"غاليري"... اختبار دم يمكن من كشف 50 نوعاً من الأمراض السرطانية
كشفت دراسة أميركية عن وسيلة مختبرية جديدة لرصد أكثر من 50 نوعاً من الأمراض السرطانية في مراحل مبكرة عن طريق فحص دم جديد يُعرف باسم “غاليري. ومن شأن هذا الاختبار أن يحدث تحوّلا حقيقيا في نتائج علاج السرطان عالميا.
وقدمت نتائج الاكتشاف في مؤتمر الجمعية الأوروبية لطب الأورام في برلين، وأثارت اهتماماً واسعاً في الأوساط الطبية.
ويعمل الاختبار، الذي يمكن إجراؤه سنوياً، عبر رصد الحمض النووي(دي ان اي)الذي تطرحه الخلايا السرطانية في مجرى الدم، لتحديد وجود إشارات مبكرة للمرض حتى قبل ظهور الأعراض.
ووفق نتائج تجربة سريرية كبرى أُجريت في الولايات المتحدة وكندا تُعرف باسم “باثفيندر 2″، فإن 61.6في المئة من الأشخاص الذين أظهر التحليل لديهم “إشارة سرطان” ثبت لاحقاً إصابتهم الفعلية، فيما نجح الاختبار في تحديد العضو أو النسيج المصاب بالسرطان بدقة بلغت 92في المئة.
كما أظهرت التجربة أن 53.5 في المئة من السرطانات التي اكتشفها الاختبار كانت في المرحلة الأولى أو الثانية، بينما بلغت نسبة الحالات المكتشفة في المراحل المبكرة (من الأولى إلى الثالثة) 69.3في المئة.
وفي المقابل، أثبت الاختبار دقةً عالية في استبعاد الإصابة لدى الأصحاء، إذ تمكّن من نفي وجود السرطان بشكل صحيح في 99.6في المئة من الحالات.
الباحثون متحمسون جداً، ويرون في هذا الاختبار خطوة إضافية على طريق إحداث تحوّل حقيقي في نتائج علاج السرطان عالميا
وقال رئيس قسم الأعمال الدولية والقطاع الدوائي في شركة “غريل” المطوّرة للاختبار، والرئيس السابق لمؤسسة أبحاث السرطان البريطانية، سير هربال كومار، إن النتائج “مبشّرة للغاية”.
وبين كومار أنّ الدراسة هدفت إلى معرفة القيمة المضافة للاختبار إلى جانب برامج الفحص التقليدية، مثل فحوص الثدي والأمعاء، مشيراً إلى أن إضافة “غاليري” إلى هذه البرامج أدت إلى زيادة اكتشاف السرطان بسبعة أضعاف خلال عام واحد.
كما شملت الدراسة 23.161 مشاركاً من الولايات المتحدة وكندا لا يعانون من أي أعراض، وتمت متابعتهم لمدة لا تقل عن 12 شهراً، وخلال التجربة، اكتشف الاختبار “إشارة سرطان” لدى 216 شخصاً، ليتبيّن لاحقاً أن 133 منهم مصابون فعلاً بالمرض.
ومن المنتظر أن تُنشر نتائج تجربة مماثلة تُجريها هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية منتصف العام المقبل، لتقييم فعالية الاختبار في الكشف المبكر بين الأشخاص الأصحاء في بريطانيا.
ويرى كومار، أن النتائج الإيجابية المتوقعة قد تفتح الباب أمام إمكانية اكتشاف أعداد أكبر من السرطانات في مراحل مبكرة، ما يتيح استخدام علاجات أكثر فاعلية وربما شافية.
وتجعل قدرة الاختبار على تحديد مكان الورم بدقة عملية التشخيص أسرع وأكثر كفاءة، ويمكن استخدامه أيضًا في مساعدة الأطباء على تشخيص الحالات ذات الأعراض الغامضة.
وتُظهر النماذج البحثية أن استخدام اختبار “غاليري” سنوياً لمن تجاوزوا الخمسين عاماً وهي الفئة العمرية التي تبدأ فيها معدلات السرطان بالارتفاع يمكن أن يقلل بنسبة 49في المئة من حالات التشخيص المتأخر، ويخفض الوفيات بنسبة 21في المئة خلال خمس سنوات، مقارنةً بالرعاية التقليدية.
ووصف نيتزان روزنفيلد، مدير معهد بارتس للسرطان في لندن، النتائج بأنها مبشّرة للغاية، موضحًا أن أكثر من نصف السرطانات المكتشفة كانت في مراحل مبكرة (الأولى والثانية)، وأن أكثر من 75في المئة من هذه الحالات لا تشملها برامج الفحص التقليدية، ما يجعل من الاختبار دليلاً قوياً على إمكانيته في تحسين فرص الكشف المبكر وإنقاذ الأرواح.
ويُنتظر أن يشكّل اختبار”غاليري ” نقلةً نوعية في أساليب فحص السرطان خلال السنوات المقبلة، مع آمال بأن يُعتمد قريبًا كاختبار دمٍّ سنوي للأشخاص فوق سن الخمسين، تمهيدًا لحقبة جديدة في الطب الوقائي والكشف المبكر عن الأورام الخبيثة.