ستيلانتيس تضفي زخما جديدا على صناعة السيارات في المغرب

تدشين توسعة مصنع المجموعة في القنيطرة باستثمار 1.2 مليار يورو.
الأربعاء 2025/07/23
ترسيخ القطاع بخطوط إنتاج إضافية

تلقت صناعة السيارات في المغرب دفعة قوية مع تدشين أحد أكبر المصنعين منشأته الجديدة بعد القيام بتوسعتها في سياق خطط زيادة الإنتاج خلال السنوات المقبلة، في خطوة تؤكد زخم بيئة الأعمال في البلاد وتعزز في الوقت نفسه ريادة البلد قاريّا وتزيد من ثقة المستثمرين الدوليين بالمغرب.

القنيطرة (المغرب) - شكل تدشين مجموعة ستيلانتيس الأسبوع الماضي توسعة منشأتها لتصنيع السيارات في القنيطرة، باستثمار بلغ 1.2 مليار يورو، منها 702 مليون يورو في شكل استثمارات لدى الموردين، نقطة تحول جديدة للقطاع.

ويرى الخبراء أن الخطوة تمثل مرحلة جديدة في شراكة صناعية بدأت في عام 2016، حيث أن هذه التوسعة التي تحمل رمزية كبيرة، تترافق مع مشاريع ضخمة تعزز مكانة المغرب في سلسلة القيمة العالمية لقطاع السيارات.

وتتوقع الحكومة أن تساعد هذه التوسعة على مضاعفة طاقة الإنتاج، مع معدل اندماج مستهدف يبلغ 75 في المئة بحلول سنة 2030، وهو ما يرسخ مكانة المغرب كمنصة مستقبلية للاستثمارات المتعلقة بالتنقل المستدام والكهربائي وسلاسل التوريد المبتكرة.

عزيز أخنوش: المشروع يجسد طموحات ميثاق الاستثمار الجديد للمغرب
عزيز أخنوش: المشروع يجسد طموحات ميثاق الاستثمار الجديد للمغرب

ويؤكد هذا الإنجاز أن صناعة السيارات في السوق المغربية صارت ركيزة إستراتيجية لصناعة اقتصادية مستقبلية، تجمع بين الإنتاجية المتنامية والصادرات الضخمة والتحول نحو المركبات الكهربائية.

وأشاد رئيس الحكومة عزيز أخنوش بشراكة “مثالية بكل المقاييس” إذ تمثل تجسيدا لالتزام متبادل وقوي وترجمة للرؤية الصناعية التي تقودها بلاده، تحت قيادة العاهل المغربي الملك محمد السادس، وأن هذا المشروع يعزز ريادة المغرب قاريا في قطاع السيارات.

وقال إن “العلاقة مع ستيلانتيس تعكس أيضا ثقة المستثمرين الدوليين في المغرب الذي أصبح مركزا إستراتيجيا في المنطقة، مع مشاريع طموحة تهدف إلى إنتاج سنوي يزيد عن مليون مركبة.”

وشدد أخنوش على أن “المشروع يجسد طموحات ميثاق الاستثمار الجديد والسياسات الصناعية للمملكة تحت القيادة الرشيدة للملك محمد السادس،” مبرزا أن هذه التوسعة تحفز الارتقاء بالإنتاج الوطني والاندماج المحلي وتطوير نسيج اقتصادي مهيكل وتنافسي.

ويؤكد المشروع الارتقاء القوي للمغرب كمنصة صناعية وتكنولوجية كبرى، فضلا عن استقطابه لأكبر العلامات التجارية العالمية.

واعتبر أخنوش أنه يعزز أيضا مكانة المغرب في سلسلة القيمة العالمية للمركبات الكهربائية، بفضل الزيادة في الطاقة الإنتاجية السنوية للمركبات الكهربائية ومحطات الشحن.

وأضاف “المشروع، الذي يتضمن أيضا مكونا مخصصا للمحركات، يرسخ مكانة القطاع في الفروع الإستراتيجية للمركبات ذات القيمة المضافة العالية.”

كما أكد أن “تجسيد هذا المشروع يعد ثمرة التزام قوي من الجانبين وتعاون نموذجي بين جميع الفاعلين من القطاع العام والخاص.”

وشهد القطاع خلال النصف الأول من سنة 2025 ديناميكية قوية تجسدت في تسجيل نمو بنسبة 36 في المئة في حجم الإنتاج، بحسب ما ورد في بيان وزارة الصناعة والتجارة مطلع يوليو الجاري.

سمير شرفان: ستيلانتيس تجاوزت التزاماتها في إطار تعزيز القيمة للبلد
سمير شرفان: ستيلانتيس تجاوزت التزاماتها في إطار تعزيز القيمة للبلد

ويدل ذلك المؤشر على كفاءة التوجهات الصناعية الوطنية التي تُراكم مكاسبها منذ أكثر من عقدين، كما يعكس تموقع المغرب الريادي بصفته أول مصدر للسيارات في القارة الأفريقية.

