ثورة الشحن السريع تُنهي قلق مدى السيارات الكهربائية

مرسيدس - بنز تطور تقنيات أكثر تقدما وتقوم بالتجارب على سيارتها إي.كيو.إكس.إكس الاختبارية.
الأربعاء 2025/10/15
عشر دقائق فقط وانطلق

مع تسارع التحوّل نحو التنقل الكهربائي، ظلّ ما يُعرف بـ”قلق المدى” عائقاً نفسياً وعملياً أمام تبني السيارات الكهربائية على نطاق واسع. لكن اليوم، تقود تقنيات الشحن السريع ثورة جديدة في هذا المجال، حيث أصبحت دقائق معدودة كافية لقطع مئات الكيلومترات، من خلال ابتكار حلول أكثر فاعلية تجسدها شركة مرسيدس – بنز على نماذجها القادمة.

شتوتغارت (ألمانيا) - تُظهر تقنية الشحن السريع الجديدة من مرسيدس – بنز أن القفزة التالية في عالم السيارات الكهربائية لن تأتي من البطاريات أكبر حجما، بل من سرعة شحنها.

ولطالما كان قلق المدى أحد أبرز العوائق النفسية والتقنية التي وقفت في وجه الانتشار الواسع للسيارات الكهربائية. وينبع ذلك من الخوف من نفاد شحن البطارية أثناء القيادة دون وجود محطة شحن قريبة، وهي فكرة كافية لدى الكثيرين لتفضيل المركبات التقليدية رغم وعيهم البيئي.

لكن هذه المعادلة بدأت تتغير بشكل لافت مع ظهور تقنيات الشحن السريع التي تعِد بتجاوز هذه المشكلة جذريًا، وتعيد تشكيل الطريقة التي ننظر بها إلى مستقبل التنقل الكهربائي.

والشحن السريع لم يعد مفهومًا نظريًا أو حكرًا على بعض النماذج الفاخرة، بل أصبح واقعًا يتطور بسرعة كبيرة. فبفضل التحسينات في كيمياء البطاريات واستخدام أنظمة فولطية عالية، بات بالإمكان شحن السيارات بنسبة كبيرة في غضون دقائق معدودة.

أغنوس ماغينزي: الوزن الزائد يعني المزيد من الأضرار على الطرق
أغنوس ماغينزي: الوزن الزائد يعني المزيد من الأضرار على الطرق

وكل يوم تظهر سيارات جديدة تُعلن قدرتها على إضافة المئات من الكيلومترات إلى المدى خلال أقل من عشر دقائق، وهو ما يُقارب زمن ملء خزان الوقود في السيارات التقليدية.

وهذه القفزة التقنية لم تأتِ فقط من تحسين أداء البطاريات، بل من تطور محطات الشحن ذاتها، حيث باتت بعض المحطات تدعم قدرات شحن تتجاوز 350 كيلوواط، ومعها تغيّر المشهد تمامًا.

والجانب الآخر من الثورة يتمثل في انتشار محطات الشحن السريع حول العالم، خاصة في الطرق السريعة والمناطق الحضرية المزدحمة.

ورغم هذه العقبات، فإن الاتجاه العام يُشير إلى مستقبل مشرق لهذه النوعية من المركبات. فالمصنعون يدفعون بحدود التقنية إلى الأمام، والحكومات تستثمر في توسيع شبكات الشحن.

كما أن المستخدمين أصبحوا أكثر تقبلاً للفكرة، خاصة مع توافر تطبيقات ذكية تتيح معرفة مواقع المحطات، ومدى توفرها، وحتى إمكانية حجز الشحن مسبقًا. وهذا التحول يعزز من شعور المستخدم بالراحة والأمان، ويُقلل من التوتر الذي كان يصاحب السفر أو التنقل لمسافات طويلة بسيارة كهربائية.

ولا تشغل البطارية الأكبر مساحة أكبر في السيارة فحسب، بل تُضيف أيضًا تكلفةً ووزنًا أكبر بكثير، وخاصةً الوزن. وعلى سبيل المثال، تتميز شاحنة جي.أم.سي سييرا أي.تي 4 إي.في ببطارية بقوة 205 كيلوواط/ساعة، تُوفر مدىً رائعًا مُصنفًا من قِبل وكالة حماية البيئة الأميركية يبلغ 770 كيلومترا.

لكن وزن الشاحنة يبلغ 4.4 طن، أي أكثر بنسبة 48 في المئة تقريبًا من شقيقتها بمحرك الاحتراق الداخلي، سييرا أي.تي 4 إكس – أي.إي.في إيديشن.

وهذا الوزن الزائد يعني المزيد من الأضرار على الطرق وزيادة خطر الوفاة والإصابة لركاب المركبات الأخرى في حالة وقوع تصادم، بحسب ما يقول الخبير أغنوس ماغينزي لمنصة موتور تريند المتخصصة في السيارات.

