حصيلة مصرية قياسية من ضرائب الاستثمار على أدوات الدين

الأنظار تتجه نحو البلد بوصفه إحدى أبرز الأسواق الناشئة، إلا أن البيروقراطية وعدم استقرار السياسات الضريبية قد يشكلان عائقا أمام جذب الاستثمارات.
الثلاثاء 2025/08/19
مبلغ مجز ينعش الخزينة

في ظل سعي الحكومة المصرية لتعزيز إيراداتها، سجّلت حصيلة قياسية من الضرائب على الاستثمار في أدوات الدين، مثل أذون وسندات الخزانة. ويعكس الارتفاع توجّهًا رسميًا لتعظيم العائد من الأنشطة المالية، وسط تحديات وضغوط تمويلية متزايدة.

القاهرة- قفزت حصيلة مصر من الضرائب على الاستثمار في أذون وسندات الخزانة بأكثر من الضعف خلال العام المالي المنتهي في يونيو الماضي، وفق ما صرحت به مصادر مسؤولة الاثنين.

وعزا أحد المسؤولين الزيادة الكبيرة التي بلغت نحو 302.2 مليار جنيه (6.26 مليار دولار تقريباً) إلى “توسع الحكومة في الاقتراض في ظل مستويات فائدة غير مسبوقة، بهدف سد عجز الموازنة عبر طرح أذون وسندات الخزانة.”

وبحسب بلومبيرغ الشرق أوضح المصدر، الذي طلب مثل بقية المصادر الأخرى عدم كشف هويته، شكّل نمو حجم محافظ المؤسسات الحكومية المستثمرة في أدوات الدين دافعا لتعزز الإيرادات بشكل واضح.

وتقوم الضرائب بدور محوري في تحديد مناخ الاستثمار في أيّ دولة، وفي مصر يُعدّ توحيدها من أهم الخطوات التي يمكن أن تسهم في تحسين بيئة الأعمال وجذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية.

حسن الصادي: ارتفاع أسعار الفائدة أدى إلى زيادة عوائد المستثمرين
حسن الصادي: ارتفاع أسعار الفائدة أدى إلى زيادة عوائد المستثمرين

وتتجه الأنظار نحو البلد بوصفه إحدى أبرز الأسواق الناشئة التي تمتلك إمكانات كبيرة للنمو الاقتصادي، إلا أن البيروقراطية وعدم استقرار السياسات الضريبية قد يشكلان عائقا أمام جذب الاستثمارات التي تسهم في تحقيق التنمية الاقتصادية.

وكان البنك المركزي رفع في مارس 2024 أسعار الفائدة بواقع 600 نقطة أساس، في مسعى لكبح التضخم، لكنه بدأ دورة تيسير نقدي في أبريل الماضي للمرة الأولى منذ أكثر من أربع سنوات ونصف السنة، حيث خفّض الفائدة خلال أبريل ومايو بإجمالي 325 نقطة أساس.

وتبلغ أسعار العائد الأساسية حالياً لدى المركزي المصري 24 في المئة للإيداع و25 في المئة للإقراض لليلة واحدة، بينما يبلغ سعر العملية الرئيسية وسعر الائتمان والخصم 24.5 في المئة.

وأشار المسؤول أيضاً إلى أن إلغاء الإعفاء الضريبي على عوائد أذون وسندات الخزانة والأرباح الرأسمالية الناتجة عن التعامل عليها كان عاملاً رئيسياً في زيادة الإيرادات، مضيفاً أن “الإلغاء تم تدريجياً على مدى خمس سنوات ليشمل 38 مؤسسة حكومية.”

ومنذ عام 2020، ألغت مصر، التي تشكل الضرائب أكثر من ثلثي إيرادات ميزانيتها، الإعفاء على عوائد أذون وسندات الخزانة التي تصدرها وزارة المالية، وكذلك الإعفاء من الضريبة على الدخل للأرباح الرأسمالية الناتجة عن التعامل في هذه الأدوات.

