كبار السن يحافظون على لياقتهم البدنية بالرقص والتدريب بالسيوف

نصف عدد المتقاعدين في الصين يمارسون تدريبات رياضية مرة واحدة أسبوعيا على الأقل.
الخميس 2025/09/04
تدريبات تقوي العضلات والعظام

تعد الأدوات الرياضية غير التقليدية مثل السياط والسيوف بالنسبة إلى بعض المتقاعدين عن العمل في الصين جزءا من نظام حياتهم الروتيني اليومي، فهم يمارسون تدريبات رياضية مرة واحدة أسبوعيا على الأقل، ويحافظون على لياقتهم البدنية بالرقص. كما تمارس النساء رياضة تاي تشي، وهي رياضة قتالية صينية هادئة تجمع بين الحركة والتأمل وتعرف بفوائدها الصحية.

بكين - يمارس بعض كبار السن الذين يأملون في الحفاظ على لياقتهم البدنية وأن يمتد بهم العمر لفترة أطول، في الصين، تدريبا باستخدام الأسلحة، ولكن ليس بغرض استعمالها في أغراض قتالية مميتة.

وتعد هذه الأدوات الرياضية غير التقليدية بالنسبة لبعض المتقاعدين عن العمل، جزءا من نظام حياتهم الروتيني اليومي، ومنهم السيد وانج، ففي حديقة عامة بالقرب من مركز بكين الأولمبي، يهز الرجل سوطه إلى الأمام وإلى الخلف بثقة بالغة وتركيز ثابت.

ومع كل صوت فرقعة مدوية للسوط، يصنع شكلا دائريا ملونا خلال ليلة صيف مليئة بالرطوبة.

ومنذ سنوات نصح الطبيب وانج بممارسة المزيد من التمرينات الرياضية لتنشيط كتفه المصاب بالتصلب، وبعد شيء من التفكير قرر شراء سوط.

ويقول وانج الذي يفضل عدم الإفصاح عن اسمه بالكامل مثل بعض الآخرين، “دعاني رجل كبير السن في بلدتنا لشراء سوط، وحيث أنني لا أستطيع القيام بأي حيل مدهشة بالسوط، فإنني أكتفي فقط بأن أدفعه بقوة ذهابا وإيابا مرتين”.

بينما يقول ليو ياجون وهو طبيب يمارس الطب الصيني التقليدي، “يولي كبار السن اليوم اهتماما أكبر بالرعاية الذاتية، فهم يمارسون التدريبات الرياضية ويطبقون في حياتهم أسلوب حياة صحيا”.

كبار السن، يولون اهتماما أكبر بالرعاية الذاتية، فهم يمارسون التدريبات الرياضية ويطبقون أسلوب حياة صحيا

وتقوي التمارين العضلات والعظام وتحسن إمكانات التنسيق والتوازن، وكل ذلك مهم مع التقدم في العمر، ويرى ليو أن التقاعد المبكر يمثل فرصة رائعة، لأنه يتيح للناس تجربة أشياء جديدة.

وتنتهز السيدة وي التي تبلغ من العمر 51 عاما هذه الفرصة، وهي تقاعدت بشكل مبكر وهي الآن تؤدي تمرينات كل صباح، مع غيرها من المتقاعدات في الميدان الكائن أمام برج الطبلة الشهير بوسط بكين، حيث تمارس رياضة تاي تشي وهي رياضة قتالية صينية هادئة تجمع بين الحركة والتأمل وتعرف بفوائدها الصحية، ويتم استخدام السيوف والمراوح في ممارستها.

وتقول وي “هذه الرياضة تقوي الدورة الدموية وتساعد على علاج الأمراض الجسدية البسيطة”، وهي تكرس لها من ساعة واحدة إلى ساعتين في كل جلسة.

ويلاحظ أن معدلات التقدم في العمر بالصين متسارعة، وحيث إن جيل الطفرة السكانية بدأ في التقاعد الآن فإن عدد المحالين على المعاش آخذ في التزايد، ومن جهة أخرى يشكل تراجع معدلات المواليد ضغوطا على نظام المعاشات وسوق العمل.

