صناديق الثروة الخليجية تقود زخم صفقات الاستحواذ عالميا
الرياض – برزت صناديق الثروة السيادية الخليجية خلال العام 2025 كلاعب رئيسي في مشهد الاستثمارات العالمية، مستفيدة من الفوائض المالية الناتجة عن ارتفاع أسعار الطاقة واستراتيجيات التنويع الاقتصادي.
ومع تصاعد التحديات الاقتصادية في مناطق عدة من العالم، ازداد زخم صفقات الاستحواذ التي تقودها هذه الصناديق، خاصة في قطاعات التكنولوجيا، الطاقة المتجددة، والبنية التحتية.
ويعكس هذا التوسع الطموح تحولًا في دور الصناديق الخليجية من مستثمرين تقليديين إلى صناع قرار مؤثرين في الاقتصاد العالمي..
وتسهم الصناديق السيادية ذات السيولة الضخمة في إنعاش سوق صفقات الاندماج والاستحواذ العالمية، التي تخطّت قيمتها الثلاثة تريليونات دولار منذ بداية هذا العام، مدفوعة بسلسلة من الصفقات الكبرى التي شاركت فيها صناديق من الشرق الأوسط وآسيا.
3.5
تريليون دولار حجم صفقات الاندماج والاستحواذ بنمو قدره 34 في المئة هذا العام على أساس سنوي
وفي أحدث جولة في سوق الصفقات أعلنت شركتا بلاكستون وتي.بي.جيم الثلاثاء عن اتفاق للاستحواذ على شركة الأجهزة الطبية هولوجيك مقابل نحو 18.3 مليار دولار شاملة الديون، بمشاركة جهاز أبوظبي للاستثمار وصندوق جي.آي.سي السيادي السنغافوري كمستثمرين أقلية.
وفي الأسبوع الماضي، تعاونت شركة بلاك روك الأميركية العملاقة مع شركة الذكاء الاصطناعي أم.جي.إكس التابعة لشركة مبادلة للاستثمار، وهي صندوق سيادي يتبع حكومة أبوظبي، في صفقة بقيمة 40 مليار دولار للاستحواذ على شركة ألايند داتا سنترز.
وقبلها بأسبوع، دخلت مجموعة كارلايل في شراكة مع جهاز قطر للاستثمار لشراء وحدة الطلاءات التابعة لشركة باسف الألمانية، أحد أكبر شركات الصناعات الكيميائية في العالم في صفقة قدّرت قيمة الوحدة بنحو 7.7 مليار يورو (8.9 مليار دولار).
وفي سبتمبر الماضي، وافق صندوق الاستثمارات العامة السعودي، الذي يرأس ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مجلس إدارته، على شراء شركة ألعاب الفيديو إلكترونيك آرتس (إي.أي) وتحويلها إلى شركة خاصة، في صفقة استحواذ بلغت قيمتها 55 مليار دولار.
وسصبح صندوق الثروة السعودي في نهاية المطاف المساهم الأكبر في إي.أي بينما سيمتلك صندوق كوشنر للأسهم الخاصة أفينيتي بارتنرز حصة قدرها 5 في المئة.
كما تعمل الصناديق السيادية على توسيع فرقها الاستثمارية الداخلية بهدف تنفيذ مزيد من الاستثمارات المباشرة، ما يتيح لها تحقيق أرباح من دون دفع رسوم لبنوك وول ستريت.
وتُعد هذه الكيانات العملاقة التي تتم بسيولة ضخمة من أبرز الداعمين لصناديق الملكية الخاصة، وقد نجحت في الحصول على امتيازات تسمح لها بالمشاركة المباشرة في الصفقات إلى جانب تلك الصناديق، مقابل التمويل الذي توفره.
وعلى وجه الخصوص شهد قطاع التكنولوجيا نشاطاً متزايداً لهذه الصناديق، إذ دعم جهاز أبوظبي للاستثمار في أغسطس الماضي، صفقة استحواذ شركة ثوما برافو على مزود برمجيات الموارد البشرية دايفورس بقيمة تقارب 12 مليار دولار.
صناديق الإمارات والسعودية وقطر كانت الأكثر نشاطا مع استهدافها قطاعات الذكاء الاصطناعي والألعاب الالكترونية والكيماويات
واستثمرت أم.جي.إكس المدعومة من حكومة أبوظبي، ويشرف عليها الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، في شركة أوبن أي.آي وفق تقييم بلغ 500 مليار دولار.
وبالإضافة إلى ذلك دعمت الشركة الإماراتية مشروع الذكاء الاصطناعي إكس أي.آي الذي أسسه الملياردير الأميركي إيلون ماسك، وتخطط للمساهمة في مشروع ستارغيت الذي أعلن عنه الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
في المقابل، ضخّ كل من صندوق جي.آي سي السنغافوري وجهاز قطر للاستثمار أموالاً في شركة الذكاء الاصطناعي الأميركية المنافسة أنثروبيك.
ووفق بيانات جمعتها وكالة بلومبيرغ، ارتفع حجم صفقات الاندماج والاستحواذ بنسبة 34 في المئة هذا العام ليصل إلى 3.5 تريليون دولار، ما يضع عام 2025 على المسار ليكون الأفضل منذ 2021.
وتظهر الإحصائيات إلى أن أكثر من 1.3 تريليون دولار من الصفقات تم تسجيلها في الربع الثالث وحده، مدفوعة بعدد من الاتفاقيات الضخمة.
ويرجح كبار المصرفيين في بنوك الاستثمار استمرار موجة الاستحواذات في الفترة المقبلة، إذ رجّح مدير الأصول الأميركي غولدمان ساكس تسارع نشاط الصفقات بنهاية العام، مع احتمال أن يشهد عام 2026 رقماً قياسياً جديداً في سوق الاندماج والاستحواذ.
وتواصل صناديق الثروة البحث عن فرص جديدة، حيث تدرس ذراع إدارة الأصول التابعة لمبادلة الاستحواذ على شركة كلير تشانل أوتدوور هولدنغز المتخصصة في الإعلانات الخارجية التي تبلغ قيمتها نحو 930 مليون دولار، وفقا لما أوردته بلومبرغ الأسبوع الماضي. كما تتوسع استثمارات تلك الصناديق خارج نطاق الاستحواذات المباشرة، وهو ما يعطيها فرصة لزيادة الأصول وتحقيق المزيد من الإيرادات والأرباح المستدامة.
وعلى سبيل المثال شارك جهاز قطر للاستثمار في جولة تمويل بأكثر من ملياري دولار لصالح الشركة الجديدة التي أسسها وكيل هوليوود الشهير آري إيمانويل، إلى جانب مستثمرين آخرين مثل أبولو غلوبال مانجمنت وآريس مانجمنت.