انطلاقة جديدة للتكفل بأطفال التوحد في الجزائر
الجزائر ـ يشكل اضطراب طيف التوحد في الجزائر مشكلا رئيسا من مشكلات الصحة العمومية، وهو يصيب 450 ألف شخص حسب إحصائيات وزارة الصحة والسكان لسنة 2021.
وتُعد الجزائر، نموذجا لاستجابتها لتحديات التوحد حيث أمر الرئيس عبد المجيد تبون باستحداث مركز وطني وملاحق جهوية للتكفل بالأطفال المصابين بالتوحد، يستفيدون فيها من التعليم والتكفل الأمثل.ووجه الرئيس بالحرص ضمن البرامج البيداغوجية على ألا تتأثر هذه الفئة نفسيا بالابتعاد عن أوليائهم خلال فترات التكفل بها في المراكز.
وكانطلاقة جديدة للتكفل بأطفال التوحد في البلد،أعطيت إشارة الانطلاق لإنجاز مركز خاص بالأطفال المصابين بالتوحد ومتلازمة داون، بمحافظة وهران.
وقالت وزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة، صورية مولوجي، في تصريح صحافي “إن هذا المركز الذي ستشرف على إنجازه مؤسسة “توسيالي” للحديد والصلب، يعد أحد أكبر مراكز التكفل بأطفال التوحد في الجزائر.
وأوضحت أن هذا المشروع “يأتي بعد القرار التاريخي لرئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، والقاضي بفصل التكفل بالأطفال المصابين بالتوحد عن الأطفال المعاقين ذهنيا”، مشيرة إلى أن قطاعها بصدد إصدار النصوص التنظيمية التي ستحدد مهام ووظيفة هذه المراكز المتخصصة، سواء على مستوى المحافظات أو على مستوى المركز الوطني للتكفل بالتوحد.
التوحد يعتبر اضطرابا نمائيا يصيب الطفل خلال الثلاث سنوات الأولى من عمره، وهي مرحلة تحتاج إلى الاهتمام به أكثر
وأضافت أن هذا المركز سيضطلع بتنفيذ المخطط الوطني للتوحد ومتابعة تنفيذ البرنامج التربوي والنفساني المكيف الذي تم الانتهاء من إعداده بالتعاون مع وزارتي الصحة والتعليم العالي ونخبة من الخبراء الجزائريين.
وتقدر قدرة استيعاب هذا المشروع بأزيد من 700 طفل، حيث يمتد على مساحة تزيد عن 11 ألف متر مربع، حسب مولوجي التي أضافت أن مدة الإنجاز حددت بـ 15 شهرا.
ومع كل دخول مدرسي تتزايد المخاوف لدى عائلات أطفال التوحد، وتطرح إشكالية التحديات المطلوبة لضمان تمدرس الطفل التوحدي، ومرافقته بما يعطي الأريحية لأولياء الأمور.
وترى نائب رئيسة المؤسسة الوطنية “إلياس” للتوحد، فوزية باشا، أن الزيادة المستمرة في عدد المصابين بطيف التوحد في الجزائر، تستدعي التخطيط لعدم حرمان مثل هؤلاء الأطفال المصابين به، من الدراسة، خاصة أن هؤلاء لديهم قدرات مذهلة وذكاء خارق، يجعلهم في حال مرافقتهم الوصول إلى أعلى المراتب، وإكمال مشوارهم الدراسي.
ودعت إلى التفكير في فتح مدارس خاصة بهؤلاء، مع زيادة عدد المرافقين المكونين، والمختصين في الأرطوفونيا، وعلم النفس، وعلم الاجتماع، مشيرة إلى أنه لحد الآن لا توجد أقسام خاصة بأطفال التوحد.
قدرة استيعاب المشروع تقدر بأزيد من 700 طفل، حيث يمتد على مساحة تزيد عن 11 ألف متر مربع
وأكدت أن العائلات التي تتواصل مع “إلياس” للتوحد، أكثرها تعلم أبنائها في مدارس خاصة، وتضطر لدفع على الأقل 3 ملايين ونصف مليون سنتيم شهريا، وهو مبلغ حسبها، لا يمكن أن توفره عائلات متوسطة الحال، أو التي لديها دخل ضعيف.
وقالت باشا، إنها متفائلة لمستقبل الأطفال المصابين بالتوحد العادي غير المصحوب باضطرابات ذهنية وعصبية، خاصة أنهم يستفيدون من التكنولوجيا، مضيفة أن هؤلاء ليسوا مرضى، بل لديهم فقط طفرة جينية تميزهم عن باقي أقرانهم.
بدوره، أكد الدكتور مسعود بن حليمة، أستاذ علم النفس العيادي بجامعة الجزائر، أن أغلب المصابين بطيف التوحد، هم أشخاص أذكياء وكثيرو الحركة، ولديهم قوة خارقة في السمع أو الملاحظة، ولكن المشكل أن التعامل معهم بنظرة دونية أو على أنهم مجانين، هو ما يولد لديهم أزمات نفسية، ويعرقل اندماجهم وسط باقي التلاميذ.
وقال إن طفل التوحد يحتاج مرافقة، وتفهما، وجعله يؤمن بقدراته، ويعيش في ظروف عادية، حيث أن عدم التفهم لوضع هؤلاء هو ما يؤدي إلى عزلهم وخلق مشاكل لسير تعلمهم.
وأوضح بن حليمة، أن التوحد يعتبر اضطرابا نمائيا يصيب الطفل خلال الثلاث سنوات الأولى من عمره، وهي مرحلة تحتاج إلى الاهتمام به أكثر، حيث يكون فيها المصاب غير واع تماما بما يحيط به.
وبحسب بن حليمة، يتمثل المشكل المتعلق بأطفال التوحد، في رفض استقبالهم من قبل المراكز التأهيلية، والرياض التي تتجاهل قبولهم، وأفاد أن بعض العائلات لديها نقص وعي وهي التي تضر بأبنائها ولا تستوعب بأنهم مصابون بطيف التوحد.