"صراط".. عن عبثية حياة الإنسان وقتامتها
صراع الإنسان للبقاء على قيد الحياة والتأمل في عبثية الوجود هما الثيمتان الرئيسيتان اللتان بني عليهما الفيلم الإسباني “صراط” للمخرج الإسباني – الفرنسي أوليفر لاكس، والذي عرض في مهرجان كان الأخير الثامن والسبعين وحاز على جائزة لجنة التحكيم الخاصة.
يروي الفيلم قصة لويس (سيرجي لوبيز) الذي يصل إلى صحراء المغرب رفقة ابنه استيبان (برونو نونيز) للبحث عن ابنته المفقودة مارينا التي كان آخر ما يعلمه عنها أنها سافرت لحضور إحدى هذه الحفلات التي يقيمها السياح الأوروبيون في الصحراء جنوب المغرب.
يبدأ الفيلم بلقطات لتركيب مكبرات الصوت استعدادا للحفلة التي ستبدأ بعد قليل حيث أجساد الرجال والنساء ثملة تتمايل على وقع موسيقى التكنو، فيصل لويس وابنه استيبان عند بدايتها ويقوم بعرض صورة ابنته على الحاضرين فلا يتعرف أحد عليها، لكنه سرعان ما يتعر ف على جيد (جيد أوكي) فتخبره أنها قد تكون موجودة في حفلة ستقام في منطقة أخرى من الصحراء وقد يجدها فيها لكنهم بعد قليل يفاجؤون بوصول الشرطة والجيش إلى الحفل كي يخبروا السياح الأوروبيين بضرورة المغادرة إلى بلدانهم لأن الحرب العالمية الثالثة ستقوم عما قريب.
يغادر الجميع باستثناء جيد وأصدقائها يرفضون المغادرة فيقرر لويس وابنه البقاء معهم والانضمام إليهم. يرافقونهم في رحلتهم عبر شاحنتهم لأن سيارة لويس لا تناسبها وعورة الصحراء.
تبدأ الرحلة الشاقة برفقة جيد وأصدقائها تونين وجوش وستيف؛ أحدهم فقد ساقه والآخر يده، وتبدأ رحلتهم في متاهة الصحراء ليتحول الفيلم إلى فيلم من أفلام الطريق.
تبدأ الأحداث بالتصاعد وتظهر المخاطر التي تهدد حياة هذه المجموعة ويدخلون منطقة بها ألغام من مخلفات الحروب فينجو البعض ويموت البعض الآخر لتتحول حياة الإنسان إلى شيء عبثي.
صور لاكس فيلمه بشريط 16 ملم مما أضفى واقعية على الصورة فجاءت اللقطات البعيدة لتظهر لنا مهابة الصحراء متأملة الكثبان الرملية وضوء الشمس، أما اللقطات القريبة والمتوسطة فأظهرت انفعالات ومشاعر الشخصيات فكانت الصورة هادئة والكاميرا ثابتة معظم الوقت على عكس وقع موسيقى الفيلم الصاخبة مما جعل للفيلم ثقلا بصريا.
أما أداء الممثلين فكان متقنا وخصوصا سيرجي لوبيز بدور لويس الأب الذي فقد ابنته وقطع كل تلك المسافة للبحث عنها في متاهة الصحراء، والذي كان أداؤه مميزا وواقعيا، وقد أضاف إلى الفيلم الكثير فكان الفيلم مميزا ضمن الأفلام التي عرضت في مهرجان كان الأخير من كل النواحي ابتداء من اسمه المأخوذ من القرآن الكريم ما لفت الانتباه إليه واستحق جائزة لجنة التحكيم الخاصة عن جدارة.