بلجيكا تنضم إلى فرنسا في دعم مبادرة الحكم الذاتي بالصحراء المغربية
الرباط- يواصل المغرب حشد الدعم الدولي لمبادرة الحكم الذاتي باعتبارها الحل الواقعي والنهائي للنزاع، قبل قرار مجلس الأمن بخصوص الصحراء المغربية، المقرر يوم 30 أكتوبر الجاري، في وقت تتزايد فيه الدعوات من أجل تسريع التوصل إلى حل للنزاع باعتماد المقاربة المغربية، وهو ما كشف عنه تقرير الأمم المتحدة، الذي أصدر الأربعاء.
وأعلنت بلجيكا، الخميس، دعمها الصريح لمبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب سنة 2007، معتبرة أن هذا المقترح يضع جهة الصحراء “في إطار سيادة المملكة ووحدتها الوطنية،” وأنه يشكل “الأساس الأكثر ملاءمة وجدية ومصداقية وواقعية للتوصل إلى حل سياسي” للنزاع الإقليمي المستمر منذ عقود.
وأكدت بلجيكا في إعلان مشترك بين وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة ووزير الخارجية والشؤون الأوروبية البلجيكي ماكسيم بريفو أنها ستتعامل “من الآن فصاعدا على المستويين الدبلوماسي والاقتصادي بناء على هذا الموقف،” معبرة عن وعيها بـ”الأهمية الوجودية لقضية الصحراء بالنسبة إلى المملكة المغربية”.
وأبرز خالد شيات أستاذ العلاقات الدولية بوجدة أهمية الاعتراف البلجيكي بالحكم الذاتي، الذي يضاف إلى اعترافات متوالية لبلدان أوروبية كبرى، على غرار إسبانيا وألمانيا وفرنسا، مؤكدا أنه يأتي في ظرفية تعرف مجموعة من التوجهات لتعزيز العلاقات بين المغرب ومجموعة الدول الأوروبية عموما وبلجيكا بشكل خاص وثقتها في المنظومة المؤسساتية المغربية السياسية والتنموية والاقتصادية.
الأمم المتحدة، من خلال المبعوث الشخصي للأمين العام ستافان دي ميستورا تواصل جهودها لإحياء مسلسل المفاوضات رغم العقبات المستمرة
وأضاف شيات في تصريح لـ”العرب” أن بلجيكا انخرطت الآن في مسار الاعتراف التصاعدي بالحكم الذاتي الذي يعرفه الملف، ونظرا إلى أن المملكة مستمرة في النمو والتأثير ذي الطبيعة الإستراتيجية في القارة الأفريقية فلا بد أن يكون موقف بروكسل ذا أثر إيجابي في ما يتعلق بالجانب المرتبط بقرارات الاتحاد الأوروبي تجاه الصحراء المغربية في إطار مسار الاعتراف التصاعدي بالحكم الذاتي الذي يعرفه الملف.
وعقب لقائه مع نظيره البلجيكي بالعاصمة بروكسل رحب ناصر بوريطة بهذا التطور، معتبرا أنه “اعتراف واضح بواقعية ومشروعية رؤية الملك محمد السادس للتسوية النهائية لهذا النزاع،” ومؤشر جديد على تنامي الدعم الدولي للمقاربة المغربية القائمة على الحوار والاستقرار الإقليمي.
ويأتي الموقف البلجيكي متزامنا مع تأكيد فرنسا على لسان وزير خارجيتها جون نويل بارو، الأربعاء في باريس، التزامها الكامل داخل الأمم المتحدة من أجل التوصل إلى حل سياسي نهائي للنزاع، يقوم حصرا على مقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب سنة 2007، باعتباره أساسا جادا وواقعياً للتسوية.
وأشار بيان وزارة أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسية، بعد لقاء جمع بوريطة ونظيره الفرنسي، إلى أن باريس ماضية في التزامها بدعم الجهود الأممية لحل قضية الصحراء في إطار يحترم سيادة المغرب ووحدته الترابية، مؤكدة أن مقترح الحكم الذاتي الذي تقدمت به الرباط قبل نحو عقدين لا يزال يشكل قاعدة التفاهم الوحيدة المطروحة للنقاش ضمن المسار الأممي.
