فوكسكون تشيّد أول مصنع لشواحن السيارات الكهربائية في الشرق الأوسط

المصنع سينطلق في سياق تنافس إقليمي متزايد بين دول الشرق الأوسط الأخرى التي تحاول استقطاب صناعات التكنولوجيا.
الخميس 2025/09/18
السعودية مركز انطلاق أعمالنا في المنطقة

تايبيه- أعلنت شركة فوكسكون إنتركونكت تكنولوجي (أف.آي.تي) الأربعاء أن مشروعها المشترك في السعودية سيبدأ في ديسمبر المقبل بناء أول قاعدة لها في الشرق الأوسط لتصنيع شواحن السيارات الكهربائية.

وأطلقت فوكسكون إنتركونكت تكنولوجي، وهي وحدة تابعة لفوكسكون التايوانية تصنع المكونات المستخدمة في الاتصالات والخوادم، المشروع المشترك الذي يحمل اسم “سمارت موبيليتي” العام الماضي مع شركة صالح سليمان الراجحي وأولاده.

وتم الإعلان عن موعد تنفيذ المشروع أثناء فعاليات “يوم التكنولوجيا 2025 أف.آي.تي” في العاصمة تايبيه بحضور رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة فوكسكون إنتركونيكت تكنولوجي سيدني لو والرئيس التنفيذي لسمارت موبيليتي الأمير فهد بن نواف.

قرار بناء المصنع في السعودية يعكس تحوّلاً في أولويات الاستثمار العالمية، خاصة في قطاع التكنولوجيا النظيفة والتنقل الكهربائي

وتوسعت الشركة في ربط السيارات الكهربائية وشحنها من خلال استحواذها على مجموعة بريتل أس.دبليو.أتش الألمانية التي تغير اسمها إلى فوكسكون إنتركونكت تكنولوجي فولتيرا في عام 2023، وكذلك أوتو كابل غروب في 2024.

وهذا التوسع يأتي في إطار إستراتيجية أكبر لفوكسكون إنتركونكت تكنولوجي نحو تعزيز قدراتها في مجال الاتصال، والبُنى التحتية للتوصيل، وشحن المركبات الكهربائية، بعد أن قامت في السنوات الأخيرة ببعض الاستحواذات في أوروبا لتعزيز هذه التوجهات.

ويعكس قرار بناء المصنع في السعودية تحوّلاً في أولويات الاستثمار العالمية، خاصة في قطاع التكنولوجيا النظيفة والتنقل الكهربائي، حيث تسعى الدول لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتوطين الصناعات المتقدمة ضمن سياسات التحول الاقتصاد.

والمصنع المنتظر سيكون قاعدة تصنيع للشركة التايوانية العملاقة في الشرق الأوسط، وما إن يبدأ العمل في ديسمبر، سيُمثل خطوة محورية ليس فقط للشركة بل أيضاً للاقتصاد السعودي الذي يسعى لتنويع مصادر الإنتاج الصناعي وجذب الاستثمارات التكنولوجية.

ومن منظور اقتصادي، فللمشروع آثار هامة. أولاً، سيرفع من القدرة الإنتاجية للبلد الخليجي في قطاع متنامٍ عالميًا حيث الطلب على المركبات الكهربائية وشواحنها يزداد بسرعة.

كما من المتوقع أن يُوفّر فرص عمل محلية متخصصة، سواء في التصنيع أو في سلاسل التوريد المرتبطة، بما في ذلك المكونات، والخدمات اللوجستية، والصيانة، وربما البحث والتطوير.

والأهم أنه سيُعزز من مكانة السعودية كوجهة صناعية جاذبة للاستثمارات التكنولوجية، خصوصًا مع البنية التحتية والتسهيلات التي توفرها، ما قد يجذب مزيدًا من المشاريع المماثلة من شركات دولية تبحث عن تنويع مواقع إنتاجها.

pp

ومع ذلك هناك بعض التحديات، فالحصول على الطاقة المستدامة، وضمان سلسلة توريد موثوقة للمواد والمكونات، وتأهيل الكوادر المحلية للعمل في التصنيع المتقدم يشكل مسألة ضرورية لتخطيها حتى ينجح المشروع ويتطور في المستقبل.

كما أن المصنع سينطلق في سياق تنافس إقليمي متزايد بين دول الشرق الأوسط الأخرى التي تحاول استقطاب صناعات التكنولوجيا، مثل الإمارات وتركيا وغيرهما. وكذلك، فإن المسائل التنظيمية والبيئية يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار لضمان استدامة المشروع.

ويشير المشروع إلى أن فوكسكون ترى في الشرق الأوسط فرصة إستراتيجية مهمة، خاصة وأن البلد الخليجي وضع تسهيلات قانونية في قوانين الاستثمار لجذب كبرى الشركات، بما يخدم أجندة التحول الاقتصادي بحلول عام 2030.

وبعد أن توسّعت أف.آي.تي نحو أوروبا، فاستثمارها في السعودية يدل على رغبة في نشر التصنيع والتوصيل وتكنولوجيا المركبات الكهربائية بالقرب من الأسواق الجديدة، وتفادي بعض مخاطر سلاسل التوريد التي تعتمد على دول بعيدة أو تتعرض لتقلبات. كما أن التصنيع المحلي يُمكِّن من خفض التكاليف المتعلقة بالنقل والزمن والجمركيات، ويُسرّع من الاستجابة للطلب المحلي والإقليمي.

ورغم أن إنجاز المصنع لا يزال في بدايته لكن الإعلانات والتحضيرات تدل على أن المشروع يسير نحو التنفيذ. وستعتمد النتائج الفعلية على مدى التزام الشركاء المحليين، والاستقرار في السياسات الداعمة، وكذلك التطورات التقنية في سوق المركبات الكهربائية.

ويقول الخبراء إنه في حال نجح المشروع، فقد يُشكل نموذجًا يُحتذى به لبقية دول المنطقة، ما يُسرّع من نهضة صناعية جديدة في الشرق الأوسط قائمة على التكنولوجيا النظيفة والربط الكهربائي والتنقل الكهربائي.

وتشييد المصنع ليس مجرد استثمار آخر للشركة التايوانية، بل خطوة إستراتيجية تؤكد أن المنطقة لم تعد مقصورة على تصدير الموارد فقط، بل ستُصبح لاعبًا مهمًا في شبكات التصنيع العالمي الحديثة، خاصة في القطاعات التي تُشكّل مستقبل التنقل والتكنولوجيا.

حح

وأنفقت السعودية المليارات من الدولارات في محاولة تحويل نفسها إلى مركز لإنتاج السيارات الكهربائية والتغلب على العقبات بما في ذلك الافتقار إلى البنية التحتية والمواهب والمواد الخام، بينما تسعى إلى اللحاق بالسباق العالمي لجني الأرباح من صناعة جديدة.

وكجزء من خطة أوسع لولي العهد السعود الأمير محمد بن سلمان لوقف اعتماد الاقتصاد على النفط وتوفير فرص العمل، استثمرت الرياض 10 مليارات دولار في شركة لوسيد الأميركية، وأنشأت سير، العلامة المحلية الخاصة، وبنت مصنعا لمعادن المركبات الكهربائية.

4