ملك إسبانيا يسير على خُطى والده في الأقصر المصرية
الأقصر (مصر)- كانت مدينة الأقصر التاريخية في صعيد مصر على موعد خلال اليومين الماضيين مع زيارة للملك فيليبي السادس، ملك مملكة إسبانيا، وقرينته الملكة ليتيزيا، اللذين قضيا يومين في المدينة، جالا خلالها وسط المعالم السياحية في المدينة التي تضم بين جنباتها مئات المقابر وعشرات المعابد التي شيّدها حُكام ونبلاء مصر القديمة في صعيد مصر قبل آلاف السنين.
محافظ الأقصر المهندس عبدالمطلب عمارة الذي كان في استقبال الضيف الإسباني وقرينته، بصحبة وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي، أعرب عن سعادته بهذه الزيارة التي تمثل حدثًا تاريخيًا يعزز مكانة الأقصر كعاصمة للسياحة الثقافية في العالم.
السياحة الثقافية
أكد محافظ الأقصر على أن هذه الزيارة الملكية تمثل رسالة قوية للعالم بأمن واستقرار مصر، وتعكس ثقة الدول والشعوب الصديقة في المقصد السياحي المصري، متوقعًا أن تسهم الزيارة في تنشيط حركة السياحة الوافدة إلى الأقصر ومصر بوجه عام، خاصة من السوق الإسباني والأوروبي.
واختار ملك إسبانيا وقرينته أن يقيما في فندق وينتر بالاس التاريخي، وذلك سيراً على خطى والده الملك خوان كارلوس ملك إسبانيا السابق، ووالدته الملكة صوفيا اللذين سبق أن زارا مدينة الأقصر قبل قرابة سبعة عشر عاما، وأقاما في فندق وينتر بالاس الذي بدأت أعمال تشييده على الطراز الفيكتوري في عام 1886، والمعروف باستضافته للكثير من ملوك وملكات وحُكّام وأمراء وأميرات وساسة ومشاهير العالم، وذلك وفق ما أفاد به صلاح هاشم مسؤول العلاقات العامة في الفندق الذي يُعد من أعرق الفنادق المصرية.
وتضمنت أجندة زيارة ملك إسبانيا وقرينته لمدينة الأقصر -والتي تأتي في إطار زيارة رسمية يقوم بها إلى مصر- جولة وسط معابد ومقابر ملوك وملكات مصر القديمة والمتاحف الأثرية في شرق المدينة وغربها، بجانب تفقد أعمال التنقيب والترميم الأثري التي يقوم بها علماء مصريات وآثاريون إسبان.
زيارة ملك وملكة إسبانيا للأقصر، والتي استقبله خلالها وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي، ومحافظ الأقصر المهندس عبدالمطلب عمارة، سبقتها استعدادات واسعة تزينت خلالها المدينة وبدت في ثوب جديد، فيما بدا جبل القُرْنَة التاريخي الذي يحتوي في باطنه ومحيطه المئات من المقابر والعشرات من المعابد المصرية القديمة أكثر تلألُؤًا، شأنه شأن شارع كورنيش النيل.
وبحسب مسؤولين في محافظة الأقصر فإن زيارة ملك وملكة إسبانيا للمدينة تزامنت مع الاستعدادات الجارية لاستقبال الموسم السياحي الجديد الذي ينطلق مطلع شهر أكتوبر من كل عام، حيث يتم رفع مستوى المرافق والخدمات في كافة المزارات السياحية والمناطق الأثرية، بجانب أعمال التطوير والتجميل لكافة مناطق المدينة ومختلف طرقها ومساراتها السياحية.
وفي سياق متصل قالت أماني الشعولي، أمين سر لجنة السياحة والطيران في مجلس النوّاب (البرلمان) المصري، إن زيارة ملك إسبانيا وقرينته حظيت بحضور كبير في وسائل الإعلام الإسبانية والغربية، وإن ذلك الحضور جاء بمثابة ترويج غير مُباشر للسياحة الثقافية المصرية بوجه عام، ومدينة الأقصر بوجه خاص.
