مساع تونسية لتوسيع منافذ التجارة مع السوق الجزائرية

الجناح التونسي في المعرض الأفريقي للتجارة البينية يضم ما يزيد عن 24 مؤسسة مصدّرة، من بينها 12 شركة صغيرة ومتوسطة و8 حرفيين و4 شركات ناشئة.
الجمعة 2025/07/18
توسيع منافذ التجارة مع السوق الجزائرية

تونس- برزت في الآونة الأخيرة مساعٍ حثيثة من قبل تونس لتوسيع منافذ التجارة مع السوق الجزائرية، في محاولة للاستفادة من العمق الجغرافي والاقتصادي الذي تمثله جارتها النفطية باعتبارها شريكاً إستراتيجياً قادراً على فتح آفاق أوسع أمام صادراتها.

وتستعدّ هياكل تونسية وشركات خاصة وحرفيون للمشاركة في الدورة الرابعة للمعرض الأفريقي للتجارة البينية المقرر عقده بالجزائر في سبتمبر المقبل.

ويأتي وذلك في إطار مساعي تونس لتعزيز حضورها بهذه السوق الكبرى والمهمة، من جهة، وعملا على دعم حضورها الاقتصادي إقليميا من جهة أخرى.

وتشارك تونس، حسب بيان لوزارة التجارة وتنمية الصادرات أوردته وكالة الأنباء التونسية الرسمية الأربعاء في هذه الدورة من خلال جناح، يضم ما يزيد عن 24 مؤسسة مصدّرة، من بينها 12 شركة صغيرة ومتوسطة و8 حرفيين و4 شركات ناشئة.

سمير عبيد: يجب الاستعداد جيدا للمعرض الأفريقي للتجارة البينية
سمير عبيد: يجب الاستعداد جيدا للمعرض الأفريقي للتجارة البينية

كما سيتم تخصيص فضاء خاص بالهياكل الوطنية، التي تغطي قطاعات واعدة ومتنوعة، تشمل النسيج والملابس والجلود والأحذية ومستحضرات التجميل ومواد البناء والصناعات التقليدية، إضافة إلى صناعة السيارات ومكوناتها.

وخلال إشرافه الثلاثاء على اجتماع خُصص لمتابعة الاستعدادات وتقديم التصوّر النهائي لمشاركة تونس في المعرض الذي سينتظم تحت شعار “بوابة إلى فرص جديدة”، أكد وزير التجارة سمير عبيد، ضرورة الاستعداد الجيد لهذه التظاهرة.

والعلاقات التجارية بين البلدين، رغم تطورها النسبي، ما تزال دون الإمكانيات المتاحة، سواء من حيث حجم التبادل أو تنوعه.

وبحسب بيانات رسمية، تمثل الجزائر ثاني شريك اقتصادي لتونس في إفريقيا بعد ليبيا، إلا أن نسبة المبادلات ما تزال ضعيفة إذا ما قورنت بالعلاقات التاريخية والجغرافية التي تجمع البلدين.

ومع ذلك حققت العلاقات التجارية بين تونس والجزائر أداءً لافتا خلال سنة 2024، إذ بلغت قيمة المبادلات 2.55 مليار دولار، مقابل 2.25 مليار دولار سنة 2023، و1.95 مليار دولار سنة 2022، ما يعكس وتيرة تصاعديًة في التعاون التجاري بين البلدين.

كما سجلت الصادرات التونسية نحو السّوق الجزائرية نموًا سنويًا ملحوظًا بنسبة 28.8 في المئة خلال الفترة الممتدة من عامي 2022 إلى 2024، وفق الإحصائيات الرسمية.

واستأثر قطاع الصناعات الميكانيكية بالنصيب الأكبر بنسبة 35.3 في المئة من إجمالي الصادرات، يليه قطاع الصناعات المعملية بنسبة 29.8 في المئة، ثم قطاع آليات النقل بنسبة 1.4 في المئة.

وهذه الجهود تأتي في إطار تعزيز العلاقات الثنائية التي شهدت نموا ملحوظاً خلال السنوات الماضية، على المستويين السياسي والاقتصادي، وسط إيمان متزايد بضرورة تفعيل التكامل المغاربي، ولو بشكل ثنائي، في غياب تقدم حقيقي على مستوى اتحاد المغرب العربي.

وترى تونس في السوق الجزائرية فرصة إستراتيجية لتجاوز أزمتها الاقتصادية الخانقة، الناتجة عن تراكم الديون، وضعف الاستثمار، إلى جانب تباطؤ النمو وارتفاع نسب البطالة.

العمل على تنويع المنتجات المصدّرة، لتشمل المواد الغذائية والأدوية والمنتجات الزراعية وبعض المعدات الصناعية

ومن هذا المنطلق، تسعى الحكومة التونسية إلى تطوير البنية التحتية في المناطق الحدودية مع الجزائر، لاسيما في ولايات مثل الكاف، جندوبة، وتطاوين، عبر تحسين المعابر الحدودية وتوسيعها لتسهيل حركة السلع والأشخاص.

ويجري العمل كذلك على تنويع المنتجات المصدّرة، لتشمل المواد الغذائية والأدوية والمنتجات الزراعية وبعض المعدات الصناعية، بما يتناسب مع حاجيات السوق الجزائرية ومتطلباتها.

وتقوم الجهات التونسية بعقد لقاءات منتظمة مع نظرائها الجزائريين لتنظيم التجارة وضمان انسيابها بعيداً عن التعقيدات الإدارية والجمركية، بالتوازي مع مساعي رجال الأعمال لتعزيز العلاقات الخاصة، وبناء شراكات تسهم في دعم النشاط الاقتصادي الحدودي.

في المقابل، فإن الجانب الجزائري أبدى انفتاحاً متزايداً على الشراكة الاقتصادية مع تونس، تماشياً مع سياسة الانفتاح الاقتصادي النسبي التي انتهجتها الحكومة في السنوات الأخيرة، ومحاولتها تنويع مصادر الاستيراد.

وتكمن أهمية هذه المساعي أيضاً في قدرة التعاون المشترك على بناء تكتل اقتصادي مغاربي مصغّر يضمم ليبيا كذلك، قد يكون نواة لإحياء حلم الاندماج الإقليمي الذي ظل معطلاً لعقود بسبب الخلافات السياسية بين دول المغرب العربي.

ومن شأن نجاح تونس في تنمية صادراتها نحو الجزائر، واستقطاب استثمارات من جارتها في قطاعات إستراتيجية، أن يشجع على إطلاق مشاريع تنموية مشتركة، لاسيما في المناطق الحدودية التي تعاني نسبياً من التهميش وضعف التنمية.

10