متلازمتا القلب الحساس والقلب المنكسر تثيران اهتمام الأوساط الطبية في الأردن
عمان - تثير متلازمتا القلب الحساس والقلب المنكسر اهتمام الأوساط الطبية في الأردن، وتدفعان إلى إجراء المزيد من البحوث والدراسات، لكونهما تشكلان تحديا كبيرا لصحة الكثيرين على مستوى العالم، بحسب أطباء قلب.
وتحدث أطباء أردنيون لوكالة الأنباء الأردنية عن وجود ارتباط وثيق بين الحالة النفسية والعوامل الجسدية في ظهور الحالات المرضية، مشيرين إلى أن التوعية المستمرة والتطبيق الفعال للإستراتيجيات الوقائية ضروريان للحفاظ على صحة القلب وتعزيز حياة الأفراد.
وأشار استشاري أمراض قلب الأطفال وتشوهات القلب الدكتور عبدالفتاح أبوحويلة إلى حالتين شائعتين ترتبطان بشكل وثيق بالصحة النفسية والجسدية للإنسان، هما متلازمة العصب الحساس (الإغماء الوعائي المبهمي) ومتلازمة القلب المنكسر (تاكوتسوبو)، موضحا أن الإغماء الوعائي المبهمي هو أكثر أنواع الإغماء شيوعا في العيادات والمستشفيات، وتحدث هذه الحالة نتيجة زيادة نشاط العصب المبهم (العصب العاشر)، ما يؤدي إلى انخفاض مفاجئ في ضغط الدم وبطء في ضربات القلب، وبالتالي انخفاض مؤقت في تدفق الدم إلى الدماغ وفقدان الوعي لفترة قصيرة.
الضغط النفسي ليس أمرا بسيطا، بل قد يؤثر مباشرة على القلب، ما يوجب الاهتمام بالصحة النفسية وإدارة التوتر كجزء أساسي من الوقاية والعلاج
وقال إن محفزات هذه الحالة قد تكون بسيطة مثل الخوف الشديد، ورؤية الدم والألم المفاجئ والتوتر النفسي أو الوقوف لفترات طويلة في أماكن مزدحمة وحارة، لافتا إلى أنه قبل الإغماء يشعر المريض عادة بأعراض تحذيرية مثل الدوار والغثيان والتعرق، وزغللة في الرؤية، أو برودة الأطراف.
وأكد أبوحويلة أن الإغماء قصير المدى ويتراوح بين ثوان إلى دقيقة ولا يترك مضاعفات خطيرة، مبينا أن الإسعاف الأولي لهذه الحالة يتم بتمديد المصاب على الأرض ورفع ساقيه لتسهيل وصول الدم إلى الدماغ، في حين يتمثل العلاج الأساسي في التوعية وتغيير نمط الحياة، مثل شرب كميات كافية من السوائل وتجنب الوقوف لفترات طويلة.
أما متلازمة القلب المنكسر فهي حالة طبية مفاجئة تتعرض لها عضلة القلب غالبا بعد ضغط نفسي شديد أو صدمة عاطفية قوية، مثل وفاة عزيز أو أخبار صادمة، وقد تنتج أيضا عن إجهاد جسدي شديد مثل مرض حاد أو عملية جراحية. وقال أبوحويلة إن أعراضها تشبه أعراض الأزمة القلبية، مثل ألم الصدر والخفقان وضيق النفس، لكن الفحوصات لا تظهر انسدادا في الشرايين بل ضعفا مؤقتا في حركة عضلة القلب، وفي الحالتين يتعافى معظم المرضى خلال أسابيع أو أشهر، لكنه شدد على أهمية المتابعة الطبية لتجنب المضاعفات النادرة.
وأكد أن متلازمة القلب المنكسر تعد مثالا حيا على الارتباط الوثيق بين الصحة النفسية والعاطفية وصحة القلب الجسدية، لافتا إلى أن الضغط النفسي ليس أمرا بسيطا، بل قد يؤثر مباشرة على القلب، ما يوجب الاهتمام بالصحة النفسية وإدارة التوتر كجزء أساسي من الوقاية والعلاج.
