اللبناني روي سعادة والعراقية تمارا عبدالهادي يطلقان مهرجان كتاب الصورة الفتوغرافية في تونس

مهرجان كتاب الصورة يعرض قرابة ثلاثين كتابا فوتوغرافيا كلها تدور حول مفاهيم الانتماء والذاكرة والمتغيّرات.
الأحد 2025/10/26
مساحة بين الكتاب والصورة والذاكرة والانتماء

افتتح مركز B7L9 الثقافي بتونس موسمه الخريفي ببرمجة ثقافية فنية بصرية متنوّعة ترتكز على الجماليات والبحث والمشاركة الكاملة للفعل الفني بين المكان والإنسان، واستشراف الفنون من ذاكرة السرد البصري والإحساس والتي تنعكس في مهرجان “سرديات مترابطة كتاب الصورة الفتوغرافية”.

ويستمر المهرجان حتى الخامس عشر من نوفمبر، حيث يعتبر أول مهرجان لكتاب الصورة الفتوغرافية في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، ويتضمّن بالتوازي عدّة أنشطة تتمثّل في معرض عالم كتاب الصورة الفتوغرافية، تواقيع كتب ورشات فنية زيارات ثقافية حلقات نقاش وحوارات، حفلات موسيقية.

الصورة والنص

صمّم المشروع الفنان اللبناني روي سعادة، وبالتعاون مع الفنانة العراقية تمارا عبدالهادي التي ساهمت في دفع المشروع حتى انتقل إلى تونس، وتتوزّع فعالياته بين فضاءات المؤسسة الراعية للمهرجان “كمال الأزعر” للثقافة والفنون مركز B7L9، MouhitSpace، Bis 32.

المشروع يحوّل تونس إلى فضاء لسرد الذاكرة ويحوّل التأمل إلى انعتاق حر لتلك الصور وفتوغرافيا الانبعاث من الهوية عبر تلك التفاصيل والصفحات التي تخلق توليفاتها البصرية مع الذاكرة والانتماء للغة والسرد والحكاية، للتماهي والتصعيد وللانفراج والتفاعل وللأفق والبحث من خلال تفاصيل صغيرة ودقيقة بسيطة وجمالية حسيّة وإنسانية.

g

 أراد روي سعادة من خلال رؤاه الاشتغال على فكرة الصورة والسرد وترابط الأخيلة بالمُعاش وهذا تمش حر نحو الجمال العميق وتفاعل بسيط له انعكاساته على الأمكنة التي تتخزّن في ذاكرة الفعل الحسي المكتوب والتواصل السردي الذي ينساب بين مفاصل اللغة ومعها.

 تأسّس المشروع سنة 2022 وحسب ما يذكره المركز فالمهرجان قبل انتقاله إلى تونس كان معرض كتب تنقّل وعرض في بيروت وفلورانسا ومونتريال وسراييفو، حيث تعتبر الرحلة التونسية التي انتقل إليها المهرجان محطّة مهمة ومتفرّعة ولها أكثر من نشاط وتنوّع، احتواها في شكل مهرجان ممتدّ وكثيف، ثريّ في برمجته ومتواصل بشكل قريب ومتكامل بين المحيط العام للمكان والفضاءات والمفاهيم والمتلقي بمختلف مستوياته، فكان مساحة تبادل للرؤى بين الكتاب والصورة والذاكرة والانتماء.

 وما يجعل من محطّة تونس ذات أهمية كبرى منذ تأسيس المشروع هو تحوّلها من فكرة معرض إلى فكرة مهرجان، يشمل معارض أخرى وبرامج تحتوي الأنشطة واللقاءات، ومكتبة مُتجوّلة وحوارات مُتبادلة وتوقيع كتب مشاركة وكتاّب، إضافة إلى تقديم الصورة الفتوغرافية والصورة المتحرّكة وتبادل الفنون من أدب تشكيل وفتوغرافيا وموسيقى، مع متابعات وجولات وورشات وتبادل خبرات.

ويعتبر روي سعادة، صاحب الفكرة، فنانا متعدّد الاختصاصات له مفهوم موحّد في أعماله الفنية والبصرية يرتكز على خلق روابط حسية بين الصورة والكتاب وبين العمق البالغ في تأصيل الصور من النصوص والسفر عبرها، وفي اختزال النص في الصورة والسفر إليها ومنها وعبرها، وهو ما يبني ذاكرة من انتماء وأمكنة من حنين، وهذا المسار خلق تفرّدا في أسلوبه وانعكاسا على برامجه وفلسفته الجمالية.

أما تمارا عبدالهادي فهي تتماهى مع روي في شغف الانتماء للذاكرة من خلال الصورة وتفصيل الحسيات البصرية التي تكونها والتي تتفجّر منها وتتساءل بها عن الوجود والتعبير والإنسان والتنوّع والثقافة والحضور.

عالم كتاب الصورة

ما يجعل من محطّة تونس ذات أهمية كبرى منذ تأسيس المشروع هو تحوّلها من فكرة معرض إلى فكرة مهرجان
ما يجعل من محطّة تونس ذات أهمية كبرى منذ تأسيس المشروع هو تحوّلها من فكرة معرض إلى فكرة مهرجان

يعرض مهرجان كتاب الصورة قرابة ثلاثين كتابا فوتوغرافيا كلها تدور حول مفاهيم الانتماء والذاكرة والمتغيّرات التي تتكاثف بين الماضي والواقع وتطلعات المستقبل، وتلك النوستالجيا الطافحة بشجن وبعض أمل.

 يحتوي هذا العالم الذات والمجموعة لذلك كان الاحتواء حسيّا ذهنيا بصريا من خلال 12 كتابا شكّلت خيوط النسيج السردي المتعدد في بصريات مترابطة الحكايات بين الصفحات والصور في محاولة لمد جسور الحنين بالشجن بالسفر إلى الأمكنة وإلى الذات وإلى النصوص، ذلك السفر الأول الذي يحتوي أحاسيسنا وأخيلتنا وفضولنا ورغبات اكتشاف للمدن والملامح والنماذج والعادات والإنسان، حيث بدت الصور في تصعيدها السردي المترابط وكأنها خارجة من ضوء بعيد يتكاثف ويتداخل بين الأزمنة.

المهرجان يحتوي المعرض، كما يفسح المجال للورشات الإبداعية والحوارات الفنية وتوقيع الكتب ضمن لقاءات تحاول إعادة ربط الكلمة بالصورة والفكرة بالحواس والفن بتفاصيل اليومي المعاش مع احتضان الموسيقى.

استطاع المهرجان أن يخلق تمازجا حسيّا بصريا يسرد التجربة مع المتلقي كفاعل مشارك بشكل بصري محكي بجمالية تفاعلية استطاعت أن تخلق خيطا حكائيا بين البصري والخيالي بين الملموس والمشاهد وبين الحسيّ الفكري وبين الذاكرة والحلم، لا كتفاعل ذهني بل كاحتفال بالضوء باعتباره لغة الفن وبالإنسان باعتباره نصا مفتوحا على احتمالات الحكايات التي لا تنتهي.

ومن الكتب التي وقع توقيعها نذكر “ما بين الجزر” للتونسية أميمة بن تنفوس، “Tiger’sEye” للمصرية هبة خليفة، هبوط للفلسطيني معن حمّاد.