تطور روسي يعزز الموقف المغربي في ملف الصحراء

روسيا بهذا الموقف تكون قد قطعت نصف الطريق نحو الاعتراف بمقاربة الحكم الذاتي المغربية.
الثلاثاء 2025/10/14
الاعتراف بمغربية الصحراء يتزايد

الرباط - في تزامن مع استعداد مجلس الأمن الدولي، الذي تتولى روسيا رئاسته الدورية حاليا، لمناقشة مشروع قرار جديد يتعلق بملف الصحراء، كشف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الاثنين من موسكو، في لقاء عقده مع الصحافيين العرب، أن بلاده مستعدة للترحيب بمقترح الحكم الذاتي المغربي لإنهاء الصراع حول الصحراء، إذا ما تم ذلك عبر اتفاق جميع الأطراف.

ويرى مراقبون أن روسيا بهذا الموقف تكون قد قطعت نصف الطريق نحو الاعتراف بمقاربة الحكم الذاتي المغربية بعد أن كانت في السابق تلتزم بفكرة الاستفتاء، مشيرين إلى أن التغيير الكبير في موقف الدول الكبرى من المقاربة المغربية جعل موسكو تسير على نفس الخط، وأن على الجزائر وبوليساريو انتظار موقف روسي كامل في صالح المقاربة المغربية.

وأبدت الحكومة الروسية لأول مرة تفاعلها الإيجابي مع مقترح الحكم الذاتي المغربي كخيار واقعي لطي الملف، حيث أبرز لافروف أن الموقف الروسي بشأن قضية الصحراء “يرتكز على قرارات الأمم المتحدة،” مضيفا أن بلاده تدعم مبدأ تقرير المصير من خلال “الحوار” وليس عبر “إجراءات أحادية،” وتابع “مقترح الحكم الذاتي المغربي يمكن أن ينجح، شرط اتفاق جميع الأطراف وتحت إشراف أممي”.

سيرجي لافروف: مقترح الحكم الذاتي يمكن أن ينجح شرط اتفاق جميع الأطراف
سيرجي لافروف: مقترح الحكم الذاتي يمكن أن ينجح شرط اتفاق جميع الأطراف

ولم يكرر لافروف الموقف الكلاسيكي الذي دأبت عليه موسكو لسنوات طويلة بخصوص تقرير المصير، بل أدرج مقترح الحكم الذاتي وهو تحول سياسي في اللغة الدبلوماسية الروسية.

واعتبر لافروف أن مشكلة الصحراء المطروحة على الطاولة منذ 50 عاما، كانت في السابق تسير نحو تنفيذ الاستفتاء، “لكن الوضع تغيرا لاحقا،” موضحا أن المقترح المغربي بشأن الحكم الذاتي “يمكن أن يكون حلا، طالما أنه منصوص عليه من طرف الأمم المتحدة ويتماشى مع قراراتها، وإذا كان مقبولا لدى الجميع فهو مقبول لدينا أيضا”.

ويعتقد هشام معتضد، الأكاديمي والخبير المغربي في الشؤون السياسية والإستراتيجية، أن ما صدر عن لافروف إشارة دقيقة لتحوّل بنيوي في المقاربة الروسية لهذا الملف، في لحظة تتقاطع فيها تحولات الجغرافيا السياسية مع حسابات موسكو الجديدة في العالم العربي وأفريقيا، إذ يعيد تعريف مخطط الحكم الذاتي المغربي باعتباره أحد أشكال تقرير المصير، بما يتوافق مع المنطق الواقعي الذي دافع عنه المغرب منذ 2007، دون أن يخرج عن اللغة القانونية الأممية التي تُشكل مرجعية الموقف الروسي التقليدي.

ويرى معتضد، في تصريح لـ”العرب” أن تبنّي موسكو لهجة أكثر إيجابية تجاه مقترح الحكم الذاتي لا يخدم فقط مصالح المغرب، بل يُعيد تموقع روسيا في شمال أفريقيا كقوة قادرة على الجمع بين الواقعية القانونية والمناورة الدبلوماسية.

وأضاف الخبير المغربي أن الأهمية الحقيقية في الموقف الروسي تكمن في التحول المفاهيمي الذي حمله تصريح لافروف، فحين يتحدث عن “تقرير المصير عبر طاولة الحوار” لا عبر “الإجراءات الأحادية،” فهو يتخلى ضمنيًا عن التصور الكلاسيكي الذي ربط هذا المبدأ حصريًا بالاستفتاء، ليُقرّبه من النموذج المغربي الذي يُقدّم الحكم الذاتي كصيغة حديثة لتقرير المصير داخل السيادة الوطنية.

وارتباطا بالمشاورات القبْلية، أعلنت وزارة الخارجية الروسية أن نائب وزير الخارجية سيرغي فيرشينين عقد الخميس 9 أكتوبر الجاري في موسكو، اجتماعا مع سفير المملكة المغربية لدى روسيا، لطفي بوشعرة، في إطار المشاورات الدبلوماسية المنتظمة بين البلدين، تناول سبل تعزيز العلاقات الثنائية، ومناقشة جدول الاتصالات المقبلة على مختلف المستويات، مشددين على التزام البلدين بمواصلة التنسيق ودعم الحلول السياسية والدبلوماسية لتسوية النزاعات.

وفي سبتمبر الماضي أجرى وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة مباحثات هاتفية مع لافروف، بهدف مواصلة وتعزيز الحوار السياسي والعلاقات الودية التقليدية بين البلدين وفق روح بناءة واحترام متبادل، حيث أشاد الوزيران بالتقدم الملحوظ الذي تم إحرازه على صعيد العلاقات الثنائية.

1