وخلال الفترة الماضية، اتجهت المؤسسات الحكومية إلى ضخ استثمارات ضخمة في أدوات الدين، خاصة العام الماضي، للاستفادة من أسعار الفائدة المرتفعة التي ناهزت 31 في المئة في بعض الإصدارات.

ويرى الخبير الاقتصادي حسن الصادي أن هذا الإلغاء كان عاملاً رئيسياً في زيادة الحصيلة، خاصة من صناديق التأمينات والمعاشات التي تشكل جزءاً كبيراً من المستثمرين في هذه الأدوات المالية.

وأشار الصادي في تصريحات لبلومبيرغ الشرق إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة المحلية أدى إلى زيادة عوائد المستثمرين ومن ثم زيادة القيمة الإجمالية للضريبة المستحقة.

وذكر أن ذلك تحقق بالتزامن مع توسع الحكومة في الدين المحلي لتمويل العجز في الموازنة العامة، وهو ما زاد من حجم الاستثمارات في هذه الأدوات وبالتالي زيادة حصيلة الضرائب على فوائدها.

من ناحية أخرى، زادت حصيلة الضرائب على أرباح البنوك في مصر بنسبة 72.8 في المئة خلال العام المالي الماضي المنتهي في يونيو 2025، لتسجل نحو 98.5 مليار جنيه (2.04 مليار دولار)، بحسب تصريحات ثلاثة مسؤولين حكوميين.

6.26

مليار دولار حجم الضرائب على الاستثمار في أذون وسندات الخزانة في العام المالي الماضي

وأوضح أحد المسؤولين أن هذه القفزة جاءت “بعد التطبيق الكامل لآلية فصل الوعاء الضريبي، بحيث تُفرض ضريبة بنسبة 20 في المئة على العوائد التي تحققها البنوك من الاستثمار في أذون وسندات الخزانة.

وأشار إلى أن “ضريبة أخرى تفرض بنسبة 22.5 في المئة على أرباحها من الأنشطة التجارية والصناعية الأخرى. وهي الخطوة التي بدأ تنفيذها تدريجياً منذ عام 2019.”

وقبل هذا الإجراء، كانت البنوك المصرية تدمج عوائد الأذون والسندات مع أرباحها في وعاء واحد، ما كان يقلص فعلياً الحصيلة الضريبية لسنوات. ومع انتهاء الأرصدة الضريبية المرحلة في نهاية عام 2024، خضعت كامل أرباح البنوك للضريبة بشكل منفصل، ما أدى إلى القفزة الكبيرة في الإيرادات.

وتعول السلطات على قطاع العقارات كمصدر إضافي للتمويل خلال الفترة المقبلة، من أجل توسيع القاعدة الضريبية لتشمل المزيد من الوحدات السكنية والتجارية، مع التركيز على الأصناف الفاخرة منها.

وتسعى في خطتها إلى ضمان تحقيق التوازن بين تحصيل الضرائب وبين تخفيف الأعباء على أصحاب العقارات الصغيرة والمتوسطة، لكنْ خبراء مصريون شككوا في قدرة الحكومة على تحقيق هذه المعادلة. وحصرت الدولة 45 مليون وحدة ومنشأة عقارية، ضمن خطة تستهدف إدراج نحو 1.5 مليون عقار فاخر ضمن القاعدة الضريبية، وفق بيانات مصلحة الضرائب المصرية.

وتُطبق الضريبة العقارية بمعدل 10 في المئة من صافي القيمة الإيجارية السنوية بعد خصم 30 في المئة من المصروفات على الوحدات السكنية، و32 في المئة على الوحدات غير السكنية.

وثمة إعفاءات للوحدات ذات صافي الإيجار السنوي أقل من 24 ألف جنيه (حوالي 474 دولارًا)، مع إعفاء الملاك الذين يمتلكون عقارًا سكنيًا بقيمة سوقية أقل من مليوني جنيه (نحو 40 ألف دولار) بشرط تقديم طلب رسمي للإعفاء.

11