحية اللازمة.

وأكدت في بيانات دعمها ومساندتها لمطالب الأهالي بوضع حد للوضع البيئي الكارثي بالجهة، ورفضها للمقاربات الأمنية في التعاطي مع مثل هذه التحركات السلمية.

لكن المتضررين بشكل مباشر من المجمع الكيميائي أكدوا على امتداد سنوات أن احتجاجهم سلمي بالأساس ويتعلق بحماية مستقبل أبنائهم مع الحق في بيئة سليمة للعيش، مجددين رفضهم لكل محاولات الاصطفاف الحزبي أو استغلال الحدث وتوظيفه سياسيا.

وأفادت مهى محمود الناشطة في المجتمع المدني بقابس، “نحن نرفض كل اصطفاف حزبي وراء المشاكل البيئية في قابس، ولسنا متحزّبين سياسيا، بل خرجنا تلقائيا وسلميا للاحتجاج على تواصل الكارثة البيئية بالجهة”.

الحكومة التونسية تسعى إلى إحياء  صناعة الفوسفات من خلال زيادة إنتاجها خمسة أضعاف ليصل إلى 14 مليون طن بحلول العام 2030

وأكدت في تصريح لـ”العرب”، “مطلبنا موحّد، وهو تفعيل القرار المتخذ منذ 2017 بتفكيك وحدات المجمع الكيميائي، ولا حاجة لنا إلى انخراط الأحزاب والمنظمات في مطالبنا، ومن يريد الركوب على المطالب البيئية فهو يصطاد في الماء العكر، ونحن نرفض كل من يحاول استغلالنا سياسيا، كما نرفض العنف والتخريب، وسنتصدّى لكل تلك الممارسات”.

ولفتت مهى محمود إلى أن “القضية بيئية بالأساس وتهم مستقبل أبنائنا، وننتظر زيارة من الرئيس قيس سعيد للجهة”.

وطالبت 25 جمعية ومنظمة في بيان مشترك لها بالتنفيذ الفوري للقرار الوزاري القاضي بتفكيك الوحدات الملوِّثة للمجمع الكيميائي بقابس، الصادر منذ يونيو 2017، وفتح حوار جهوي ووطني حقيقي حول المنوال التنموي العادل.

ونددت هذه المنظمات والجمعيات بفضّ الاعتصام القائم أمام وفي وحدات المجمع الكيميائي بقابس بالقوة والغاز المسيل للدموع، وبمحاولات منع الأهالي من حقّهم في الإيقاف الفوري لعمل الوحدات الملوِّثة وتوفير الإحاطة الطبية المناسبة للضحايا.

ويعمل المجمع الكيمائي الواقع قرب منطقة “شط السلام” في قابس، على معالجة الفوسفات، أثمن موارد تونس الطبيعية. 

وتسعى الحكومة إلى إحياء  صناعة الفوسفات من خلال زيادة إنتاجها خمسة أضعاف ليصل إلى 14 مليون طن بحلول العام 2030 للاستفادة من الطلب العالمي المتزايد.

وفي الوقت الذي تُصرف فيه أطنان من النفايات الصناعية في بحر شط السلام يوميا، تُحذر جماعات حماية البيئة من تضرر السكان والبحر.

وشهدت قابس، التي كانت تُعرف سابقا بنظامها البيئي الساحلي الغني، انهيارا مستمرا في صيد الأسماك بعدما كانت مصدر دخل حيويا لكثيرين في المنطقة.