تغير المناخ يؤثر على صحة النساء الحوامل

درجات الحرارة المرتفعة تفرض ضغطا على القلب والكليتين وتغير عمليات التبريد الطبيعية لدى الأمهات.
الاثنين 2025/10/27
النساء الحوامل وأجنتهن أكثر عرضة لتغير المناخ

تعد النساء الحوامل وأجنتهن أكثر عرضة لتغير المناخ، حيث يسبب ارتفاع درجات الحرارة زيادة في خطر الولادة المبكرة، وولادة جنين ميت، وولادة أطفال أصغر حجماً، بالإضافة إلى التشوهات الخلقية. وخلال فترة الحمل، يخضع الجسم لتحولات تجعل التعامل مع الحرارة المرتفعة أكثر صعوبة. كما أن درجات الحرارة المرتفعة تفرض ضغطا على القلب والكليتين وتغير عمليات التبريد الطبيعية لدى الأمهات.

واشنطن- تؤكد دراسات طبية حديثة أن موجات الحر الشديد تشكل خطرا متزايدا على صحة الحوامل وأجنتهن. فخلال فترة الحمل، يخضع الجسم لتحولات تجعل التعامل مع الحرارة المرتفعة أكثر صعوبة. فكبر حجم البطن يزيد من مساحة سطح الجسم، ما يبطئ عملية تبريد الحرارة. كما ينتج الجسم حرارة داخلية أعلى تؤدي إلى زيادة معدل الحرق، بينما يعمل القلب بمجهود إضافي.

ويدرك الأطباء منذ وقت طويل أن درجات الحرارة المرتفعة تفرض ضغطا على القلب والكليتين والأعضاء الأخرى، لكن هذه المخاطر تتفاقم بالنسبة للحوامل، حيث تتغير عمليات التبريد الطبيعية لديهن.

وتعد مشاكل القلب من بين الأسباب الرئيسية للوفيات المرتبطة بالحمل، وفقاً لبيانات المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها، التي أشارت إلى أن النساء الحوامل أكثر عرضة للشعور بالحر الشديد، وقد يعانين من الإنهاك الحراري بسرعة أكبر من غيرهن.

وتكمن الخطورة في أن آلية الجسم الطبيعية للتبريد، التي تعتمد على تحويل الدم نحو الجلد، قد تقلل تدفق الدم نحو المشيمة ما يؤثر سلبا على نمو الجنين. كما أن ارتفاع درجة الحرارة يزيد من امتصاص الجسم للمواد الكيميائية الضارة، ما يضاعف المخاطر على الحامل وجنينها.

آنا بونيل: معدلات الولادة المبكرة ارتفعت عندما كانت درجات الحرارة المحلية مرتفعة

ولا تقتصر هذه التأثيرات على فترة الحمل فقط، بل تمتد إلى ما قبلها وبعدها. فقد بينت الدراسات أن التعرض للحر الشديد قبل أشهر من الحمل قد يؤثر على الحمل المستقبلي، كما أن الحرارة تزيد من خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم وتسمم الحمل، وهي حالات تهدد حياة الأم والجنين. وبعد الولادة، تتفاقم مشاكل الصحة النفسية مثل القلق والاكتئاب في الطقس الحار، بينما قد يعاني الأطفال الذين تعرضوا للحرارة في الرحم من مشاكل نمائية خلال مراحل نموهم.

وكشفت دراسة جديدة أن التعرض للطقس الحار يزيد من خطر تعرض النساء الحوامل لمضاعفات صحية خطيرة.

وكان شهرا يوليو وأغسطس من أكثر الأشهر حرارة على الإطلاق على مستوى العالم.

ووفقاً لوكالة “بلومبيرغ” للأنباء، فقد حللت الدراسة، التي استمرت لمدة 11 عاماً، أكثر من 400 ألف حالة حمل مسجلة في النظام الصحي في جنوب كاليفورنيا.

ووجد الباحثون علاقة بين تعرض الحوامل لدرجات الحرارة المرتفعة وزيادة خطر الإصابة بمضاعفات الحمل مثل الإنتان (تعفن الدم)، أو الموت عند التعرض لأي عدوى خفيفة، أو زيادات خطيرة في مستويات ضغط الدم، وذلك بنسبة 27 في المئة.

وكانت العلاقة بين الحر الشديد ومضاعفات الحمل أكبر بين الأمهات الأقل تعليماً مقارنة ببقية السكان، وهو مؤشر على دور الدخل والوضع الاجتماعي والاقتصادي في تحديد مدى تأثير درجات الحرارة على الإنسان، وفق فريق الدراسة.

