نمو لافت في قيمة التجارة بين الدول العربية رغم التحديات

التركز الجغرافي لتجارة السلع العربية خلال العام الماضي ما زال مستمرا، إذ تجاوزت حصة الإمارات وحدها 40 في المئة.
الأربعاء 2025/10/22
لا حدود للتجارة في عالم متقلب

الكويت- سجّلت التجارة البينية بين الدول العربية نموًا لافتًا بنهاية العام الماضي، ما يعكس ديناميكية اقتصادية متجددة ورغبة متزايدة في تعزيز التكامل الإقليمي، رغم ما تواجهه منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من تحديات اقتصادية وجيوسياسية معقدة.

ويأتي هذا التحسّن في وقت تتعدد فيه الأزمات، من تباطؤ الاقتصاد العالمي، إلى تأثيرات التغير المناخي، وارتفاع تكاليف النقل والطاقة بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة واستمرار الحرب الروسية – الأوكرانية منذ مطلع 2022.

ومع ذلك، يرى خبراء أن هذا الزخم التجاري رغم التكاليف الباهظة نتيجة التضخم الجامح، يؤشر إلى وجود فرص حقيقية لتعزيز الشراكات العربية، وتوسيع نطاق التعاون الاقتصادي المشترك.

وأظهرت إحصائيات نشرتها المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات (ضمان) الأربعاء، ارتفاعا في قيمة التجارة العربية في السلع والخدمات بمعدل 4.5 في المئة لتتجاوز 3.6 تريليون دولار خلال العام 2024.

4.5

في المئة نسبة الارتفاع في حجم التجارة في السلع والخدمات بين دول المنطقة، بحسب مؤسسة ضمان

وقالت المؤسسة في بيان بمناسبة إصدار النشرة الفصلية الثانية (ضمان الاستثمار) لعام 2025 إن “هذه القيمة جاءت محصلة لارتفاع الصادرات بمعدل 1.17 في المئة لتبلغ 1.9 تريليون دولار والواردات بمعدل 7.8 في المئة إلى أكثر من 1.7 تريليون دولار.

وأشارت في بيانها الذي أوردته وكالة الأنباء الكويتية الرسمية إلى نمو التجارة العربية في السلع بمعدل تجاوز خمسة في المئة إلى 2.8 تريليون دولار مدفوعا بارتفاع الصادرات السلعية في المنطقة بمعدل 0.3 في المئة لتبلغ 1.5 تريليون دولار.

ولفتت إلى ارتفاع الواردات 11 في المئة لتتجاوز قيمتها 3ر1 تريليون دولار وكمحصلة لذلك تراجع فائض الميزان التجاري السلعي بمعدل 43 في المئة ليبلغ 167 مليار دولار خلال عام 2024.

ووفق البيانات، فقد ارتفعت حصة التجارة السلعية العربية إلى 5.6 في المئة من الإجمالي العالمي ونحو 13.1 في المئة من مجمل تجارة السلع في الدول النامية.

واستحوذت صادرات الوقود وحدها على نحو 54 في المئة من إجمالي الصادرات السلعية. وفي المقابل ما زالت السلع المصنعة تستحوذ على الحصة الأكبر من إجمالي الواردات السلعية العربية بحصة 64 في المئة خلال عام 2024.

ويرى خبراء مؤسسة ضمان أن التركز الجغرافي لتجارة السلع العربية خلال العام الماضي ما زال مستمرا إذ استحوذت ثلاث دول خليجية ومصر والعراق على حصة 76 في المئة منها وقد تجاوزت حصة الإمارات وحدها 40 في المئة من الإجمالي.

وأشاروا أيضا إلى مواصلة الصين تصدرها المقدمة كأكبر شريك تجاري للمنطقة بحصة تبلغ 16 في المئة من مجمل التجارة السلعية العربية. وبفضل هذا الزخم تحسن متوسط أداء الدول العربية في مؤشرات الانفتاح التجاري وتركز وتنوع الصادرات بجانب الزيادة في عدد سفن الأسطول التجاري.

حصة صادرات الوقود بلغت 54 في المئة من إجمالي التجارة في 2024، بينما حصة واردات السلع المصنعة فبلغت 64 في المئة

ومثلا، شهد متوسط الأداء تراجع مؤشرات القدرة التصديرية والربط بشبكة الملاحة البحرية المنتظمة بجانب التوسع في الاعتماد على الواردات خلال نفس العام.

وأكدت ضمان على مواصلة دعمها لجهود زيادة صادرات السلع العربية وواردات السلع الإستراتيجية والرأسمالية لدول المنطقة عبر خدمات تأمين التجارة التي بلغت قيمتها التراكمية 27 مليار دولار بنهاية عام 2024.

وفي خضم ذلك يرى الخبراء أن تأثير الرسوم الجمركية الشاملة التي فرضتها الولايات المتحدة سيعتمد على عدة عوامل بالنسبة للاقتصادات العربية. وسيتعلق الأمر بحجم التجارة بين دولة وأخرى، وطبيعة المنتجات المستهدفة، وأيضا إستراتيجيات حكومات المنطقة في التعامل مع هذه الإجراءات غير المسبوقة.

والثلاثاء حذر صندوق النقد الدولي، الذي رفع الأسبوع الماضي توقعاته للنمو في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لعام 2025، من أن المخاطر المحتملة على المنطقة قد تدفع إلى اتجاه هبوطي، رغم التحسن الذي شهدته التوترات الجيوسياسية في الآونة الأخيرة.

ورفع الصندوق توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة لعام 2025 إلى نحو 3.3 في المئة من 2.6 في المئة بحسب توقعاته التي صدرت في مايو الماضي. وتستفيد دول المنطقة المُصدرة للنفط من ارتفاع إنتاج الخام، بالإضافة إلى زيادة الاستثمار العام وتنفيذ إصلاحات هيكلية في إطار مساعي التنويع الاقتصادي.

وساعد انخفاض أسعار السلع الأولية وانتعاش السياحة وارتفاع التحويلات المالية على تحسين النمو بين الدول المستوردة للنفط، إلى جانب الدعم من تسهيل الوصول إلى الأسواق المالية وتباطؤ التضخم.

في المقابل حث صندوق النقد الدول العربية محدودة الدخل على إعطاء الأولوية لإعادة بناء هوامش الأمان المالية استعدادا لمواجهة أي مخاطر محتملة. وأشار في توقعاته إلى أن الدين العام قد يستقر عند مستويات مرتفعة نسبيا أو أن ينخفض بشكل طفيف في دول مثل مصر والأردن والمغرب وتونس.