وتوقعت الشعولي أن يكون لتلك الزيارة مردود إيجابي كبير على الحركة السياحية الوافدة من إسبانيا، ومن بلدان أوروبا، مؤكدة على حُسن العلاقات ومتانتها بين بلادها وإسبانيا.
فندق المشاهير
تُعرف مدينة الأقصر كإحدى عواصم السياحة الثقافية في العالم، وذلك وفقا لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة، وقد اعتادت المدينة أن تستقبل الكثير من مشاهير العالم في كل عام.
وكان من بين من سبق لهم زيارة الأقصر من النجوم والمشاهير: النجمة كيت وينسلت بطلة الفيلم المعروف “تيتانيك”، وعارضة الأزياء العالمية ناعومي كامبل، والنجمان العالميان أنجلينا جولي وبراد بيت، وعارضة الأزياء ومغنية الأوبرا الإيطالية كارلا بروني التي زارت المدينة بصحبة زوجها الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي أكثر من مرة.
يُذكر أن فندق وينتر بالاس الذي اختاره ملك إسبانيا وقرينته للإقامة به خلال زيارته لمدينة الأقصر، قد شُيّد عام 1886، وكانت الإقامة فيه قاصرة على العائلة الحاكمة، وكان بمثابة القصر الشتوي الذي تُقيم فيه العائلة الحاكمة في فصل الشتاء، ولم يبدأ الفندق في استقبال السياح إلا في مطلع القرن العشرين (وربما في بداية عام 1906).
◄ زيارة ملك إسبانيا تأتي بمثابة ترويج غير مُباشر للسياحة الثقافية المصرية بوجه عام ولمدينة الأقصر بوجه خاص
ويروى أن الفندق اكتسب شهرته من استقباله للملوك والأمراء والمشاهير من ساسة وأدباء وفنانين ومستكشفين، ويحكى أن العام 1922 الذي شهد اكتشاف مقبرة وكنوز الفرعون الذهبي الملك توت عنخ آمون، على يد المستكشف البريطاني هيوارد كارتر، كان محطة مُهمة في تاريخ الفندق، حيث استقبل في ذاك العام الكثير من نبلاء ومشاهير أوروبا، ولما كان هيوارد كارتر صاحب الاكتشاف الأثري الأكبر والأشهر في العالم هو أحد نزلاء الفندق، فقد كان ذلك سبباً في جذب الفندق للمزيد من النزلاء المعروفين وذائعي الصيت في العالم.
وتدلنا المصادر على أن الفندق استضاف عدداً كبيرا من الحُكّام والساسة والمشاهير العالميين، حيث كان من بين قائمة من أقاموا بالفندق خلال زيارتهم لمدينة الأقصر: رئيس الوزراء الإنجليزي وينستون تشرشل، والكاتبة أجاثا كريستي التي استلهمت من سحر الأقصر وروعة أسوان أحداث روايتها الشهيرة “الموت على ضفاف النيل”، والملك خوان كارلوس ملك إسبانيا، والزعيم اليوغوسلافي جوزيف تيتو، والزعيم الهندي جواهر لال نهرو، والرئيس الجزائري أحمد بن بلة، ووزيرا الخارجية الأميركيان الشهيران هنري كيسنجر وجيمس بيكر، وألبير الأول ملك بلجيكا وزوجته الملكة إليزابيث ملكة بلجيكا، اللذان نزلا بالفندق عدة مرات، والرئيس الفرنسي جورج كليمنصو، والملك تشارلز ملك بريطانيا حين كان ولياً للعهد، والأميرة ديانا.
وبحسب المصادر استضاف الفندق بعض جلسات تحسين العلاقات المصرية – الأميركية بين الرئيس المصري أنور السادات ووزير الخارجية الأميركي هنري كيسنجر عام 1974، وكان الفندق الشاهد الأخير على آخر الرحلات الترفيهية لشاه إيران وزوجته قبل قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1977.