طلاب إدلب السورية يواجهون واقعا قاسيا داخل مدارس مدمرة
 
تفتقر أزفي ريف إدلب السورية إلى أدنى مقومات التعليم بعد أن دمرت الحرب عددا كبيرا منها وتستمر معاناة الطلاب في تلك المنطقة إلى درجة أصبحوا فيها يجلسون على الأرض الباردة لتلقي دروسهم، ما جعل أولياء أمورهم يعيشون في قلق دائم على صحتهم نتيجة غياب المرافق الأساسية مثل دورات المياه والتدفئة.
إدلب (سوريا)- مع انطلاق العام الدراسي الجديد 2025 – 2026 في سوريا، يغيب آلاف الطلاب في ريف إدلب الجنوبي عن مقاعدهم، بعد أن حال دمار المدارس دون استقبالهم. وتُعد إدلب من أكثر المناطق السورية تضررا، إذ بلغ عدد المدارس المدمرة 682 من أصل 7215 مدرسة، وفق وزارة التربية السورية.
ويواجه الطلاب في محافظة إدلب شمال غربي سوريا، واقعا قاسيا داخل مدارس مدمّرة تفتقر إلى أدنى مقومات التعليم، إذ يضطرون إلى الجلوس على الأرض الباردة لتلقي دروسهم، في مشهد يعكس آثار الحرب التي استمرت أكثر من عقد، ويُبرز معاناة الأهالي والمعلمين مع اقتراب فصل الشتاء القارس.
ومع اقتراب البرد القارس، يحاول الأطفال متابعة تعليمهم وسط ظروف إنسانية بالغة الصعوبة، فيما يبذل المعلمون جهدا مضاعفا لمنع انقطاعهم عن الدراسة.
وقال مدير مدرسة معرشمارين عبدالله الرحال، إن العملية التعليمية استؤنفت في القرية، لكن البنية التحتية المدمّرة جعلت استمرار التعليم شبه مستحيل.
وأضاف الرحال في تصريح للأناضول “قريتنا كانت من أولى القرى التي عاد إليها السكان بعد التحرير، لكننا اليوم نواجه تحديات هائلة. الطلاب يأتون إلى المدرسة ولا يجدون مقاعد، ولا سبورة، ولا حتى أبوابا أو نوافذ”.
وفي 8 ديسمبر 2024، بسطت فصائل سورية سيطرتها على البلاد، منهية 61 عاما من حكم حزب البعث، و53 سنة من سيطرة عائلة الأسد.
وأشار الرحال إلى أن غياب المرافق الأساسية مثل دورات المياه والتدفئة جعل أولياء الأمور يعيشون قلقا دائما على صحة أبنائهم.
ويناشد الرحال الجهات الإنسانية والحكومية دعم المدارس لتأمين مستلزمات التعليم الأساسية وحماية الأطفال من الأمراض. وقال الرحال “نحن ندرك حجم الأعباء، لكن صيانة المدارس أصبحت ضرورة عاجلة”.
ولفت الرحال إلى أن مدارس ريف إدلب كانت قد تعرضت في عام 2019 لعمليات نهب وتخريب، ما أدى إلى فقدان أغلب تجهيزاتها.
 
بدوره، قال عضو لجنة التنمية في القرية حسين الديري إن وضع المدارس في المنطقة بالغ السوء، مشيرا إلى أن معظم العائلات التي عادت إلى قريتها بعد الإطاحة بالنظام السابق وجدت منازلها ومدارسها مهدمة ومنهوبة.
وأضاف أن لديهم نحو 1300 عائلة عادت إلى القرية، ويبلغ عدد الطلاب المسجلين قرابة 1600، لكن المدارس الموجودة مدمّرة بالكامل، حيث لا توجد بنية تحتية، ولا أثاث، ولا تجهيزات تعليمية.
وأوضح أن ثلاث مدارس فقط بالقرية تعمل حاليًا بنظام الفترتين الصباحية والمسائية، بينما يتكدس الطلاب في صفوف بلا نوافذ أو أبواب أو تدفئة.
وتابع “الأطفال يتأثرون بالبرد والأمراض. لدينا أكثر من 1700 منزل مهدّم، والكثير من العائلات تقيم في خيام قرب بقايا منازلها. الوضع مأساوي بكل المقاييس”.
بدورها تروي الطالبة سكينة أمين معاناتها اليومية قائلة “كل يوم أحمل بطانية من البيت لأجلس عليها في الصف، أنا وصديقاتي نتقاسمها كي لا نجلس مباشرة على الأرض. معلمتنا تكتب الدروس على ورقة أو كرتون لأنه لا توجد سبورة”.
وختمت بالقول “عندما تمطر، يدخل الماء من النوافذ المكسورة إلى الصفوف. أيدينا تتجمد ونحن نكتب، ولا نستطيع التركيز أو سماع المعلمة بسبب صوت الرياح. البرد يجعلنا ننسى ما نحفظه، والدراسة في هذه الظروف شبه مستحيلة”.
3
مدارس فقط بالقرية تعمل حاليا بنظام الفترتين، بينما يتكدس الطلاب في صفوف بلا نوافذ أو أبواب أو تدفئة
وأفصح أولياء أمور عن شعورهم بالقلق الشديد لأن المدارس إما مدمرة أو بحاجة إلى ترميم. ولأن كل يوم تأخير يعني حرمان أطفالهم من فرص التعلم، طالبوا الجهات المسؤولة والمنظمات الإنسانية تأمين أماكن بديلة، حتى لو كانت خياما أو صفوفا مؤقتة، كي لا يخسر أطفالهم المزيد من سنواتهم الدراسية.
في بلدة كفر سجنة، أوضح رئيس المجلس المحلي مصطفى العبدالله أن التعليم واقع بين المطرقة والسندان، ذاك أن البلدة تضم سبع مدارس، ثلاثا منها تحوي حلقتين أولى وثانية، ليصبح العدد الفعلي عشر مدارس، لكن معظمها غير جاهز. ويبلغ عدد الطلاب المسجلين نحو 1500 طالب وطالبة في المرحلتين الأساسية والثانوية، من دون أن يتمكنوا من الالتحاق بدوام منتظم.
وربطت معاونة وزير التربية لشؤون إدلب جميلة الزير الأزمة التعليمية بعدة عوامل، أبرزها القصف الممنهج الذي طال المدارس خلال سنوات الحرب، وقلة التمويل الموجّه للمناطق الريفية مقارنة بالمدن الكبرى، إضافة إلى تغير الكثافة السكانية نتيجة النزوح. وأوضحت أن هناك خططا للترميم، لكنها تتأخر بسبب ضعف الكوادر والميزانيات.
وعلى الرغم من مرور عشرة أشهر على تحرير مناطق ريف إدلب، فإن عشرات المدارس لا تزال غير قادرة على استقبال الطلاب. وما يفاقم الأزمة ذهاب الأموال إلى مشاريع أخرى لها أولوية. وتشير التقديرات التربوية إلى أن بين 20 و25 في المئة من مدارس ريف إدلب الشرقي والجنوبي غير جاهزة بعد، وهو ما يعني أن آلاف الطلاب لم يلتحقوا بالدراسة هذا العام.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
        
      
     
        
      
    