"عطل السلام" أداة بوليساريو لتدجين أطفال المخيمات لأغراض سياسية
الرباط - التحق العشرات من الأطفال المنحدرين من مخيمات تندوف ببعض الدول الأوروبية، مؤخرا، في إطار ما يُعرف ببرنامج “عطل السلام”، الذي تنظمه جبهة بوليساريو، بدعم من جمعيات مدنية مساندة للطرح الانفصالي في إسبانيا وإيطاليا وبريطانيا وأميركا اللاتينية، ويهدف البرنامج، بحسب القائمين عليه، إلى “تمكين أطفال المخيمات من قضاء عطلتهم الصيفية بعيدا عن ظروف العيش الصعبة” في مخيمات تندوف، غير أن تقارير مختلفة إلى جانب شهادات حقوقيين أكدت توظيف الأطفال في أنشطة سياسية ودعائية وتسول المساعدات الإنسانية، في خرق سافر لاتفاقية حقوق الطفل.
وشهد البرنامج انتقادات مستمرة حيث حذر تحالف المنظمات غير الحكومية الصحراوية من الاستمرار في استغلال الأطفال الصحراويين في مخيمات تندوف تحت غطاء برنامج “عطل السلام”، مما يتسبب في نتائج كارثية على التماسك الاجتماعي والانتماء الثقافي والديني لهؤلاء الأطفال وأسرهم، كما أن البرنامج يفتقر إلى الرقابة اللازمة، مما يعرض الأطفال لمخاطر مثل التحرش الجنسي والاغتصاب، معربا عن قلقه البالغ إزاء استمرار جرائم الاتجار بالبشر رغم التدابير المتخذة على كافة الأصعدة الدولية والإقليمية والوطنية، لافتا إلى نسيان الآلاف من الأشخاص في مخيمات غير نظامية خارج نطاق آليات الأمم المتحدة لحماية حقوق الإنسان.
وطالبت منظمات حقوقية دولية بفتح تحقيق مستقل وشامل في آلية تنظيم برنامج “عطل السلام”، مع التركيز على ضمان عدم استغلال الأطفال أو توريطهم في ممارسات تندرج ضمن الاتجار بالبشر أو التبني القسري، وضرورة وضع إطار قانوني واضح لمراقبة مثل هذه البرامج وضمان عودة جميع الأطفال إلى أسرهم في نهاية العطلة.
وأكد محمد سالم عبدالفتاح، رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، أن “استمرار برنامج عطل السلام يطرح العديد من علامات الاستفهام، خاصة في ما يتعلق بالتوظيف السياسي للطفولة في كسب التعاطف وجلب التأييد للمشروع الانفصالي في صفوف العائلات الأوروبية المضيفة، كما تستغله الجبهة كأداة دعائية فجة تخدم أجندتها السياسية، وتمنح مشروعها الانفصالي غطاءً إنسانيا زائفا، إضافة إلى استغلاله في جمع التبرعات ومراكمة الأموال تحت ذريعة التضامن مع أطفال تندوف”.
وشدد في تصريح لـ”العرب” على أن “بوليساريو رفضت في الكثير من الأحيان إعادة الأطفال إلى أسرهم البيولوجية بعد انتهاء مدة هذا البرنامج، الذي تنجم عنه انتهاكات خطيرة لحقوق الأطفال وعزلهم عن أسرهم وبيئتهم الاجتماعية الطبيعية تحت ذرائع مختلفة، وفي غياب المراقبة والتتبع من ذويهم”، لافتا إلى أنه “لم يسبق للجبهة ولا الجهات المتضامنة معها أن فتحت تحقيقا حول الانتهاكات التي يتعرض لها هؤلاء الأطفال أو اتخاذ إجراءات لمحاسبة المتورطين فيها”.
وأورد محمد عبدالفتاح، رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، لـ”العرب” أن استغلال الأطفال القاصرين بمثابة امتداد لنهج المتاجرة بالمآسي الإنسانية، تسعى من خلاله الجبهة إلى استدرار التعاطف وتحصيل دعم سياسي ومالي، وذلك في إطار سياسة تراكم بها أرصدة رمزية لدى شبكات دعم لا تزال تنشط داخل بعض الأوساط اليسارية والعدمية في أوروبا، التي تبارك هذه الممارسات، رغم الخروقات الجسيمة لمبادئ الحياد الإنساني وللاتفاقيات الدولية، وعلى رأسها اتفاقية حقوق الطفل التي تمنع الزج بالقاصرين في أي أنشطة ذات طابع سياسي أو تعبوي.
وتكمن الخطورة في استغلال الأطفال الذين استفادوا سابقا من برنامج “عطل في سلام” الإسباني، وتحولوا من أطفال لاجئين إلى عناصر متطرفة تنشط داخل تنظيمات إرهابية، لاسيما في منطقة، حسبما كشفته تقارير استخباراتية إسبانية حديثة، تورط فيها بعض الأشخاص الذين نشأوا في مخيمات تندوف، المرتبطة بجبهة بوليساريو، في أنشطة إرهابية تستهدف الأمن الأوروبي.
ولا يقتصر توظيف أطفال مخيمات تندوف على ما هو سياسي ودعائي من خلال وقفات احتجاجية صورية ببعض المدن الأوروبية، بل وصلت إلى الاعتداءات الجنسية على الأطفال المستفيدين من هذا البرنامج، مع التأثير في معتقداتهم الدينية، عندما حل فوج من أطفال المخيمات بكنيسة بفرنسا في نسخة السنة الماضية، حيث جرى استقبالهم وإلقاء دروس دينية على مسامعهم، إضافة إلى إخضاعهم لطقس التعميد المسيحي.
وفي الإطار ذاته، أكد تحالف المنظمات غير الحكومية الصحراوية أن “كنيسة أميركية، تدعى كنيسة الصخرة، مولت مشروعا تعليميا للغة الإنجليزية لأطفال مخيمات تندوف، بالإضافة إلى مشاريع من قبيل رحلات الصلاة إلى الصحراء، وهي كلها محاولات لطمس الهوية الدينية للأطفال الصحراويين بمخيمات تندوف، وممارسة الاستغلال الديني بشكل بشع”.
ومع تصاعد الانتقادات الموجهة لقيادة بوليساريو بسبب الظروف التي يعيشها سكان مخيمات تندوف خصوصا الأطفال، أكدت المنظمة الأفريقية لمراقبة حقوق الإنسان أن البرنامج يهدف إلى تحقيق غايات سياسية دعائية تخدم أطروحات بوليساريو، كما أصبح مصدرا للربح السريع لقيادات الجبهة، حيث يتم استخدام الأطفال لاستدرار الدعم الإنساني واستغلال المساعدات.