ضغط مالي على الأسر المغربية بسبب ارتفاع كلفة التعليم الخاص
الرباط – مع اقتراب انطلاق الموسم الدراسي 2025 – 2026 يزيد الضغط المالي على أولياء الأمور، خاصة في قطاع التعليم الخاص، وسط دعوات ملحة لتدخل السلطات المعنية من أجل تقنين أسعار الكتب المستوردة ووضع آليات رقابية تحول دون الممارسات الاحتكارية والمضاربة اللتين تثقلان كاهل الأسر المغربية بالتزامن مع العودة المدرسية.
ورغم أن جمعيات الآباء وأولياء الأمور والبرلمانيين لم يكفوا عن إثارة مسألة ارتفاع التكاليف التي تتحملها الأسر، إلا أن الحكومة تؤكد أنها لا تتدخل في تحديد الأسعار المطبقة بين الأسر والمدارس الخاصة، حيث تكتفي الوزارة بالإشراف التعليمي والإداري.
وقد أكد وزير التعليم أن القانون لا يسمح للوزارة بالتدخل في الأسعار التي تؤديها الأسر للمدارس الخاصة، معتبرا أن القانون الإطاري الجديد يسعى إلى إضفاء الشفافية بما يجعل الخدمة في مستوى السعر.
وأبدى عدد من الكتبيين استياءهم من الزيادات المتواصلة في أسعار الكتب المستوردة، معتبرين أن هذه الزيادات تزيد من حدة التفاوت بين كلفة المحفظة المدرسية في التعليم العمومي وكلفتها في التعليم الخاص. وأوضح المهنيون أن أسعار بعض الكتب في المدارس الخاصة ارتفعت هذه السنة بما لا يقل عن خمسة دراهم للنسخة الواحدة، لتصل في حالات معينة إلى أكثر من خمسين درهما، ما رفع كلفة المحفظة إلى ما بين 1400 (154.90 دولارا) و2000 درهم (221.29) حسب المدينة، في حين لا تتجاوز كلفة المحفظة في التعليم العمومي 450 درهما تقريباً.
إنفاق المغاربة على مدارس الأبناء تضاعف ثلاث مرات بين 2001 و2019، وفق المندوبية السامية للتخطيط
وأشار الكتبيون إلى أن هذه الزيادات لا تستند إلى أي مبرر قانوني أو ظرفي، خاصة في ظل الإعفاء الضريبي الممنوح للأدوات المدرسية، مؤكدين أن المقررات العمومية تُباع بأسعار مضبوطة مطبوعة على أغلفتها، بينما يحدد المستوردون أسعار الكتب الأجنبية بحرية تامة مستفيدين من غياب إطار قانوني منظم. كما نبهت الجمعية المغربية للكتبيين إلى أن بعض المستوردين يفرضون على الزبائن شراء لوازم إضافية إلى جانب الكتب، وهو ما يضع الكتبيين في مواجهة مباشرة مع الأسر التي تلومهم على ارتفاع الأسعار رغم ضعف هامش ربحهم.
وفي ظل الارتفاع المستمر في رسوم التسجيل والمصاريف الشهرية في المدارس الخاصة، يواجه أولياء الأمور وضعا متأزما يؤثر بشكل كبير على ميزانياتهم. وكان وزير التربية الوطنية السابق شكيب بنموسى قد ناقش مع مجلس المنافسة قضايا تتعلق بالأسعار في التعليم الخاص، مشيرا إلى أن هذه الأسعار تخضع لقوانين السوق، حيث تتأثر بعرض وطلب الخدمات.