وعلاوة على ذلك، يستغرق الأمر 30 دقيقة لإعادة شحن بطارية سيارة أي.تي 4 إي.في لمسافة 342 كيلومترا باستخدام شاحن بقوة 350 كيلوواط، بينما يستغرق ضخ خزان الوقود في أي.تي 4 إكس – أي.إي.في إيديشن عشر دقائق، ما يكفي لقطع 580 كيلومترا.

السيارة الاختبارية مزودة بنظامي شحن سريع، أم.سي.أس، مصمم للشاحنات الثقيلة وسي.سي.أس المُحسّن المستخدم للمركبات

وعندما يتعلق الأمر بمعالجة قلق المدى، فإن البطارية الأكبر حجماً تُعتبر أداة غير فعالة، كما يقول مهندسو مرسيدس – بنز. ولهذا السبب، فإن الشركة، تتطلع الآن إلى الشحن السريع.

واستكشفت الشركة مجموعة متنوعة من تقنيات إدارة المركبات والبطاريات عالية التقنية لتحسين المدى مع سيارة إي.كيو.إكس.إكس الاختبارية، التي قطعت مسافة 1200 كيلومتر من شتوتغارت إلى سيلفرستون بشحنة واحدة من بطاريتها التي تبلغ قوتها 100 كيلوواط/ساعة.

وفي الواقع، كان الشحن السريع، إلى جانب تقنيات إدارة درجة حرارة البطارية المتقدمة، العامل الحاسم في تمكين سيارة مرسيدس أم.أي.جي – جي.تي إكس.إكس الكهربائية من قطع مسافة 40.2 ألف كيلومتر في أقل من ثمانية أيام بمتوسط سرعة يزيد عن 217 كيلومترًا في الساعة.

وتفسر كل هذه الخلفية أحدث مركبة بحثية للسيارات الكهربائية من مرسيدس – بنز، إي.أل.أف وهو اختصار لاسم ” التجريبية لاد فاهرزيوغ،” والتي تعني بالألمانية “مركبة الشحن التجريبية”.

ويقول مالتي سيفرز، مهندس التطوير في مرسيدس – بنز، إن إي.أل.أف هي في الأساس مختبر متحرك على عجلات مصمم لاختبار مجموعة متنوعة من تقنيات الشحن السريع.

ويضيف “عندما نحاول بناء أفضل مركبة، وأسرع مركبة شحن، من المهم أن يكون لدينا فهم جيد لما يمكن أن تقدمه البنية التحتية للشحن في الوقت الحالي وما نحتاجه لتكون قادرة على القيام به في السنوات القادمة.”

وسيارة إي.أل.أف مزودة بنظامي شحن سريع، نظام أم.سي.أس، المصمم للشاحنات الثقيلة والذي يسمح بمعدلات شحن تصل إلى ألف كيلوواط، أو ميغاواط واحد، ونظام سي.سي.أس المُحسّن المستخدم في تسجيل سيارة أم.أي.جي – جي.تي إكس.إكس رقمًا قياسيًا.

مالتي سيفرز: إي.أل.أف هي مختبر متحرك لتقنيات الشحن السريع
مالتي سيفرز: إي.أل.أف هي مختبر متحرك لتقنيات الشحن السريع

كما يُمكنه اختبار أنظمة الشحن الاستقرائي، والشحن ثنائي الاتجاه من السيارة إلى المنزل، ومن السيارة إلى المبنى، ومن السيارة إلى الشبكة الكهربائية.

وتُستخدم أجهزة وبرامج أم.سي.أس كأداة بحث لاختبار المرونة الحرارية وحدود أداء البطاريات عالية الجهد، وإلكترونيات الطاقة، وكابلات الشحن، وغيرها من المكونات في الظروف القاسية.

ويُمكن لنظام سي.سي.أس في سيارة إي.أل.أف تحقيق معدل شحن يصل إلى 900 كيلوواط، ما يعني إمكانية إضافة 100 كيلوواط/ساعة من الطاقة في 10 دقائق فقط.

وهذه الطاقة كافية نظريًا لدفع شاحنة جي.أم.سي سييرا الكهربائية أي.تي 4 لمسافة 378 كيلومترا تقريبًا إذا كانت بطارية الشاحنة وهيكلها الكهربائي قادرين على تحمل معدل شحن عالٍ كهذا.

ومن الجدير بالذكر أن المكونات المستخدمة في نظام الشحن السريع سي.سي.أس في سيارة إي.أل.أف، مثل البطارية وبرنامج التحكم في الشحن، أصبحت جاهزة للإنتاج قريبًا، وسيتم دمجها في طرازات مرسيدس – بنز المستقبلية، وفقًا لسيفرز.

وتخطط مرسيدس للبدء في تركيب نسخة من نموذج شاحن أتش.واي.سي ألف سي.سي.أس، الذي طورته شركة ألبيترونك الأوروبية المتخصصة في الشحن، لاختبار سيارة أي.أم.جي جي.تي إكس.إكس النموذجية في محطات شحن الشركة الخاصة بها في عام 2026.

10