تراجع حاد في خدمات الصحة النفسية باليمن
صنعاء - تشهد خدمات الصحة النفسية في اليمن تراجعا حادا نتيجة نقص التمويل، وفق ما كشفت عنه منظمة أطباء بلا حدود الدولية، محذرة من عواقب ذلك على السكان الذين يعيشون واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية والاقتصادية بالعالم.
وقالت المنظمة في بيان نشرته، عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، إن أكثر من عقد من الصراع في اليمن خلف دمارا واسعا في البنية التحتية الحيوية، وتسبب في تشريد الأسر، وفقدان الأحبة، وانهيار حاد في الخدمات الأساسية، بما في ذلك الرعاية الصحية.
أكثر من عقد من الصراع في اليمن خلف دمارا واسعا في البنية التحتية الحيوية، وتسبب في تشريد الأسر، وفقدان الأحبة
وأضافت المنظمة أن ما هو أعمق من الدمار المادي هو الأثر النفسي العميق الذي تركته الحرب في نفوس الناس، إذ خلقت مستويات مرتفعة من الضيق النفسي والاضطراب في أوساط المجتمعات، نتيجة التعرض للعنف والنزوح وفقدان مصادر الدخل.
ونبهت المنظمة إلى أنه كثيرا ما تطغى الاحتياجات الطبية العاجلة والأساسية على الاهتمام بالصحة النفسية في اليمن.
وتابعت في بيانها: “بينما ترى الإصابات الجسدية والأمراض بالعين ويستشعر أثرها فورا، تبقى الاضطرابات النفسية كامنة تحت السطح، يسهل تجاهلها أو التقليل من شأنها، فيما الوصمة الاجتماعية، إلى جانب ضعف الوعي بطبيعة هذه الاضطرابات وسبل علاجها، تشكل عوائق كبيرة تحول دون حصول الناس على خدمات الدعم النفسي.”
وأشار البيان إلى أن” نظام الرعاية الصحية في البلاد، الذي أضعفته سنوات الحرب، يجد صعوبة متزايدة في تلبية احتياجات الناس، وقد تفاقم الوضع مؤخرا نتيجة التخفيضات في التمويل، التي أدت إلى تراجع حاد في توفر خدمات الصحة النفسية الأساسية.”
وأوصى البيان بأن “رفع مستوى الوعي، وتعزيز التعليم بأسلوب يتناسب مع الثقافة المحلية، ودمج خدمات الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي ضمن الرعاية الصحية الأولية، تمثل خطوات أساسية نحو تحسين الرفاه النفسي والعاطفي في اليمن.”
ويشهد اليمن حربا بين القوات الحكومية والحوثيين منذ نحو عشر سنوات، خلفت واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية والاقتصادية بالعالم وسط تحركات أممية مستمرة لتحقيق السلام.
وغالبا ما يتم إهمال الصحة النفسية. كما أنه بسبب محدودية الخدمات المتوفرة، لا يصل للمساعدة سوى 120 ألف شخص من حوالي 7 ملايين آخرين بحاجة لها.
وتُعد الرعاية الصحية النفسية في اليمن نادرة للغاية وتواجه وصمة اجتماعية كبيرة. ولا يوجد سوى 46 طبيباً نفسياً يخدمون البلاد بأكملها، أي بمعدل طبيب واحد لكل 700 ألف شخص. وفي عام 2025، يقدر أن 7 ملايين شخص يعانون من صدمات وضغوط نفسية تتطلب دعماً صحياً متخصصاً.
مع نهاية مارس 2025، اضطر صندوق الأمم المتحدة إلى تقليص خدمات الصحة الإنجابية الطارئة وخدمات العنف ضد النساء والفتيات بنسبة 40 في المئة
وخلال السنوات الست الماضية، أنشأ صندوق الأمم المتحدة للسكان، بتمويل من الاتحاد الأوروبي للمساعدات الإنسانية وكل من كندا والنرويج، ستة مراكز للصحة النفسية في اليمن. لكن مع نهاية مارس 2025، اضطر الصندوق إلى تقليص خدمات الصحة الإنجابية الطارئة وخدمات العنف ضد النساء والفتيات بنسبة تقارب 40 في المئة. وهذا يعني أن ما يقرب من 1.5 مليون امرأة فقدن الوصول إلى خدمات منقذة للحياة، و300 ألف امرأة فقدن خدمات الوقاية والعلاج من العنف. كما أُغلقت عشر مساحات آمنة للنساء والفتيات، وفقد أكثر من 400 عامل يعملون في هذه المراكز وظائفهم. وأُغلق كذلك أحد المراكز الستة للصحة النفسية.
يقف صندوق الأمم المتحدة للسكان مع نساء وفتيات اليمن. ويناشد بشكل عاجل المجتمع الدولي لزيادة التمويل المخصص لخدمات الصحة النفسية والحماية الأساسية لضمان حصول النساء والفتيات على ما يحتجن ويستحقن من الدعم والرعاية.
وحتى الآن، لم يتلق نداء الصندوق لعام 2025 لليمن لحشد 70 مليون دولار للاستجابة، سوى 36 في المئة من المطلوب.