في قرية "وكان" الهايكنغ على الطريقة العُمانية
ارتفع عدد زوار قرية “وكان” العُمانية بفضل مناخها المعتدل وجمالها الطبيعي، وهي قرية تشتهر بمسارات المشي الجبلي نحو الجبل الأخضر، وتتميز بتضاريسها الفريدة ومنتجاتها المحلية حتى أصبحت وجهة سياحية مستدامة تجمع بين الرياضة والطبيعة.
نخل (عُمان) - بلغ عدد زوار قرية “وكان” في وادي مستل بولاية نخل بمحافظة جنوب الباطنة، خلال الفترة الممتدة من بداية يناير حتى نهاية يوليو من العام الحالي، 27 ألفًا و428 زائرًا، مقارنةً بـ24 ألفًا و93 زائرًا في الفترة نفسها من العام 2024، من داخل سلطنة عُمان وخارجها.
وأكد المعتصم بن ناصر الهلالي، مدير إدارة التراث والسياحة بمحافظة جنوب الباطنة، لوكالة الأنباء العُمانية، أن تعدد عناصر الجذب السياحي في قرية “وكان” يُعد عاملًا رئيسًيا أسهم في جعلها وجهة مستدامة تستقطب الزوار طوال العام، مشيرًا إلى أن ارتفاع الحركة السياحية في القرية خلال فصل الصيف يعود إلى اعتدال الجو فيها، وارتباطه بمواسم حصاد العديد من الفواكه التي تشتهر بها.
وتُعد رياضة المشي وتسلق الجبال من الرياضات الناجعة في تغذية الجسد والروح، لما تمثله من صحة بدنية وغذاء نفسي، في وقت تنتشر فيه أمراض العصر الناتجة عن الممارسات الغذائية والصحية المختلفة وأساليب الحياة المتنوعة.
وقد حبا اللهُ عُمان بتضاريس جغرافية متنوعة في جميع محافظاتها وولاياتها، مما أكسبها جماليات فريدة بين الجبال والرمال والسهول والأودية، لاسيما وقد ألبستها الحضارة العُمانية القديمة والحديثة حُلل البهاء والنقاء.
ويمثل طريق المشي الجبلي والسياحي من قرية “وكان” بوادي مستل بمحافظة جنوب الباطنة إلى الجبل الأخضر بمحافظة الداخلية، أحد الخيارات المهمة التي يقصدها روّاد رياضة المشي والتسلق (الهايكنغ)، ومحبو الطبيعة، وعاشقو القمم العالية الذين تتوق نفوسهم إلى الروائح العطرية للنباتات البرية والأشجار الطبيعية، ويتنفسون هواءها العليل، وتتلذذ أعينهم بألوان الأزهار والثمار، تاركين آثار أقدامهم على الصخور الجيولوجية المتنوعة والتكوينات الصخرية الفريدة.
ويبدأ المسير بصعود درج القرية الوادعة “وكان”، بعد دخول وادي مستل من التقاطع القريب لولاية نخل، ثم المرور ببعض القرى الجميلة، منها الغبرة والصبحية، باتجاه الجنوب، والصعود وسط قرية الهجار عبر شارع جديد معبّد ومرصوف، ثم التوجه بسيارات الدفع الرباعي عبر الطريق الترابية حتى مواقف قرية “وكان”، متوشحين بحقائب تضم شيئًا من الماء والطعام واللوازم الطبية الضرورية، مرتدين الأحذية الخاصة بالمشي واللباس المناسب.
وعلى جانبي الدرج، توجد عدة استراحات يستعد فيها الزائر لخوض مغامرة جميلة وفريدة، تتطلب لياقة بدنية متوسطة، حيث توجد إشارات بالألوان تدل على المسار.
ويستمتع الزائر أثناء الرحلة بمشاهدة المدرجات الزراعية للقرية وأشجارها المثمرة المتنوعة بين الرمان والعنب والخوخ والمشمش والجوز، وغيرها من النباتات والأشجار، كما يمكنه شراء الزعتر الطبيعي، أو بعض الزيوت العطرية والطبية مثل الشوع والقفص، أو الفواكه الموسمية، إضافة إلى المنسوجات والأعمال الحرفية اليدوية.
وفي منتصف الطريق تقريبًا، تم وضع جسر خشبي معلّق في مكان مرتفع على حافة الجبل الصلبة، مدعّم بجوانب حديدية تربط ضفتي مسار المشي، مما يتيح المرور فوقه بسهولة وأمان. وفي هذا الموقع، يمكن التوقف قليلا والتقاط صور تذكارية تُطل على فضاءات جميلة وأشجار متنوعة.
ويواصل الزائر المشي صعودا، تتخلله بعض فترات الراحة، حتى الوصول إلى قمة الجبل التي تُشكّل مدخلا رائعا كالبوابة بين صخرتين عملاقتين، يندفع من خلالهما الهواء النقي والبارد. ومن هناك، يمكن رؤية فضاءات وادي مستل شمالا، أو التحرك قليلا لرؤية جماليات الجبل الأخضر وسيح قطنة جنوبًا، ثم قرية المناخر.
وبعد ذلك، يمكن لمن أراد الرجوع النزول إلى نقطة البداية في قرية “وكان”، أو مواصلة المشي إلى قرية المناخر أو سيح قطنة بالجبل الأخضر، حيث تقود الألوان الإرشادية إلى مفترق طرق جبلية ترابية، بها إشارات بالأسهم والكتابة تشير إلى قرية المناخر بالجبل الأخضر، أو النزول إلى قرية “حدش” بوادي مستل، أو الرجوع مرة أخرى إلى مسار قرية “وكان”.
وراجت شائعة مفادها أن سكان أعالي قرية “وكان” لا يصومون سوى ثلاث ساعات فقط، في حين يصل معدل ساعات الصيام في أغلب الدول العربية إلى نحو 15 ساعة يوميًا.
وترتفع القرية نحو ألفي متر عن سطح البحر، وتشرق الشمس فيها حوالي الساعة 11 صباحًا، وتغرب عند الساعة 2:30 ظهرًا، مما دفع البعض إلى الاعتقاد بأن ساعات الصيام فيها لا تتعدى ثلاث ساعات.
لكن عبدالله المسند، أستاذ الجغرافيا المشارك بجامعة القصيم، نفى هذه الأقاويل، موضحًا أن وقوع قرية أو مدينة في قاع الوادي أو محاطة بالجبال العالية، بحيث لا تُشاهد الشمس إلا في ساعات محددة من النهار، لا يعني أن وقت الصيام فيها منوط برؤية قرص الشمس.






