الإدارة المُحكمة تعزز الثقة بجدارة عمان الائتمانية

وكالة موديز ترفع تصنيف السلطنة إلى الدرجة الاستثمارية مع تسجيل انخفاض في عبء الديون.
السبت 2025/07/12
المؤشرات على أحسن ما يرام

حصلت سلطنة عُمان على ثاني ترقية إلى الدرجة الاستثمارية في أقل من عام، بعدما رفعت وكالة موديز تصنيفها السيادي من درجة غير مرغوب فيها، وهو مؤشر يؤكد مدى جدوى سياسات الحكومة لتجسيد رؤية 2040 والرامية إلى إحداث تغيير اقتصادي شامل.

مسقط - يعكس تحسين وكالة موديز التصنيف الائتماني لسلطنة عمان برفعها إلى درجة الاستثمار، بالتزامن مع انخفاض عبء الديون، قوة المالية العامة للبلد الخليجي وقدرة الاقتصاد على استيعاب الصدمات الاقتصادية الخارجية.

وفي أحدث تقييم نشر الخميس أشادت موديز بالإدارة المالية الفعّالة للحكومة، مشيرة إلى انخفاض كبير في الإنفاق الحكومي من أكثر من 41 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة 2016 – 2020 إلى 29 في المئة فقط حاليًا.

آرتي تشاندراسيكاران: المستثمرون اتخذوا مواقعهم بناء على توقعاتهم المسبقة
آرتي تشاندراسيكاران: المستثمرون اتخذوا مواقعهم بناء على توقعاتهم المسبقة

وتمت ترقية درجة تصنيف ديون السلطنة طويلة الأجل وغير المضمونة ذات الأولوية في السداد إلى بي.أي.أي 1 وهو أدنى تصنيف في الدرجة الاستثمارية من بي.أي 1، مرجعة ذلك إلى توقعات باستمرار تحسن معدلات الدين والمرونة في مواجهة انخفاض أسعار النفط.

وقالت الوكالة في بيان “نتوقع أن تظل مؤشرات ديون عمان قوية ومتسقة مع تصنيف بي.أي.أي 3 حتى في ظل السيناريوهات البديلة التي تنخفض فيها أسعار النفط عن افتراضنا للأجل المتوسط البالغ 65 دولارا للبرميل.”

ومع ذلك، عدلت موديز نظرتها المستقبلية لعمان من إيجابية إلى مستقرة، مما يشير إلى عدم توقع حدوث تغيير خلال الأشهر الإثني عشر المقبلة. وجعلت هذه الترقية تصنيف موديز مساوياً لتصنيف وكالة ستاندرد آند بورز غلوبال.

ونسبت وكالة بلومبيرغ إلى آرتي تشاندراسيكاران رئيسة إدارة الأصول في شركة شعاع كابيتال، ومقرها دبي، قولها “توقع العديد من مديري الصناديق النشطين هذه الخطوة مسبقاً، واتخذوا مواقعهم الاستثمارية بناءً على ذلك.”

وذكرت موديز في تقريرها أن “التوقعات المالية متوسطة الأجل لا تزال عرضة للتأثر بانخفاض الطلب العالمي على النفط وأسعاره نظرا لاعتمادها الاقتصادي والمالي الكبير على قطاع النفط والغاز.”

ويبدو أن الجدارة الائتمانية لعمان قابل للتحسن بشكل أكبر إذا استمرت في بناء المرونة في مواجهة صدمات أسعار النفط وتسريع النمو في القطاعات غير النفطية، مما يؤدي إلى خفض العجز الأولي غير النفطي.

وأوضح خبراء موديز أن مؤشرات الدين الأقوى توفر للحكومة مجالا ماليا ووقتا أكبر لتنفيذ إصلاحات هيكلية من شأنها، مع مرور الوقت، أن تقلل من اعتمادها على الوقود الأحفوري، وربما تدعم تصنيفا ائتمانيا أعلى.

وشهد الدين العام انخفاضا مطردا، حيث انخفض من 37.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية عام 2023 إلى 35.5 في المئة في عام 2024، مع توقع المزيد من التخفيضات.

مؤشرات الديون قوية ومتسقة مع درجة بي.أي.أي 3 حتى مع السيناريوهات البديلة
مؤشرات الديون قوية ومتسقة مع درجة بي.أي.أي 3 حتى مع السيناريوهات البديلة

وبالتزامن مع ذلك، تحسنت نسبة الدين العام إلى الإيرادات بشكل ملحوظ إلى 7.2 في المئة، مقارنةً بنحو 9 في المئة خلال عام 2021.

