قطاع الصيد البحري في غزة يحصي الثمن الباهظ للحرب

القصف الإسرائيلي على غزة دمر كامل البنية التحتية للموانئ في القطاع.
الأحد 2025/10/26
جرب حظك

غزة - استيقظ الصيادون في غزة على حجم الخسائر التي خلفتها الحرب الإسرائيلية على القطاع بعد أن انعكست آثارها الثقيلة مباشرة على أعمالهم، وسط محاولات مضنية لتفكيك العقبات الكبيرة تدريجيا بعد اتفاق وقف العدوان لمواصلة نشاطهم.

ومنذ بداية التصعيد العسكري الإسرائيلي في أكتوبر 2023 بعد إطلاق حركة حماس طوفان الأقصى، تعرض قطاع الصيد البحري في غزة لدمار شبه كامل، مما أدى إلى انهيار هذا القطاع الحيوي الذي كان يشكل مصدر رزق لأكثر من 20 ألف شخص.

نزار عياش: الدمار جعل من الصعب على الصيادين استئناف عملهم
نزار عياش: الدمار جعل من الصعب على الصيادين استئناف عملهم

وقال نقيب الصيادين في غزة نزار عياش إن “الخسائر التي لحقت بهذا المجال نتيجة الحرب الإسرائيلية تجاوزت 75 مليون دولار،” محذرا من انهيار هذا القطاع الحيوي الذي يعد مصدر الدخل الرئيسي لآلاف العائلات.

وأوضح عياش، في تصريحات أوردتها وكالة الأنباء الألمانية الأحد، أن “القصف الإسرائيلي أدى إلى تدمير شامل للبنية التحتية للموانئ.”

وشملت الأضرار كلا من ميناء غزة الرئيسي وميناء شمال القطاع، إلى جانب أضرار لحقت بنحو 70 في المئة من مرافق الموانئ في المنطقتين الوسطى والجنوبية.

وتطرق عياش أيضا إلى مسألة الدمار الذي طال المراكب ومعدات الصيد ومخازن التخزين، فضلا عن فقدان أدوات الملاحة والاتصال، وهو ما جعل من الصعب على الصيادين استئناف عملهم أو إصلاح ما تبقى من ممتلكاتهم في ظل الإمكانيات المحدودة.

ووفقا لتقرير أصدرته شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية (بي.أن.جي.أو) في سبتمبر 2024، لقي 150 صيادا مصرعهم، وتعرضت 87 في المئة من قوارب الصيد للتدمير أو الأضرار، بما في ذلك 96 قاربًا مزودًا بمحركات و900 قارب غير مزود بمحرك.

كما تم تدمير ميناء غزة والبنية التحتية الرئيسية لقطاع الصيد، مما أدى إلى خسائر غير مباشرة تقدر بحوالي 7 ملايين دولار شهريًا.

وإلى جانب تدمير الأراضي الزراعية وغيرها من البنى التحتية لإنتاج الغذاء، والقيود الصارمة على دخول المساعدات والسلع والإمدادات التجارية، ساهم استهداف الجيش الإسرائيلي لصيادي غزة والبنية التحتية للصيد بشكل مباشر في خطر المجاعة.

وفي مايو الماضي أفادت منظمة الأغذية والزراعة (فاو) بأن إنتاج الأسماك في غزة انخفض بنسبة 94 في المئة، حيث تراجع متوسط الإنتاج اليومي إلى 7.3 في المئة فقط من مستويات عام 2022.

وقالت فاو في تقرير نشرته على منصتها الإلكترونية آنذاك “يُبرز هذا الوضع الحاجة المُلحة إلى تنسيق جهود الإنعاش، بما في ذلك ترميم البنية التحتية للصيد، ودعم العمال المتضررين، والاستثمار المُستدام لإعادة بناء القطاع وحماية سبل العيش التي يُحافظ عليها.”

وتسبب الحصار البحري المفروض على غزة في تقليص مناطق الصيد إلى نطاق ضيق للغاية، مما جعل الصيادين عرضة للاستهداف المباشر من قبل الزوارق الحربية الإسرائيلية.

وتضاف هذه التحديات إلى أزمة إنسانية أوسع، حيث تشير تقارير البنك الدولي إلى أن اقتصاد غزة انكمش بنسبة 86 في المئة، مع ارتفاع أسعار السلع الأساسية بنسبة 250 في المئة، ما يعكس حجم التلاشي شبه الكامل للثروة والقدرة الإنتاجية في القطاع.

75

مليون دولار حجم الخسائر التقديرية لهذا المجال مع تدمر الموانئ وقوارب الصيد ومصرع قرابة 150 صيادا

وفي ظل هذه الظروف القاسية يبذل الصيادون جهودًا مضنية للعودة إلى البحر، إلا أنهم يواجهون تحديات كبيرة جدا في تأمين المعدات والوقود، مما يهدد بتدهور الوضع الغذائي والاقتصادي في القطاع بسبب القيود الإسرائيلية.

وأشار عياش إلى أن إسرائيل لا تزال تفرض قيودا مشددة على حركة الصيد داخل المياه الإقليمية لقطاع غزة، إذ يُسمح فقط بالإبحار لمسافات قصيرة باستخدام قوارب صغيرة، وهو ما يقلص حجم الإنتاج اليومي بشكل كبير.

وكانت إسرائيل قد سمحت في سبتمبر 2021 بتوسيع مساحة الصيد في غزة إلى 15 ميلا بحريا، ضمن إجراءات كثيرة مشروطة تتعلق بالتجارة وزيادة حصة القطاع من المياه.

كما أفاد عياش بأن القوات الإسرائيلية اعتقلت عددا من الصيادين أثناء عملهم في عرض البحر، رغم عدم تشكيلهم أي خطر أمني، معتبرا أن هذه الإجراءات تزيد من معاناة العاملين في هذا المجال.

وحذر من أن استمرار تعطل الموانئ وغياب التعويضات قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية والمعيشية لآلاف الأسر التي تعتمد بشكل كامل على مهنة الصيد، في وقت يعاني فيه القطاع الساحلي من حصار طويل الأمد وارتفاع في معدلات البطالة والفقر.

ودعا عياش المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية إلى التدخل العاجل لإعادة إعمار موانئ الصيد وتعويض المتضررين، مؤكدا أن قطاع الصيد يشكل أحد أعمدة الأمن الغذائي في غزة ويوفر فرص عمل لعدد كبير من السكان.

Thumbnail