بدوره أكد استشاري أمراض القلب الدكتور أيمن حمودة أن أمراض القلب والشرايين تعد المسبب الأول للوفاة على مستوى العالم بما في ذلك الأردن، حيث تشكل حوالي 40 في المئة من أسباب الوفيات.
وأشار حمودة إلى أن أمراض القلب التاجية، التي تؤدي إلى الجلطات القلبية الحادة وهبوط عضلة القلب، تعد من أكثر الأمراض شيوعا في الأردن والعالم، موضحا أن متلازمة القلب المنكسر تحدث نتيجة التعرض لضغوط نفسية أو جسدية شديدة، ما يؤدي إلى ارتفاع حاد في مستوى هرمون الأدرينالين في الدم، وهذا الارتفاع يتسبب في ضعف شديد بعضلة القلب، خاصة في الجزء الأمامي وقمة القلب، ما يؤدي إلى هبوط حاد في وظيفة القلب.
وأضاف أن المريض يشعر بألم شديد في الصدر، وضيق في التنفس وتعرق، وهي أعراض مشابهة لأعراض الجلطة القلبية الحادة. وعند إجراء تخطيط القلب الكهربائي تظهر علامات تشبه أعراض الجلطة القلبية، ما يدفع الأطباء إلى إجراء قسطرة قلبية تشخيصية.
أمراض القلب التاجية، التي تؤدي إلى الجلطات القلبية الحادة وهبوط عضلة القلب، تعد من أكثر الأمراض شيوعا في الأردن والعالم
وذكر أن النساء أكثر عرضة للإصابة بمتلازمة القلب المنكسر بنسبة تصل إلى 4 أضعاف مقارنة بالرجال، إلا أن الدراسات الحديثة أظهرت تزايدا في نسبة إصابة الرجال بهذا المرض، كما أن المرضى الذين يتعرضون لضغوط نفسية أو جسدية شديدة، مثل المرضى في غرف العناية المركزة أو الذين يخضعون لعمليات جراحية كبيرة، معرضون أيضا للإصابة بهذه المتلازمة.
ولفت إلى أن ممارسة الرياضة بانتظام، والابتعاد عن التدخين، ومراقبة مستويات الضغط والسكر والكوليسترول، وتعلم كيفية التعامل مع الضغوط النفسية، تعد من أهم العوامل التي تقلل من خطر الإصابة بهذا المرض، ناصحا بتعزيز الصحة النفسية، والاستعداد العاطفي والجسدي لمواجهة الأخبار السيئة والضغوط الحياتية.
وتحث منظمة الصحة العالمية، والاتحاد العالمي للقلب، الحكومات ومتخذي القرار والأوساط الصحية على التكاتف لإعطاء الأولوية لصحة القلب والأوعية الدموية، مؤكدين أن التشخيص المبكر والعلاج الفعال والوقاية تكتسي أهمية حاسمة في الحد من عبء أمراض القلب.
وقال الاتحاد العالمي للقلب عبر موقعه الإلكتروني “في كل عام، تودي أمراض القلب والأوعية الدموية بحياة ما يزيد على 20.5 مليون شخص، وتمكن الوقاية من حوالي 80 في المئة من الوفيات المبكرة الناجمة عن أمراض القلب والأوعية الدموية من خلال الوصول إلى الرعاية بأسعار معقولة، والفحص المبكر.”
ويحتفل العالم باليوم العالمي للقلب في 29 سبتمبر من كل عام بهدف زيادة الوعي بأمراض القلب وإبراز أهمية الوقاية منها وسبل مكافحتها، وحمل هذا العام شعار “لا تفوت اللحظة”، تأكيدا على ضرورة اتخاذ الإجراءات الطبية في الوقت المناسب للحفاظ على صحة القلب.