وردا على استفسار مكتوب من النائبة لبنى الصغيري، عن حزب التقدم والاشتراكية، التي أعربت عن قلقها بشأن الرقابة على الرسوم وجودة الخدمات في المدارس الخاصة، أكد بنموسى أن “القانون رقم 06.00، الذي ينظم التعليم الخاص، لا يمنح الوزارة سلطة تحديد الرسوم التي تطبقها هذه المؤسسات.” وأضاف أن “التكاليف تتأثر مباشرة بعرض وطلب السوق، بالإضافة إلى جودة الخدمات المقدمة من قبل المدارس الخاصة، والتي تشمل خدمات مدفوعة مثل النقل المدرسي والطعام والمراقبة والإقامة والأنشطة اللامنهجية.”
من جهة أخرى عمدت الكثير من المدارس الخاصة، بالتزامن مع العودة المدرسية، إلى فرض مكوث التلاميذ في المدارس على مدى اليوم، حيث لا يلتحق أولئك الذين يستعملون النقل المدرسي بمنازلهم خلال فترة الغداء. وجاء قرار تلك المدارس من أجل التحكم في نفقات النقل، في سياق متسم بارتفاع سعر السولار الذي زاد إلى حوالي 1.5 دولار للتر الواحد.
وتعاني أسر من البيع المشروط الذي يلجأ إليه بعض التجار، حيث يربطون شراء بعض الكتب المدعمة بشراء كتب أخرى مرتفعة الثمن، غير أن الوزير أكد أن مثل هذه الممارسة يعاقب عليها القانون لأنها تدخل في باب الاحتكار.
نفقات الدخول المدرسي بالنسبة إلى 20 في المئة من الأسر الأكثر غنى تمثل 5 مرات نفقات الـ20 في المئة من الأسر الأكثر هشاشة
كما شدد الوزير على عدم التدخل في الأسعار المطبّقة من قبل المدارس، وأكد أنه سيتم وضع قانون خاص بالمدارس الخاصة في المغرب مع تحيين دفتر التحملات وزيادة المراقبة الإدارية. وأشار إلى أن الوزارة ستعمل على ضبط العلاقة بين الأسر والمؤسسات الخاصة، والقطع مع تصرفات وصفها بغير الأخلاقية وغير القانونية.
وحسب دراسة مندوبية التخطيط، فإن نفقات الدخول المدرسي بالنسبة إلى 20 في المئة من الأسر الأكثر غنى تمثل 5 مرات نفقات الـ20 في المئة من الأسر الأكثر هشاشة.
وذكرت المندوبية السامية للتخطيط (حكومية) أن الأسر المغربية تنفق سنويا حوالي 4365 درهما في المتوسط على تمدرس أطفالها وهو ما يمثل 4.8 في المئة من ميزانيتها السنوية. وأشارت المندوبية في أرقام نشرتها بمناسبة العودة المدرسية العام الماضي إلى أن كلفة تمدرس طفل واحد كانت 2356 درهما سنة 2019 مع اختلاف هذا الرقم بناء على وسط السكن ومستوى المعيشة وقطاع التعليم. وتتفاوت كلفة تمدرس الطفل الواحد بشكل كبير حيث تبدأ من 1087 درهما في القطاع العمومي وصولا إلى 7726 درهما في القطاع الخاص.
وتشتكي الأسر المغربية من زيادات كبيرة في رسوم الالتحاق بالتعليم الخاص، والتي وصلت في بعض الأحيان إلى 50 في المئة.
ويستوعب التعليم الخاص في المغرب، الذي تراهن عليه الحكومة، أكثر من مليون تلميذ. وتتراوح الرسوم الشهرية التي تؤديها كل أسرة لكل تلميذ ما بين 30 و300 دولار، وفق بيانات رسمية.
وتشير بيانات المندوبية السامية للتخطيط إلى أن إنفاق المغاربة على مدارس الأبناء تضاعف ثلاث مرات بين 2001 و2019.
وتبيّن أن حصة ذلك الإنفاق ضمن موازنة الأسر ارتفعت من 1.6 إلى 4.8 في المئة على الصعيد الوطني، حسب دراسة أجرتها المندوبية التي تساءلت عن مقدار إنفاق الأسر المغربية على تمدرس الأبناء.