طموحات تونسية لزيادة تحفيز صادرات صناعة النسيج

خطط حكومية للتغلب على العقبات أمام ازدهار الإنتاج والمبيعات.
الجمعة 2025/08/29
تركيز كامل على الجودة

في ظل السعي لتعزيز النمو الاقتصادي ودعم ميزانها التجاري، تطمح تونس إلى زيادة تحفيز صادرات قطاع النسيج، أحد أعمدة صناعتها التقليدية والإستراتيجية. ومع اشتداد المنافسة العالمية وتغير متطلبات الأسواق وخاصة الأوروبية، تسعى الحكومة إلى النهوض به بشكل أكبر.

قصر هلال (تونس) – تتطلع تونس إلى استكشاف المزيد من الفرص لتسويق منتجات النسيج في الخارج، بما يترجم خططها الرامية إلى إنعاش القطاع كونه أحد المجالات الحيوية المدرة للعملة الصعبة والمولدة للوظائف.

وأفاد وزير الاقتصاد والتخطيط سمير عبدالحفيظ بأن قيمة صادرات القطاع سجلت خلال الأشهر الخمسة الأولى من سنة 2025 نموا بنسبة 2.6 في المئة على أساس سنوي لتبلغ 3.94 مليار دينار (1.17 مليار يورو).

ونقلت وكالة الأنباء التونسية الرسمية عن عبدالحفيظ قوله، خلال حدث احتضنته مدينة قصر هلال في ولاية (محافظة) المنستير الأربعاء، إن “التوقعات تشير إلى ارتفاع قيمة الصادرات بنهاية العام لتبلغ 9.36 مليار دينار (أكثر من 3 مليارات دولار).”

سمير عبدالحفيظ: رغم المؤشرات الإيجابية يواجه القطاع تحديات عديدة
سمير عبدالحفيظ: رغم المؤشرات الإيجابية يواجه القطاع تحديات عديدة

وأوضح أثناء افتتاحه الندوة الوطنية حول “واقع وآفاق قطاع النسيج بتونس” أن تلك الحصيلة ستجعل القطاع يسجل نموا في حدود اثنين في المئة على أساس سنوي.

وأشار إلى أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة وذات المساهمات الأجنبية زادت خلال النصف الأول من هذا العام بنسبة 42 في المئة بمقارنة سنوية لتصل إلى 43.43 مليون دولار.

ويقدر متوسط قيمة صادرات القطاع السنوية خلال السنوات الخمس الأخيرة بـ2.5 مليار دولار، وهي أعلى من مصر التي تبلغ 1.1 مليار دولار وأقل من المغرب بواقع 4.4 مليار دولار.

وبحسب بيانات إحصائية للوكالة التونسية للنهوض بالصناعات التابعة لوزارة الصناعة، فإن عدد الشركات الناشطة في القطاع الذي يوظف 160 ألف شخص، يبلغ 1600 شركة، 85 في المئة مصدرة كليا لإنتاجها.

وتتركز أغلب شركات النسيج في مدن قصر هلال وجمال وطبلبة في ولاية المنستير، وقصر السعيد وسكرة في ضواحي العاصمة تونس وبئر القصعة في بن عروس إلى جانب ولايات صفاقس وسوسة وبنزرت والمهدية ونابل والقيروان وسيدي بوزيد.

وتعمل هذه الشركات في عدة تخصّصات وأهمّها الملابس الجاهزة والملابس المنسوجة، ويختلف رأس مالها من واحدة إلى أخرى، بين رأس مال تونسي ورأس مال أجنبي.

وتنتج نحو 80 في المئة من المصانع حصريا لأوروبا، وهو ما يعني أنها شديدة التأثر بما يحدث هناك بدليل أن الصادرات إلى التكتل خلال عامي أزمة كورونا تأثرت بشكل ملحوظ.

وواجه القطاع، الذي يعد أحد أهم القطاعات الصناعية في البلاد، أزمة حادة في ظل تعثر العديد من الشركات أو توقفها اضطراريا لتراكم الديون وعدم توفر السيولة لمواصلة نشاطها.

وجعلت التداعيات الكارثية التي خلّفتها الأزمة الصحية الكثير من العمال في حيرة بعد أن تم تسريحهم أو بقوا بلا أجور لأشهر، في قطاع تعوّل عليه الدولة لجلب العملة الصعبة وتوليد الوظائف.

ويشكو القطاع من شح كبير في السيولة وعدم هيكلة ديون الشركات لدى البنوك والصناديق الاجتماعية ولم يتم حتى الآن تنفيذ الآليات الكفيلة بإيجاد حلول لتلك المشاكل، على غرار الحلول الإستراتيجية للنهوض بالقطاع.