وتشير تقديرات الخبراء إلى أن عدد سكان الصين الذي يبلغ حاليا نحو 1.4 مليار نسمة، يمكن أن ينخفض إلى النصف بحلول عام 2100، وكنتيجة لهذه التوقعات تقوم بكين اعتبارا من العام الحالي برفع سن التقاعد بالتدريج، من 60 إلى 63 عاما بالنسبة للرجال ومن 55 إلى 58 عاما بالنسبة للنساء.

ويرى الاقتصاد الصيني الذي يعاني من ضعف معدلات الاستهلاك فرصا لتلبية احتياجات المسنين، وعلى سبيل المثال تتاح قطارات معدلة خصيصا لتناسب سفر كبار السن.

وهذه القطارات التي يطلق عليها “ذات الشعر الفضي” لا تقدم فقط وجبات على متنها، ولكنها تتضمن أيضا محطات طبية، وبحلول عام 2035 تتوقع الحكومة أن يسهم “الاقتصاد الفضي” بنسبة 9 في المئة في النمو بزيادة عن النسبة الحالية التي تبلغ 6 في المئة.

وهناك أيضا طلب على المنتجات المستخدمة في التدريبات الرياضية بدعم من مبادرات الدولة، ويعد قرابة نصف عدد البالغين من أصحاب الوزن الزائد.

وتشير وسائل الإعلام الرسمية إلى تزايد الطلب بين المتقاعدين على الأدوات الرياضية وبرامج اللياقة البدنية، بينما تشير استطلاعات الرأي إلى أن نحو نصف عدد المتقاعدين يمارسون تدريبات رياضية مرة واحدة أسبوعيا على الأقل.

وهناك مقاطع فيديو تبث على منصات التواصل الاجتماعي، تظهر الرياضيين كبار السن وهم يمارسون تمارين غير عادية، فيدفع بعضهم ظهورهم بجذوع الأشجار لتحفيز الدورة الدموية، وآخرون يعلقون رؤوسهم في نوع من الأرجوحة ويأرجحونها إلى الأمام والخلف.

ومع ذلك فإن التمرين المسمى “تعليق العنق” تشوبه المخاطر، وبعد الإبلاغ عن وقوع حوادث مميتة نتيجة هذا التمرين قررت السلطات حظره في بعض المتنزهات.

رياضة

وتعد ممارسة الرقص أقل خطورة، ومن المعتاد أن يرى أي شخص يتجول عبر المدن الصينية في المساء مجموعات كبيرة من النساء يرقصن في الميادين العامة على نغمات الموسيقى الإلكترونية الصينية.

وفي متنزه ناورانتينج ببكين تستعد جي فانج لتدريب مجموعة الرقص التابعة لها ذات صباح حار.

وتقول جي فانج التي تبلغ من العمر 68 عاما، “إنني آتي إلى هذا المكان كل يوم”، وهي اكتشفت هواية الرقص بعد تقاعدها، وترقص مجموعتها “رقصة البحار” وهي نوع من الرقص الصيني المتمايل.

وتضيف جي وهي تشير إلى زميلة من الراقصات تجاوزت من العمر 80 عاما، “هذا النشاط له تأثير هائل على صحة كبار السن”، وتؤكد أنها بعد مرور الكثير من السنوات على ممارستها الرقص تشعر بالسعادة والعافية. وتتابع “الرقص هو أكثر الأشياء جمالا وروعة”.

ومن الأنشطة الشائعة الأخرى في الصين لعبة “جيانزي” وهي كرة الريشة التي يتبادل ضربها بمضرب، لتظل محلقة في الهواء أحيانا بمهارة بهلوانية.

وعند برج الطبلة ببكين يشير أرباب المعاشات إلى لاو فان كأفضل لاعب في هذه اللعبة، ويشرح لاو الذي يبلغ من العمر 70 عاما أن الصينيين كانوا يمارسون لعبة جيانزي، منذ عائلة هان الشرقية (206 قبل الميلاد إلى 220 ميلادي).

وبدأ في ممارسة اللعبة منذ سبعة أو ثمانية أعوام، ويقول إن “كرة الريشة هي تمرين رياضي، وهي تعمل كجسر للصداقة أثناء ممارستها لأن الغرباء يمكنهم الالتقاء عندئذ ويصبحوا أصدقاء حميمين”.

ويرى لاو فائدة أخرى لهذه اللعبة، حيث إن أبناءه يقل قلقهم عليه بسبب ممارستها التي تعزز الصحة. ويؤكد أن “ممارسة جيانزي تمثل مكسبا للجميع”.

15