وبحث الطرفان العلاقات الثنائية بين المغرب وفرنسا وسُبل تعزيز التنسيق بشأن القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، مشددين على أن الموقف الفرنسي يندرج في إطار دعم جهود الأمم المتحدة ومبعوثها الشخصي الرامية إلى إيجاد حل سياسي دائم ومتوافق عليه، بما يضمن الأمن والاستقرار في المنطقة، كما شدد الطرفان خلال اللقاء على أهمية مواصلة التنسيق المشترك وتعزيز التعاون الثنائي في المجالات والأمنية والثقافية، ما يعكس عمق الشراكة التي تربط البلدين.
وتحظى مبادرة الحكم الذاتي بدعم أكثر من 120 دولة حول العالم، بينها 23 بلدا من الاتحاد الأوروبي، كان آخرها بولونيا التي أعلنت، الثلاثاء الماضي، تأييدها الرسمي للمقترح المغربي، في سياق توسع غير مسبوق للاعتراف الدولي بمغربية الصحراء، دعمته الولايات المتحدة، وفرنسا، وبريطانيا، وإسبانيا، وألمانيا، وهولندا، ودول أخرى، ما يعكس تحولا متزايدا في موازين الدعم داخل الأمم المتحدة لصالح سيادة المغرب.
خالد شيات: تأثير متوقع لموقف بروكسل على قرارات الاتحاد الأوروبي
وعلى المستوى الأممي تحمل مسودة قرار جديدة بمجلس الأمن، من إعداد الولايات المتحدة، تعتبر مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية الإطار الوحيد للتسوية السياسية، مع جدول زمني لإنهاء النزاع قبل يناير 2026، موعد انتهاء ولاية بعثة “المينورسو”.
وفي هذا السياق، أكد الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في تقريره السنوي المقدم إلى مجلس الأمن الدولي حول الصحراء المغربية، تنامي الالتزام الدولي بإيجاد تسوية لهذه القضية التي تدخل عامها الخمسين.
ويسلط التقرير، الذي صدر الأربعاء، الضوء على الضرورة الملحة لاغتنام هذه اللحظة التاريخية بغية تسريع وتيرة السعي نحو تحقيق حل سياسي دائم.
وأشار التقرير إلى أن الأمم المتحدة، من خلال المبعوث الشخصي للأمين العام ستافان دي ميستورا تواصل جهودها لإحياء مسلسل المفاوضات رغم العقبات المستمرة، مؤكدا أن الدعم المتنامي الذي يعبّر عنه المجتمع الدولي يشكل منعطفا حاسما في هذا النزاع المستمر منذ خمسة عقود.
وسلط التقرير الضوء على عنصر أساسي يتمثل في الالتزام المتجدد المعبر عنه من قبل القوى الكبرى، التي تكثف دعواتها لإيجاد حل متفاوض بشأنه قائم على مبادرة الحكم الذاتي التي اقترحها المغرب.
وذكّر غوتيريش بتجديد واشنطن تأكيد موقفها الداعم للسيادة المغربية على الصحراء، وتشديدها على ضرورة “انخراط الأطراف دون تأخير في مفاوضات” تستند إلى المبادرة المغربية للحكم الذاتي كإطار وحيد، مضيفا أن الولايات المتحدة على استعداد لـ”تسهيل التقدم” نحو التوصل إلى حل.
كما أبرز الأمين العام موقف المملكة المتحدة الداعم لحل الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب، واصفة إياه بـ”الأكثر مصداقية وقابلية للتطبيق وبراغماتية” من أجل التوصل إلى تسوية دائمة. وأشار إلى أن لندن عبرت عن التزامها بـ”تقديم دعم فعال” لجهود المبعوث الشخصي للأمم المتحدة من أجل الدفع قدما بالعملية السياسية.
وشدد غوتيريش، في تقريره، على الحاجة الملحة لعمل منسق مع اقتراب الذكرى الخمسين للنزاع في نوفمبر 2025. واعتبر أن “هذه الذكرى لا تمثل وضعا مقلقا فحسب، بل أيضا فرصة لتجديد الالتزام الدولي بتسريع التوصل إلى حل.”