شبكة 5 جي تولد فرصا ضخمة ومتنوعة للاقتصاد المغربي

إطلاق الجيل الخامس ابتداءً من نوفمبر المقبل سيدخل قطاع الاتصالات المغربي لمرحلة تحول جذري بالتزامن مع تنظيم كأس أفريقيا لكرة القدم.
الأربعاء 2025/09/10
فرص واعدة

الرباط - تمثل شبكة الجيل الخامس (5 جي) نقلة نوعية في عالم الاتصالات والتكنولوجيا، ومع بدء استعدادات المغرب لاعتماد هذه التقنية المتطورة، تتزايد التوقعات بشأن الفرص الاقتصادية الكبيرة التي قد تفتحها أمام مختلف القطاعات.

ولا يعني إدخال هذه الشبكة إلى الخدمة فقط سرعة أعلى في الاتصال بالإنترنت، بل تتعدى ذلك لتُحدث تحولاً في كيفية عمل الصناعات وتقديم الخدمات وتعزيز الابتكار.

وبفضل قدرتها على نقل البيانات بسرعات تفوق بكثير الجيل الرابع، وزمن استجابة شبه لحظي، تتيح 5 جي إمكانيات غير مسبوقة لتطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والحوسبة السحابية، ما يفتح الباب أمام البلد لتعزيز مكانته الإقليمية والدولية.

ومن المتوقع أن يُضيف الجيل الخامس للاتصالات فرصاً اقتصادية تتراوح بين 4 إلى 6 مليارات دولار بنهاية العقد الجاري، بينما تستعد شركات الاتصالات في البلاد لإطلاق الخدمة قبل نهاية العام.

وبحسب مذكرة لمكتب الأبحاث والتحليلات المالية التابع لبنك أفريقيا، ثالث أكبر بنك في المغرب، فإن “إطلاق الجيل الخامس ابتداءً من نوفمبر المقبل سيدخل قطاع الاتصالات المغربي لمرحلة تحول جذري بالتزامن مع تنظيم كأس أفريقيا لكرة القدم.”

وباعت الحكومة في يوليو الماضي رخص استغلال شبكات الجيل الخامس للشركات الثلاثة العاملة في البلاد مقابل 2.1 مليار درهم (231 مليون دولار).

6

مليارات دولار مقدار مساهمة الجيل الخامس للاتصالات في الناتج المحلي بحلول 2030

وقد تعهدت الشركات وهي اتصالات المغرب وإنوي وأورنج بتنفيذ استثمارات في هذا القطاع بنحو 80 مليار درهم (نحو 8 مليارات دولار) حتى عام 2035.

وتندرج خطة السلطات ضمن إستراتيجية “المغرب الرقمي 2030” والتي تسعى لتغطية 8 مدن رئيسية بالجيل الخامس بحلول نهاية العام الجاري، على أن تصل النسبة إلى 25 في المئة العام المقبل.

ومن المقرر أن تبلغ 85 في المئة بحلول نهاية العقد الحالي، تزامناً مع استضافة البلاد لكأس العالم 2030، حيث يُعد تعميم الجيل الخامس أحد متطلبات الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا).

وكانت الحكومة قد أطلقت في سبتمبر الماضي الإستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي بميزانية تبلغ قرابة 1.1 مليار دولار وذلك لمواكبة الاستثمار الأمثل في الفرص التنموية الهائلة التي يتيحها التحول التكنولوجي.

وكتبت الباحثتان لمياء جبور ودنيا فيلالي في مذكرة بنك أفريقيا والتي أودرتها بلومبيرغ الشرق أن “الفرص الاقتصادية المتوقعة من خدمات الجيل الخامس بنهاية العقد الجاري ستُمثل 1.5 إلى اثنين في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.”

في المقابل أشارتا إلى أن هذا التحول في القطاع يواجه تحديات كبيرة من حيث تحقيق الربحية، والاستثمارات الضخمة، والمواعيد النهائية التنظيمية الصارمة.

ووفق البيانات الرسمية يناهز عدد المشتركين لدى شركات الاتصالات في المملكة نحو 47.4 مليون مشترك بنهاية مارس الماضي، وهو يمثل نسبة انتشار 155.8 في المئة مُقارنةً بعدد السكان البالغ 37 مليون نسمة.

خطة السلطات تندرج ضمن إستراتيجية "المغرب الرقمي 2030" والتي تسعى لتغطية 8 مدن رئيسية بالجيل الخامس بحلول نهاية العام الجاري

وحقق القطاع العام الماضي إيرادات بنحو 36 مليار درهم (3.6 مليار دولار) بزيادة سنوية قدرها 3.9 في المئة، ويتوقع أن ترتفع 27 في المئة إلى 46 مليار درهم (4.6 مليار دولار) في 2030. وتتقاسم الشركات الثلاثة حصصاً متساوية تقريباً.

وقالت الباحثتان إن “الجيل الخامس ليس مجرد تقنية جديدة فقط، بل ستُشكل الخدمة رافعة اقتصادية حقيقية، خاصة في القطاعات ذات القيمة المضافة العالية مثل الصناعة الذكية، الصحة الرقمية، الزراعة الدقيقة، والمدن الذكية.”

وتوقعت جبور وفيلالي أن توفر خدمة 5 جي فرصاً جديدة للشركات الناشئة والموردين المحليين والمُستثمرين في الخدمات الرقمية.

وعل الرغم من الفرص الاقتصادية، فإن قطاع الاتصالات في المغرب يواجه تحديات أخرى قد تعرقل التحول المنتظر مع دخول الجيل الخامس.

وأول تلك التحديات ضُعف الثقة في الدفع عبر الهاتف، فرغم وجود 13.7 مليون محفظة إلكترونية نشطة، إلا أن حجم المعاملات لا يزال دون التوقعات، بسبب ضعف الإقبال واستمرار هيمنة الدفع النقدي، بحسب المذكرة.

كما أشارت الباحثتان إلى تأخر المغرب في فتح السوق أمام مشغلي الشبكات الافتراضية، حيث اعتبرتا أن “هذه الخطوة قد تساهم في تنويع العروض، استهداف شرائح جديدة، وتحفيز الابتكار.”

واقترحت المذكرة تشجيع شراكات بين البنوك والمشغلين لتسريع اعتماد الدفع الرقمي، ودعم المحتوى الرقمي المحلي لزيادة استهلاك البيانات من الفيديو والألعاب والموسيقى.

ويبزر ضمن التحديات أيضاً ضرورة تعزيز الأمن السيبراني، فمع توسع الشبكات والخدمات، تزداد الحاجة إلى حماية البيانات والبنية التحتية الحيوية.

وذكرت منصة غلوبال أنديكس سبيدتست في تقرير نشرته الشهر الماضي أن المغرب جاء بالمركز 61 على مستوى العالم في تصنيف جودة الإنترنت الذي يقيس أداء الشبكة سواء على مستوى الاتصال الثابت أو المتنقل.

10