وقال عبدالحفيظ إن “القطاع يواجه رغم هذه المؤشرات الإيجابية تحديات عديدة تتمثل خاصة في منافسة قوية من العديد من البلدان وارتفاع كلفة الشحن البحري، وتراجع القدرة الشرائية للمستهلك الأوروبي إضافة إلى الإستراتيجية الجديدة للسوق الأوروبية بحلول 2030.”

3

مليارات دولار تستهدف الحكومة تحقيقها من تجارة القطاع بنمو اثنين في المئة بمقارنة سنوية

وتطرق في حديثه إلى الرسوم المفروضة على انبعاثات الكربون للواردات إلى السوق الأوروبية، والجواز الرقمي لجميع المنتجات المعدة للتصدير نحوها.

كما أن نقص اليد العاملة المختصة والتوريد العشوائي وارتفاع كلفة الطاقة والماء والمواد الخام وطول بعض الإجراءات الإدارية وتعقدها، من بين التحديات لتحفيز صادرات النسيج التونسية.

وتراهن الحكومة على أن يحتل قطاع النسيج والملابس مكانة أهم خلال فترة المخطط التنموي 2026 – 2030، والذي بلغ مرحلة متقدمة في الإعداد بمنهجية تصاعدية وتشاركية، في إطار الرؤية الإستراتيجية للصناعة بحلول 2035.

وترتكز هذه الرؤية على تحقيق صناعة ذات قدرة تنافسية عالية ومحتوى تكنولوجي متطور.

وتتزايد الحاجة إلى التعجيل بوضع خطة عملية تجعل القطاع متفاعلا مع متطلبات الأسواق العالمية وقادرا على المنافسة من خلال العمل على توفير الدعم لتشجيع الاستثمار والابتكار وتطوير القدرات البشرية وتبني التكنولوجيا الحديثة وتقنيات الصناعة الذكية.

وفي مقدمة ذلك الصناعة النظيفة وتقليل انبعاثات الكربون والمزيد من تطوير القطاع ليكون أكثر استدامة، من خلال إعادة تدوير النفايات واستخدام مصادر الطاقة المتجددة.

وذكر الوزير أن العمل سيتواصل خلال الفترة المقبلة على تنفيذ المرحلة الثانية من مشروع البرنامج الشامل للنسيج والملابس الذي يمتد لأربع سنوات حتى عام 2027 بتمويل قدره مليونا دولار.

ويندرج البرنامج في إطار التعاون التونسي – السويسري والتونسي – السويدي وتستفيد منه 33 شركة تنشط في النسيج والملابس والهياكل المساندة للقطاع.

كما ستستفيد 18 شركة من مشروع النهوض بالواردات من البلدان النامية، بالإضافة الى الهياكل المساندة والناشطة في القطاع بتمويل جملي يقدر بنحو 1.8 مليون أورو في إطار التعاون التونسي – الهولندي ويمتد البرنامج من 2023 إلى 2026.

حح

وبين وزير الاقتصاد والتخطيط أن جملة التمويلات الخارجية الموجهة للقطاع بلغت ما قيمته 4.12 مليون دولار في شكل هبات.

ويرى خبراء وأوساط الصناعة أن شركات القطاع وخاصة الصغيرة والمتوسطة منها تحتاج إلى إصلاحات كبرى وشاملة تضمن نموّها وتطور قدرتها التنافسية في الأسواق الخارجية، ولاسيما الأوروبية، التي تستفيد من اتفاقية التجارة الموقعة في 1995.

وسبق أن قال سمير ماجول، رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، وهو تجمّع لأرباب الأعمال، إن “العاملين في القطاع لم يستسلموا أمام المصاعب الكبيرة التي واجهتهم طيلة السنوات الماضية واستطاعوا استعادة وتيرة نشاطهم.”

ومع ذلك شدد ماجول على أنه رغم الانتعاش الملحوظ في نشاط القطاع، إلا أنه لا يزال ضحية السوق السوداء، ويعاني من نقص اليد العاملة المختصة وعدم توفر المناطق الصناعية المهيأة للقيام بأعمالهم على النحو الأمثل.

ويعتمد الاقتصاد التونسي على الصناعة كأحد القطاعات الإستراتيجية التي توفر العملة الصعبة للبلد المرهق ماليا، كما أنها تساعد على امتصاص جزء من البطالة. وتشير التقديرات إلى أن الصناعة تسهم بنحو 28.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لتونس، وتوفر نحو 34 في المئة من فرص العمل للقوة العاملة النشطة في البلاد.

10