ارتفاع كبير لأسعار السيارات الشعبية في تونس
تونس- ارتفعت أسعار السيارات في الأسواق التونسية في السنوات الأخيرة، بالمقارنة مع ضعف القدرة الشرائية للمواطنين في ظلّ تزايد النفقات اليومية والضرورية، وأصبحت عملية شراء سيارة صعبة شأنها شأن شراء المنازل.
ويرى متابعون أن ارتفاع أسعار السيارات في تونس لم يعد يقتصر على الفئات الفاخرة منها، بل يشمل أيضا شريحة “السيارات الشعبية” التي صُممت خصيصا لتكون في متناول المواطنين ذوي الدخل المتوسط.
وفسّروا ذلك الارتفاع خصوصا بالتغيرات الطارئة على السوق العالمية، بالإضافة إلى تدهور قيمة الدينار التونسي الذي شهد تراجعا ملحوظا في قيمته مقابل العملات الأجنبية الرئيسية كاليورو والدولار.
ويأتي ذلك في خضم الحديث عن مقترح برلماني يقضي بتمتيع التونسيين بحق اقتناء سيارة بسعرها الحقيقي، لكن المراقبين يرون أنه يصطدم بواقع اقتصادي ومالي لا يحتمل المجازفة.
◄ غلاء أسعار السيارات في تونس دفع عددا من النواب إلى منح الملف صبغة تشريعية عبر التفكير في تقديم مقترح قانون ينصّ على شراء السيارات بسعرها الأصلي
ارتفعت أسعار السيارات الشعبية في تونس لعام 2025 لتتراوح بين 28.925 و34.876 دينارا، ويرجع هذا الارتفاع إلى عوامل مثل زيادة تكاليف الشحن، وتدهور قيمة الدينار التونسي مقابل العملات الأجنبية، مما أثر على أسعار السيارات المستوردة، إضافة إلى زيادة تكاليف الإنتاج وقطع الغيار.
ويقول مراقبون إن الأزمات الاقتصادية والاجتماعية المتراكمة منذ سنوات أثرت بشكل أو بآخر على ترويج السيارات، خصوصا بالنسبة إلى الشركات التي تراجعت مبيعاتها بنسبة أربعة في المئة.
ويؤكد هؤلاء أن ضعف أجور التونسيين عموما، والتي لم تعد تفي بتوفير الحاجيات المعيشية الأساسية مع تراجع قيمة الدينار، والخشية من الارتهان للمؤسسات المالية المقرضة (البنوك)، كلها أسباب ساهمت في إبعاد عملية اقتناء السيارة الشعبية من أفكار غالبية الفئات.
وأفاد لطفي الرياحي، رئيس المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك، بأن “هناك غلاء في سوق السيارات في تونس، والمواطن لا يقدر على النسق التصاعدي لأسعار السيارات، مقارنة بضعف القدرة الشرائية”.
وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن “متوسط سعر السيارة في تونس بين 60 و80 ألف دينار (27.39 ألف دولار)، ومتوسط سعر السيارة الشعبية بين 28 و35 ألف دينار (11.2 ألف دولار) وهي أسعار باهظة”.
ولفت الرياحي إلى أن “أسعار السيارات والمنازل دائما ما تكون مرتفعة في تونس”.
وتعتمد الدولة التونسية بشكل أساسي على الأداءات الموظفة على توريد السيارات الجديدة، والتي تُعد من بين أهم موارد الخزينة العامة.
ووفق قانون المالية لسنة 2025، تُقدّر المداخيل الجبائية للدولة بـ45.249 مليون دينار، وهو ما يؤكد اعتماد الميزانية على الموارد الضريبية بشكل شبه كلي. وبالتالي، فإن إلغاء المعاليم الجمركية ومعلوم الاستهلاك على السيارات الجديدة سيُفرّغ جزءا من هذه المداخيل من محتواها، خاصة في غياب صناعة محلية قادرة على تعويض هذا النقص، أو موارد بديلة تُعوّض الخسائر.
لطفي الرياحي: متوسط سعر السيارة في تونس (27.39 ألف دولار)
ودفع غلاء أسعار السيارات في تونس عددا من النواب إلى منح الملف صبغة تشريعية عبر التفكير في تقديم مقترح قانون ينصّ على شراء السيارات بسعرها الأصلي.
وفي يوليو الماضي، تقدم النائب محمد زياد الماهر صحبة 20 نائبا آخرين، بمقترح قانون ينصّ على تمتيع كل تونسي، مرة واحدة في العمر، بحق شراء سيارة بسعرها الأصلي دون معلوم استهلاك أو جمارك، مع تقليص الأداء على القيمة المضافة إلى 7 في المئة.
وراهنت الدولة التونسية بعد الاستقلال في 20 مارس 1956، على بيع السيارات الشعبية للمواطنين بأسعار في متناولهم، لكن أسعارها ارتفعت تدريجيا في السنوات الأخيرة.
وسبق أن أكد رئيس غرفة وكلاء ومصنعي السيارات إبراهيم دباش أنّ خلال الثلاثي الأول من سنة 2025، بلغت واردات السيارات الشعبية 5583 سيارة، مقارنة بالفترة نفسها من 2024، أي بتسجيل زيادة بنسبة 60 في المئة، قائلا إن في مارس 2024، تم تسجيل توريد 3473 سيارة.
وقال دباش في تصريح لوسائل إعلام محلية إنّ آخر سنة 2024، كانت واردات السيارات الشعبية أقل من 8 آلاف سيارة (بين 7500 و8000 سيارة) مع أنّ الحصة السنوية التي توفرها وزارة التجارة، تقدّر بـ10 آلاف سيارة سنويا، موزعة على العلامات القادرة على استيراد سيارة وفق شروط برنامج السيارة الشعبية، وهي مواصفات تقنية تتماشى مع هذا البرنامج.
ووفق أرقام رسمية، شهدت السوق التونسية في قطاع بيع السيارات بجميع أصنافها، في العام 2023 بيع 72332 سيارة، مقابل 70377 سيارة في العام السابق له 2022 بزيادة بنحو سبعة في المئة.
وتمّ ترويج 55813 سيارة من قبل الوكلاء المعتمدين و16519 سيارة في السوق الموازية.
وتمّ بيع 4 آلاف سيارة حتى أغسطس الماضي، مقابل 4300 سيارة شعبية في العام السابق، لكنّ وزارة التجارة اتخذت قرارات بإعادة توزيع الحصص غير المستعملة.
وتمكّن وكلاء البيع المعتمدون من بيع 11860 سيارة بجميع أنواعها وأصنافها خلال الثلاثي الأول من العام الجاري، مقابل 11191 سيارة في الفترة نفسها من السنة الفارطة بزيادة بنسبة 5.9 في المئة.