وقال الباحثون، المنتمون لعدة جامعات في الصين وكاليفورنيا، في نتائج دراستهم إن التأثيرات الصحية الأسوأ بين النساء ذوات الوضع الاجتماعي والاقتصادي المنخفض قد تعكس التأثيرات الأوسع لقضايا الظلم الاجتماعي المستمرة والمنتشرة.

كما أن هناك عدداً من العوامل التي قد تفسر سبب ارتباط درجات الحرارة المرتفعة بالمضاعفات، حيث قد يسهم تفاقم أمراض القلب الأساسية، إلى جانب الالتهاب وتخثر الدم.

وتعد مشاكل القلب من بين الأسباب الرئيسية للوفيات المرتبطة بالحمل، وفقاً لبيانات المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها، التي أشارت إلى أن النساء الحوامل أكثر عرضة للشعور بالحر الشديد، وقد يعانين من الإنهاك الحراري بسرعة أكبر من غيرهن.

وأكدت الدراسة الجديدة أن توفر المساحات الخضراء يمكن أن يخفف من آثار الحرارة الشديدة أثناء الحمل.

شروثي ماهالينجايا: النساء الحوامل وأجنتهن أكثر عرضة لتغير المناخ، خاصةً مع الحر الشديد

وبحسب مجلة تايم الأميركية تعرض الأيام الأكثر دفئاً الحوامل لخطر أكبر للإصابة بمضاعفات صحية.

وجراء تغير المناخ، يرتفع عدد أيام الحر الشديد وتؤثر درجات الحرارة المرتفعة على الصحة. وترتبط الحرارة الشديدة بمجموعة من المشكلات الصحية، بما في ذلك ضربة الشمس والجفاف ومشكلات الجهاز التنفسي.

وتفيد أحد تحليلات مركز المناخ المنشور في 14 مايو الماضي، بأن الحرارة الشديدة الناجمة عن تغير المناخ تُشكّل مخاطر جسيمة على صحة الأم ونتائج الولادة. وبين عامي 2020 و2024، تضاعف متوسط عدد الأيام التي تعرض الحمل للخطر، بسبب الحرارة الشديدة، في 222 دولة. وحدثت أكبر زيادة في عدد أيام الحر الشديد بشكل رئيسي في المناطق النامية ذات الوصول المحدود إلى الرعاية الصحية، بما في ذلك منطقة البحر الكاريبي، وأجزاء من أميركا الوسطى والجنوبية، وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.

وقالت الأستاذة المساعدة في الصحة البيئية والإنجابية وصحة المرأة في كلية تي أتش تشان للصحة العامة في جامعة هارفارد، شروثي ماهالينجايا: “النساء الحوامل وأجنتهن أكثر عرضة لتغير المناخ، خاصةً مع الحر الشديد”.

وأوضحت أنه “في ظل الحر الشديد، قد لا تتمكن الحامل من تنظيم درجة حرارتها مثل غير الحامل”، والسبب أن “جسم المرأة الحامل يمر بتغيرات هائلة لاستيعاب الجنين، ويصعب عليه تنظيم بيئة الجنين، خاصةً تبريدها”.

بدورها، قالت الأستاذة المساعدة في كلية لندن للصحة والطب المداري، آنا بونيل، إنّ تحمّل هذه الحرارة الشديدة يزيد من خطر إصابة الأمهات الحوامل بأمراض خطيرة مثل تسمم الحمل وسكري الحمل. كما تؤثر على نمو الأجنة.

كما لا يمتلك الجنين القدرة على تنظيم درجة حرارته، ذلك أن نمو أعضائه حساسٌ لدرجة الحرارة. وتربط بعض الدراسات التعرض للحرارة الشديدة بزيادة خطر العيوب الخلقية، بما في ذلك عيب الأنبوب العصبي.

وأضافت بونيل: “نعلم الآن بوضوح تام أن هناك زيادة في خطر الولادة المبكرة، وولادة جنين ميت، وولادة أطفال أصغر حجماً، بالإضافة إلى التشوهات الخلقية، عند التعرض للحرارة الشديدة.” ووجدت دراسة نُشرت عام 2024 في مجلة “جاما نتورك أوبن”، أن معدلات الولادة المبكرة ارتفعت عندما كانت درجات الحرارة المحلية مرتفعة بشكل غير طبيعي لأكثر من أربعة أيام متتالية. ويمكن أن يكون للولادات المبكرة آثار صحية واسعة النطاق على الطفل.

وتابعت: “الطفل المولود قبل الأوان يكون أكثر عرضة للوفاة، ثم يزداد خطر دخوله المستشفى مرات عدة والإصابة المستمرة بالأمراض”.

10