ومن المرجح أن تظل الأصول ذات السيولة العالية قريبة من متوسط 40 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة ذاتها.

ومن العوامل الأخرى التي ساهمت في رفع التصنيف انخفاض سعر التعادل للنفط في عُمان، وهو أقل من 70 دولارًا للبرميل للعامين 2024 و2025، مقارنةً بمتوسط 84 دولارا للبرميل في السابق. وهذا يشير إلى مرونة أكبر للموازنة في ظل تقلبات سوق النفط.

وتشير المؤشرات الاقتصادية أيضًا إلى مسار إيجابي. فقد سجلت مسقط نموًا في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.7 في المئة بالأسعار الثابتة في عام 2024، مع معدل تضخم متواضع قدره 0.7 في المئة.

وأظهرت الموازنة العامة للدولة لسنة 2025 فائضًا بنسبة 2.8 في المئة، بينما ارتفع رصيد الحساب الجاري إلى 2.1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

وأبرزت موديز الإستراتيجية المالية طويلة الأجل للبلد الخليجي، بما في ذلك الجهود المستمرة لتنويع مصادر الدخل، وهي في صلب رؤية عمان 2040 الطموحة.

وتشمل هذه الجهود تعزيز الإيرادات غير النفطية من خلال تحفيز القطاعات الصناعية والخدمات والتكنولوجيا والتجارة، مع توسيع إنتاج الغاز الطبيعي المسال بحلول عام 2030، وتطوير الهيدروجين الأخضر والصناعات ذات الصلة.

ويُعدُّ القطاع الخاص الفاعل الأساس في جهود التنمية في مختلف القطاعات خاصة المعوّل عليها لتنويع مصادر الدخل، وشرع في تعزيز جهود نمو الاقتصاد من خلال استكشاف الفرص التي تحملها مبادرات التحفيز.

72.73

مليار دولار الناتج غير النفطي في 2024 مقابل تراجع الأنشطة النفطية بواقع 3 في المئة

وارتفعت مساهمة الأنشطة غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي خلال العام الماضي، إلى 72.73 مليار دولار، بينما تراجع نمو الأنشطة النفطية بنسبة 3 في المئة لتخفض مساهمتها في الناتج المحلي إلى نحو 31 مليار دولار.

وفي مطلع أبريل الماضي ثبتت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني للبلاد عند مستويات مستقرة دفعة معنوية جديدة للسلطات لاستكمال تنفيذ أجندة رؤية 2040 رغم بعض التحديات التي لا تزال قائمة بسبب التقلبات الخارجية.

وأكدت في تقرير نشرته على منصتها الإلكترونية حينها التصنيف الائتماني السيادي للسلطنة عند مستوى بي.بي.بي سالب مع نظرة مستقبلية مستقرة.

ورفعت بورز تصنيفها للاقتصاد العماني من بي+ في عام 2020 إلى بي.بي.بي- في العام 2024 مع نظرة مستقرة ليستعيد البلد بذلك الجدارة الاستثمارية.

وعزَتِ بورز ذلك إلى استمرار تحسن أداء الميزانية وتعزيز مرونة المركز المالي، بجانب الجهود الحكومية المستمرة في خفض الدين العام وحوكمة الشركات الحكومية.

وتظهر المؤشرات أن الاقتصاد العُماني حقق خلال السنوات الخمس الأخيرة تعافيا ملحوظا بفضل جهود التنويع وتعزيز الإيرادات غير النفطية وتوسيع قاعدة الإنتاج، ما أسهم في نمو الناتج الإجمالي وجذب المزيد من الاستثمارات وتحفيز القطاع الخاص.

وقد يشهد التصنيف الائتماني للبلد المزيد من التحسن خلال العامين القادمين في حال استمرار الحكومة بإدارة المالية العامة للدولة وفق ما هو مخطط له، بما في ذلك زيادة الإيرادات غير النفطية ورفع كفاءة الإنفاق العام.

ومنذ تولي السلطان هيثم بن طارق مقاليد الحكم مطلع 2020 شهد البلد الخليجي تنفيذ العديد من المشاريع الإستراتيجية في مختلف المحافظات لاسيما المنطقة الاقتصادية بالدقم.

ويصنف صندوق النقد الدولي عمان بالمركز الخامس خليجيا في حجم الناتج المحلي الإجمالي والبالغة قيمته نحو 110.1 مليار دولار، ويشكل حوالي 5.2 في المئة من اقتصاد المنطقة.

10