تحديات تواجه الدمج المدرسي للأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد في تونس
تونس - تواجه عملية الدمج المدرسي للأطفال ذوي اضطرابات طيف التوحد تحديات أبرزها نقص التشخيص المبكر خاصة في المناطق الداخلية، وضعف تكوين المعلمين، ونقص الوسائل البيداغوجية والموارد البشرية المتخصصة، إضافة إلى غياب الإحصائيات الدقيقة حول هذه الفئة، وفق ما بينته إيمان العويشاوي الأخصائية بوزارة التربية التونسية.
وفي سنة ،2022 ولأول مرة في تونس، أطلقت وزارة المرأة والأسرة برنامجا تتكفل الدولة من خلاله بمعاليم دمج الأطفال المصابين بطيف التوحد ضمن مؤسسات الطفولة المبكرة العمومية والخاصة من خلال تحويل منح للمؤسسات المشاركة ضمن البرنامج بحساب 100د لخلاص معاليم المؤسسة التربوية و100 د لخلاص معاليم مقوم النطق أو أخصائي العلاج الوظيفي.
وقد استفاد من هذا البرنامج 300 طفل في العام الأول ثم 600 في العام الثاني من التجربة ليرتفع العدد إلى ألف طفل سنة 2025. وإضافة إلى الجانب المادي تضع وزارة المرأة على ذمّة جميع المربّين والمعلّمين والمنشّطين بمحاضن ورياض الأطفال العموميّة والخاصة نسخة رقميّة من الدليل الرسميّ للمربيّ أطلقته الوزارة منذ أفريل 2023 بعنوان:” نحو دمج الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد في مؤسسات الطفولة.”
ويقدّم هذا الدليل الذي تمّ إنجازه في إطار شراكة مع الجمعيّة التونسيّة للطبّ النفسي للأطفال والمراهقين بيانات وشروحات تفصيليّة ومبسّطة حول اضطراب طيف التوحّد وأعراضه وكيفيّة تشخيص أعراضه وخصائص الأطفال المصابين به وكيفيّة استقبالهم ومرافقتهم بمؤسسات الطفولة المبكّرة الدامجة.
كما يقدّم الدليل لفائدة المربين والمنشّطين بمحاضن ورياض الأطفال والمعلّمين في المدارس الابتدائيّة توجيهات علميّة بخصوص كيفيّة تعاملهم مع مختلف الصعوبات لدى الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحّد على المستويات السلوكيّة وصعوبات الاندماج والتواصل والتعلّم.
الاهتمام الأكاديمي باضطرابات التوحد في الجامعات ومراكز البحث العلمي في تصاعد، إلا أن الجهود البحثية ما زالت غير كافية مقارنة بحجم الظاهرة
وقالت عليسة خواجة المكلفة بتسيير إدارة تنشيط التربية الاجتماعية والترفيه بوزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن، إن الوزارة أطلقت تجربة نموذجية للعناية بالأطفال الذين يواجهون اضطرابات طيف التوحد في سن مبكرة مبرزة أن البرنامج متواصل للسنة الثالثة على التوالي ويشمل إدماج هؤلاء الأطفال برياض الأطفال مع تغطية جزئية لتكاليف الرعاية الخاصة.
وأشارت إلى أن الوزارة تتحمل نحو 200 دينار عن كل طفل من عائلة معوزة أو محدودة الدخل، يوجه جزء منها لمصاريف التسجيل والجزء الآخر لتغطية حصص تقويم النطق والحركة والمتابعة النفسية مؤكدة أن عدد المنتفعين من هذا البرنامج ارتفع من 300 طفل سنة 2023 إلى 600 طفل سنة 2024، ومن المنتظر أن يبلغ ألف طفل في سنة 2025.
كما أشارت خواجة إلى تكامل أدوار الوزارات المعنية بدءا من وزارة الصحة للكشف المبكر ثم وزارة الأسرة للتعهد بالأطفال في رياض الأطفال فوزارة التربية لدمجهم في التعليم الأساسي وصولا إلى وزارة الشؤون الاجتماعية التي تقدم المنح والمساعدات للعائلات.
بدوره، أوضح الخبير في التربية والتعليم بالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم الهاشمي العرضاوي أن موضوع الدمج التربوي للأطفال ذوي اضطرابات التوحد يتجدد سنويا لما له من أهمية متزايدة.
وأكد العرضاوي في تصريح لوكالة تونس أفريقيا للأنباء، وجود صعوبات حقيقية في مرحلة التشخيص الأولي عند ملاحظة الأعراض، لكنه لاحظ في المقابل ارتفاعا في وعي الأسر التي باتت تبحث عن حلول وتطرح تساؤلات حول أسباب اضطراب أطفالها.
وقال العرضاوي: “إن ارتفاع عدد الحالات المسجلة لا يعود إلى زيادة فعلية في الإصابة بل إلى تحسن الوعي المجتمعي والرغبة في التشخيص والمتابعة.”
وأفاد أن الاهتمام الأكاديمي باضطرابات التوحد في الجامعات ومراكز البحث العلمي في تصاعد، إلا أن الجهود البحثية ما زالت غير كافية مقارنة بحجم الظاهرة وتداعياتها الاجتماعية والتربوية.