ويعزز هذا الأداء الثقة بالرؤية الإستراتيجية التي تنبني على التصنيع التنافسي وتكامل سلاسل القيمة وجاذبية المنظومة المغربية للاستثمار الصناعي.

وتهدف الحكومة إلى رفع القدرة الإنتاجية السنوية إلى ما بين 1.3 و1.4 مليون سيارة خلال السنوات الثلاث المقبلة، على أن يصل العدد إلى مليوني مركبة في نهاية العقد الحالي.

وأكد وزير الصناعة والتجارة رياض مزور على القفزة التي تحققت مع هذه التوسعة. وقال لقد “وصل موقع القنيطرة الآن إلى قدرة إنتاجية تزيد عن مليون سيارة سنويا.”

وأشار إلى أن هذا الاستثمار يتجاوز مجرد مضاعفة القدرات، فهو يجسد طموحا مشتركا “وتعزيزا لسيادتنا الصناعية والتكنولوجية،” من خلال زيادة التكامل المحلي وتوليد وظائف مؤهلة. وتجسد هذه الشراكة، حسب قوله، مسار “صنع في المغرب.”

وبالإضافة إلى العوائد الاقتصادية ستوفر هذه التوسعة 3100 فرصة عمل مباشر، خاصة لفائدة شباب المنطقة، ما سيسهم في تحقيق أهداف خارطة طريق قطاع التشغيل التي توليها الحكومة اهتماما خاصا.

وأكد سمير شرفان، مدير العمليات في ستيلانتيس لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، على متانة الشراكة التي بدأت في عام 2016؛ فـ”منذ بدء هذا التعاون، تجاوزت ستيلانتيس الالتزامات الأولية، في إطار تعزيز القيمة للبلد.”

إدريس الفينة: لا بد من زيادة عدد المناطق الصناعية على غرار القنيطرة
إدريس الفينة: لا بد من زيادة عدد المناطق الصناعية على غرار القنيطرة

وباتت المجموعة التي تأسست في يناير 2021 بعد اندماج الشركة الإيطالية – الأميركية فيات كرايسلر وبي.أس.أي الفرنسية، ومقرها أمستردام، أحد أبرز اللاعبين الرئيسيين في السوق العالمية، وهو ما يمنح المغرب فرصة لتوسيع أعماله مستقبلا في ظل المنافسة القوية.

وأطلقت ستيلانتيس في موقع القنيطرة إنتاج محطات شحن كهربائية، بقدرة سنوية تبلغ 204 آلاف وحدة، وهي إشارة قوية إلى دعم التحول في مجال الطاقة والالتزامات المستدامة للمجموعة، بما يتماشى مع خطتها الإستراتيجية دير فورورد (تجرأ على المضي قدما) 2030.

وتعد السيارات من أنجح الصناعات المغربية وأسرعها نموا وتبقي رؤية تأثير القرار على صادرات القطاع، إذ وفقا لبيانات مكتب الصرف يصدر المغرب ما يقارب 1.5 مليار درهم (150 مليون دولار) سنويا من السيارات وأجزائها نحو السوق الأميركية، مثلا.

ولفت إدريس الفينة رئيس المركز المستقل للتحليلات الإستراتيجية إلى أن بعض الصناعات استفادت من مساهمة الدولة، من بينها صناعة السيارات، ما ساهم في تطور القطاع في مواقع الإنتاج بطنجة والقنيطرة والدار البيضاء، حيث كانت هناك إرادة قوية للدولة وأحيانا تدخل الملك محمد السادس شخصيا.

وقال لـ”العرب” إنه “لأجل توسيع هذه الصناعة الإستراتيجية، لا بد من زيادة عدد المناطق الصناعية على غرار القنيطرة التي تضم مصانع السيارات، كون أغلب المدن لا توجد فيها مناطق صناعية.”

وأضاف “إلى جانب ذلك يجب التركيز أكثر على تأهيل اليد العاملة، وعلى زيادة مرونة سياسة الإعفاءات الضريبية، وأيضا جذب المزيد من الاستثمارات الخارجية.”

وبلغ عدد السيارات التي تم تصنيعها في المغرب 350 ألف وحدة خلال الأشهر الستة الأولى من سنة 2025، مقابل ما يقارب 257 ألف وحدة في الفترة نفسها من سنة 2024.

ويعكس هذا الرقم نموا كميا ملحوظا يُعزى بالأساس إلى التوسع المستمر للمنصات الصناعية بكل من طنجة والقنيطرة، ومن المتوقع أن يتجاوز حجم المشتريات من الموردين المغاربة 6 مليارات يورو بحلول عام 2030.

Thumbnail
10