نحو ذكاء اصطناعي مغربي: من الابتكار الأكاديمي إلى النماذج التطبيقية

المغرب أثبت من خلال المؤتمر أنه يتحرك بثقة نحو موقع فاعل في رسم ملامح الذكاء الاصطناعي في أفريقيا والعالم العربي.
الجمعة 2025/07/18
ترسيخ الابتكار والبحث العلمي

مراكش (المغرب)- اختتمت فعاليات الدورة الأولى من المؤتمر الدولي حول الذكاء الاصطناعي والعلوم المعرفية من أجل التكنولوجيات الناشئة، الذي احتضنته مدينة مراكش على مدى ثلاثة أيام، بمشاركة نخبة من الباحثين والخبراء والأكاديميين، في حدث علمي حمل في طياته تأكيدًا ملموسًا على أن المغرب بات يتعامل مع الذكاء الاصطناعي كرهان إستراتيجي حقيقي للمقاولات والجامعات.

نظمت المؤتمر جامعة الحسن الأول في مدينة سطات بشراكة مع كلية العلوم والتقنيات والمعهد العالي لعلوم الصحة، وركّز جدول أعماله على أحدث التطورات في معالجة اللغة الطبيعية، لاسيما نماذج اللغة المدربة مسبقًا وتطبيقاتها الواقعية. وقد أتاح اللقاء فضاءً علميًا غنيًا بالتقاسم المعرفي، وتبادلًا متعدد التخصصات، عمّق النقاش حول استخدامات الذكاء الاصطناعي في الحقول الحيوية والقطاعات الإنتاجية.

عبداللطيف مكرم: الذكاء الاصطناعي دعامة محورية للتحول الرقمي

في الجلسة الختامية، أكد رئيس الجامعة عبداللطيف مكرم أن المؤتمر أثبت بما لا يدع مجالًا للشك أنّ الذكاء الاصطناعي يمثل اليوم دعامة محورية للتحول الرقمي والمعرفي في المغرب، معتبرًا أن حجم التفاعل والمداخلات يعكس حجم الاهتمام الوطني بهذا المجال، لاسيما من طرف الباحثين الشباب. وأضاف أن كثافة المشاركة من جامعات وطنية ودولية، ووجود ممثلين عن القطاع السوسيو-اقتصادي، يُظهر اتساع دائرة الاهتمام ويوطّد الشراكة بين الجامعة والمقاولة.

بدوره، شدد عميد كلية العلوم والتقنيات عبدالمجيد فرشي على أن الذكاء الاصطناعي بات حقيقة غير قابلة للتجاهل، خاصة أنه أصبح عنصرًا مركزيًا في حقول مثل الفلاحة الدقيقة والطب والتعليم. وأضاف أن المؤتمر أظهر الحاجة الماسّة لتطوير خوارزميات محلية تستجيب لخصوصيات المملكة، داعيًا إلى تعبئة الكفاءات الوطنية، وتحفيز التعاون بين الباحثين الشباب والخبراء المخضرمين.

أما مدير المعهد العالي لعلوم الصحة فقد أشاد بالدور الذي لعبه المؤتمر في خلق تقاطع مثمر بين التخصصات الأكاديمية، وبين المبادئ الإنسانية والتقنيات المتقدمة، مؤكدًا أن النقاشات التي شهدها المؤتمر حول الأبعاد الأخلاقية والاجتماعية للذكاء الاصطناعي أبرزت نضج الرؤية المغربية في التعامل مع التكنولوجيا بوصفها أداة تطوير لا تهدد القيم بل تعززها.

وتضمنت محاور المؤتمر عروضًا تفصيلية حول النماذج التحويلية، نقل التعلم، تصنيف النصوص، أنظمة الحوار، والتطبيقات الواقعية في الصحة والتعليم والقطاع المالي. كما ناقشت الجلسات قضايا مثل قابلية تفسير القرارات الآلية، ومعالجة اللغات ذات الموارد المحدودة، إلى جانب التحديات الأخلاقية المرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي في النسيج المجتمعي.

ويأتي هذا المؤتمر ضمن الديناميكية المتواصلة لجامعة الحسن الأول، التي تعمل على ترسيخ الابتكار والبحث العلمي التعاوني، وتحرص على توجيه العلوم في خدمة الإنسان والمجتمع. كما شكّل اللقاء منصة بارزة لإبراز الكفاءات المغربية والأفريقية، وتحفيز الشراكات الدولية، وتوطيد الجسور بين المعرفة الأكاديمية والاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية للمملكة.

مراكش أعلنت، من خلال هذا المؤتمر، أن المغرب لا يراقب الثورة الرقمية من بعيد، بل يتحرك بثقة نحو موقع فاعل في رسم ملامح الذكاء الاصطناعي في أفريقيا والعالم العربي.

12