مشروع قرار أميركي بمجلس الأمن لإقرار الحكم الذاتي كحل وحيد في الصحراء
في تحول ملفت في ملف الصحراء داخل الأمم المتحدة، قدمت الولايات المتحدة إلى مجلس الأمن الدولي، مسودة مشروع قرار لمناقشته والتصويت عليه، يدعو إلى إقرار المقترح مقترح الحكم الذاتي الذي تقدّم به المغرب سنة 2007 يمثل "الأساس الأكثر جدية وموثوقية وواقعية" للتوصل إلى حل سياسي وحيد عادل ودائم للنزاع، ووفق المعطيات التي تضمنتها المسودة، فإن واشنطن حاملة القلم في هذا الملف وزّعت على الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي يدعو إلى استئناف المفاوضات بين جميع الأطراف المعنية على أساس الحكم الذاتي كمبادرة وحيدة لحل هذا الملف.
واعتبرت الولايات المتحدة الأميركية في مسودة مشروعها المقدم لمجلس "أن الحكم الذاتي الحقيقي تحت السيادة المغربية هو الحل الأكثر جدوى" حيث قام الرئيس الأميركي، دونالد ترامب بدعمه، ويدعو جميع الأطراف إلى الانخراط في مناقشاته دون تأخير كإطار وحيد للتفاوض لإيجاد حل مقبول للطرفين؛ كما يدعو أعضاء المجلس الأمن بتسهيل المفاوضات كما رحبت في الفقرة الخامسة باستعداد الولايات المتحدة “لاستضافة المفاوضات”، ما يضعها داعما قويا للعملية التفاوضية كوسيط ومدبر رئيسي.
وفي سياق متصل أعلن مسعد بولس، كبير مستشري الرئيس الأميركي لشؤون إفريقيا، في لقاء تلفزيوني مع قناة "الشرق" أن الولايات المتحدة ستفتتح قنصلية لها في مدينة الداخلة خلال الولاية الثانية لدونالد ترامب، موردا أن "اسمها الصحراء المغربية لا الغربية". وتابع بولس أن كلام الملك محمد السادس كان واضحا جدا، حين تطرق في خطاب العرش الأخير لهذا الموضوع، مذكرا أنه تحدث أيضا عن الجزائر، والعلاقة مع الشعب الجزائري ومع الدولة والحكومة، واصفا إياه بـ"التصريح التاريخي".
وقال بولس "نحن نعول على نُبل الملك، وعلى الموقف التاريخي الذي أصدره، وعلى التعاون مع جميع الفرقاء، بمن فيهم الجزائريون، الذين تربطنا بهم علاقة جيدة، موردا أن العلاقات جيدة بين الولايات المتحدة والجزائر.
وذكر بزيارته الأخيرة، التي التقى خلالها الرئيس عبد المجيد تبون، موردا أنهم يريدون "حلا جذريا ونهائيا لهذا الموضوع، ويرحبون بإعادة تحسين العلاقات مع المغرب ومع الشعب المغربي ومع الملك والحكومة والدولة، ونحن متفائلون جدا أكثر من أي وقت مضى، أن هذا الموضوع سيصل إلى إيجابي ودائم".
وعلق محمد لكريني، أستاذ العلاقات الدولية، أن تأكيد مسودة قرار واشنطن حول نجاعة وفعالية مبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد لحل الملف الذي طال امده لنصف قرن، يتماشى مع ما يلاقيه المقترح من تأييد القوى الدولية الكبرى والاعترافات المتتالية لمجموعة من الدول من مختلف مناطق العالم منذ أن طرحه المغرب لدى منظمة الأمم المتحدة عام 2007، والتي ساهمت فيها ايضا التحولات الجيوسياسية التي عرفتها المنطقة والعالم ونجاعة الدبلوماسية المغربية التي ركزت على مقاربة الملف من خلال السيادة ووحدة التراب الوطني.
ولفت محمد لكريني، في تصريح لـ"العرب"، أن مشروع الحكم الذاتي الذي سيتم ادراجه داخل قرارات مجلس الأمن من الآن فصاعدا، سيكون قابلا للتفاوض من أجل إما حذف بعض المقتضيات باستثناء ما يتعلق بالسيادة المغربية أو إضافة بعض الأمور الأخرى التي قد يتم التوافق عليها، ومن ثم تبني حل نهائي من داخل مبادرة الحكم الذاتي لطي هذا الملف الذي كانت تكلفته كبيرة على المنطقة.
وتطرق مشروع القرار الذي صاغته واشنطن الى الدعم الكامل للأمين العام ومبعوثه الشخصي، ستيفان دي ميستورا، في جهودهما الرامية إلى دفع العملية السياسية قدمًا، بما في ذلك من خلال المشاورات بين المبعوث الشخصي والمغرب وجبهة البوليساريو والجزائر وموريتانيا، للبناء على التقدم المحرز في هذا الباب.
وفي الاطار ذاته دعا ستافان دي ميستورا، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء الغربية، خلال جلسة مغلقة لمجلس الأمن انعقدت في 10 أكتوبر، إلى "إطلاق جولة جديدة من المفاوضات بين المغرب وجبهة البوليساريو والجزائر وموريتانيا بحلول نهاية عام 2025 تقوم على الواقعية والتسوية، داعيا "المغرب إلى تطوير خطته للحكم الذاتي بشكل أكبر، كتابيًا وبالتفصيل.
ورفضت الجزائر والبوليساريو جميع قرارات مجلس الأمن التي تدعو إلى استمرار اجتماعات المائدة المستديرة التي تجمع الأطراف الأربعة المعنية، بعد نسختين في عهد المبعوث الاممي السابق، في جنيف في دجنبر 2018 ومارس 2019 تحت رعاية الأمم المتحدة.
ووجه دي ميستورا نداءً مباشرًا إلى مجلس الأمن، مطالبًا بأن ينص القرار القادم بشأن الصحراء "بوضوح على ضرورة بدء مفاوضات جديدة بحلول نهاية عام 2025، مع إعادة التأكيد على ولاية بعثة المينورسو كأداة لا غنى عنها للاستقرار والوساطة على الأرض، حتى في شكلها المصغر".
والملفت في المسودة الأميركية أنها دعت إلى تمديد ولاية "المينورسو" إلى شهر يناير من السنة المقبلة (2026)، كما حثت على دعوة الطرفين إلى المشاركة في مفاوضات دون تأخير أو شروط مسبقة، على أساس مقترح الحكم الذاتي المغربي، بهدف التوصل - قبل انتهاء ولاية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء - إلى حل سياسي نهائي ومقبول من الطرفين، يضمن حكمًا ذاتيًا حقيقيًا داخل الدولة المغربية، باعتباره الحل الأكثر جدوى.
ودعت مسودة المشروع الأمين العام للأمم المتحدة إلى تقديم إحاطات منتظمة إلى مجلس الأمن، وفي أي وقت يراه مناسبًا خلال فترة الولاية، على أن يشمل ذلك تقديم إحاطة في غضون ستة أسابيع من تجديد هذه الولاية، ومرة أخرى قبل انتهاء مدتها. ويطلب كذلك من الأمين العام، قبل انتهاء هذه الولاية، تقديم توصياته بشأن تحويل بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية أو إنهائها بناءً على نتائج المفاوضات.