هل انتهى نتنياهو سياسيًا
بعد توقيع اتفاق إنهاء الحرب بين حماس وباقي الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، يبرز سؤال يبحث عن إجابة: ما هو مصير حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة؟ لا شك أن ترامب عزم على وضع حد للمقتلة في غزة لكي ينقذ إسرائيل من نتنياهو وحكومته، وهذا واضح. لقد بلغ السيل الزبى، وثارت شعوب العالم ضد الإبادة الجماعية في غزة، فتدخل ترامب الحريص كل الحرص على إنقاذ إسرائيل من العزلة الدولية والمحكمة الدولية. صحيح أن رئيس وزراء إسرائيل لا يريد إنهاء الحرب بهذه الصورة، وكان ماضيًا نحو احتلال كل قطاع غزة وتهجير سكانه بشكل كلي، وخلفه اليمين الديني الإسرائيلي الذي يرى أن غزة والضفة الغربية جزء من إسرائيل الكبرى. هذا المعتقد دفع بترامب، الحليف الأقوى لإسرائيل، إلى أن يضع حدًا له. هناك جملة أسباب دفعت رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، منها العالم الثائر ضد ما تقوم به إسرائيل من تجويع سكان غزة وإبادتهم، فضلًا عن كسب العالم العربي والإسلامي السني الذي بدأ يتململ وكأنه يبحث عن حلفاء بعيدًا عن الولايات المتحدة.
اليمين المتطرف في إسرائيل قد لا يغادر الحكومة فورًا بعد توقيع الاتفاق، فهناك بصيص أمل لديه بعودة نتنياهو إلى الحرب بعد تحرير الأسرى. وهناك عدة نقاط في خطة ترامب تشكل براميل بارود قد تنفجر في أي لحظة، منها خرائط الانسحاب، وهذه بحد ذاتها نقطة خلاف بارزة وليست نقاط التقاء.
هناك خيبة أمل في صفوف اليمين الإسرائيلي تجاه ترامب، كما ظهر في خطابهم في الأيام الأخيرة، حيث تغير وصفه من “المنقذ” إلى القول إنه يجب “احترام ترامب، ولكن مع التشكيك بكل وعوده وسياساته”.
اليمين الديني في إسرائيل يريد تنفيذ برنامجه التوراتي من خلال وجود نتنياهو زعيمًا لإسرائيل وهو الشخص الوحيد الذي يلبي ما يصبو إليه بينما يسعى نتنياهو لتثبيت حكمه أطول مدة ممكنة
بالعودة قليلًا إلى الوراء، عندما لجأ نتنياهو في تشكيل حكومته السادسة عبر تاريخه، والـ37 عبر تاريخ إسرائيل، في ديسمبر 2022، إلى اليمين المتشدد (الديني والقومي)، ليشكل حكومة صُنفت بأنها “الأكثر تطرفًا في تاريخ إسرائيل”. وهي الحكومة التي رآها إنقاذًا لمسيرته السياسية، وحصنًا له ضد التهم الجنائية التي تلاحقه. فهو يحاول قدر المستطاع الحفاظ عليها ثابتة حتى استحقاق المرحلة التالية لانتخابات الكنيست المزمع عقدها بعد سنة من الآن.
لا أحد يعرف ماذا يخطط نتنياهو لإفساد الاتفاق. المهم أنه يحاول عرقلته في المرحلة التالية. المرحلة الأولى، وهي إطلاق سراح الأسرى لدى الفصائل سواء أحياء أم أموات، تضعه على أرضية صلبة. المعروف عن نتنياهو المتمرس سياسيًا وأسلوبه الخداع أنه لا يستسلم بهذه السهولة، ولن يضع رقبته على المقصلة دون أن يقاوم بكل السبل. الحقيقة التي لا يجب أن تُغفل هي التقارب الفكري بين الليكود (اليمين العلماني) وبين اليمين الديني، فكلاهما له مصلحة عند الآخر. اليمين الديني في إسرائيل يريد تنفيذ برنامجه التوراتي من خلال وجود نتنياهو زعيمًا لإسرائيل، وهو الشخص الوحيد الذي يلبي ما يصبو إليه. وأيضًا بالنسبة لرئيس وزراء إسرائيل، له مصلحة عند اليمين الديني لتثبيت حكمه أطول مدة ممكنة.
الرئيس الأمريكي يريد، كما أسلفت في متن هذه المقالة، الحفاظ على إسرائيل وتجميل صورتها أمام العالم، وهذا مهم. كما يرنو إلى أبعد من ذلك: الحصول على جائزة نوبل للسلام. في وقت سابق، أشاد الرئيس الإسرائيلي إسحق هيرتسوغ بدور الرئيس الأميركي دونالد ترامب في التوسط للتوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وحركة حماس لإنهاء الحرب في غزة، قائلًا إنه يستحق جائزة نوبل للسلام لجهوده. أما الرئيس التايواني لاي تشينغ تي فقال إنه يتعين منح الرئيس الأميركي دونالد ترامب جائزة نوبل للسلام إذا أقنع نظيره الصيني شي جين بينغ بالتخلي عن استخدام القوة ضد بلاده. وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن عدم حصوله على جائزة نوبل للسلام إهانة كبيرة لبلاده.
من جهتها، قالت اللجنة النرويجية لجائزة نوبل للسلام إن ضغوط ترامب لن تؤثر على مناقشتها في اختيار اسم الفائز الذي سيُعلن عنه يوم 10 من أكتوبر/تشرين الأول الجاري.