تحالف انتخابي للأحزاب المصرية يمهد لتركيبة برلمانية مكررة
من الصعب هيمنة حزب بعينه في ظل تشابه الأحزاب وتقارب أفكارها وولاءاتها، ولذا فإن النقاشات تدور حول توزيع نسب الأحزاب داخل القوائم النسبية لمجلس النواب، وتشكيل ائتلاف انتخابي من الأحزاب الفائزة خاصة أن جميعها قريب من السلطة وليس عليها أي فيتو.
القاهرة- تسير الانتخابات البرلمانية المقبلة في مصر على نفس وتيرة الاقتراعات السابقة، مع الإعلان عن تشكيل تحالف انتخابي عريض يضم 13 حزبا بينها أحزاب معارضة، بهدف خوض انتخابات مجلس الشيوخ في أغسطس المقبل، على قائمة واحدة، ما يضمن تمثيلا واسعا للأعضاء المحسوبين على الحكومة وإتاحة مقاعد لأحزاب معارضة ومستقلين، ما يشي بتركيبة برلمانية شبيهة بتلك التي تنتهي ولايتها.
ودعت الهيئة الوطنية للانتخابات الناخبين المقيدين بقاعدة البيانات للتصويت في انتخابات مجلس الشيوخ، وقررت فتح باب الترشح بدءا من السبت (5 يوليو) لمدة خمسة أيام على أن تجرى الانتخابات، يومي 4 و5 أغسطس المقبل.
وعقدت أحزاب المصرية اجتماعها الأول، الخميس، بمسمى “القائمة الوطنية من أجل مصر” للتوافق على معايير اختيار مرشحي القائمة، وشكلت لجنة قانونية مشتركة قالت إنها تتولى الإعداد للخطوات القانونية اللازمة لتقديم مرشحيها، على أن يكون التوافق أولا على مرشحي انتخابات مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان) في أغسطس، وبعدها انتخابات مجلس النواب في نوفمبر المقبل.
المنافسة لن تكون بين أحزاب محسوبة على الحكومة وأخرى على المعارضة، والتنافس سيكون بين أحزاب الموالاة وبعضها البعض
وتشارك في القائمة أحزاب، بينها: “مستقبل وطن” صاحب الأغلبية في البرلمان الحالي، و”حماة الوطن” و”الشعب الجمهوري” و”الحرية المصرية” و “إرادة جيل” و”الوفد” و”التجمع” و”المؤتمر”، وحزب “الجبهة الوطنية” الذي تأسس أخيرا، بمشاركة تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين وتضم مجموعات شبابية بعضها يتبع للأحزاب وآخرين مستقلين، وجميعها تدعم السلطة وتوجهاتها قريبة منها.
وضمت القائمة ثلاثة أحزاب معارضة، جمّدت عضويتها في السابق بالحركة المدنية الديمقراطية، وهي أحزاب: “العدل”، و”المصري الديمقراطي الاجتماعي”، و”الإصلاح والتنمية”، وشاركت إلى جانب التحالف الحكومي في الانتخابات السابقة، واستحوذت على 16 مقعدا في مجلس النواب الحالي.
وتشبه هذه القائمة إلى حد كبير التحالف الذي جرى تشكيله لخوض انتخابات العام 2020، وشارك فيه 12 حزبا وتنسيقية شباب الأحزاب، ما أفضى إلى تركيبة برلمانية سيطر فيها حزب “مستقبل وطن” على 52 في المئة من المقاعد بإجمالي عدد مقاعد بلغ 316 مقعدا، وتوزعت باقي المقاعد من إجمالي 586 مقعدا، على 26 حزبا أغلبها من المحسوبين على السلطة، وبعضها شارك ضمن تنسيقية شؤون الأحزاب، إلى جانب عدد من المستقلين وقريبين من المعارضة.
وقال مصدر مطلع بالقائمة الوطنية من أجل مصر، تحدث شريطة عدم ذكر اسمه، إن المنافسة في الانتخابات المقبلة لن تكون بين أحزاب محسوبة على الحكومة وأخرى على المعارضة، والتنافس سيكون بين أحزاب الموالاة وبعضها البعض، في ظل عدم وجود رغبة لرؤية حزب مهيمن بمفرده على الأغلبية في البرلمان المقبل، كما هو حاصل مع حزب “مستقبل وطن”، والذي طالته انتقادات حادة على أدائه السياسي، والهدف تشكيل ائتلاف يشكل ظهيرا سياسيا للحكومة.
وأضاف المصدر لـ”العرب” أن النقاشات تدور حول توزيع نسب الأحزاب داخل القوائم النسبية لمجلس النواب، ومن ستكون له الغلبة في قائمتين تضم كلاهما 102 من المقاعد، وقائمتين أخريين تضم كلاهما 40 مقعدا، والواقع يشير إلى أن “مستقبل وطن” سيكون له التفوق، لكن لن يشكل أغلبية بمفرده، ويزاحمه حزب “الشعب الجمهوري” و”حماة وطن” و”الجبهة الوطنية”.
وأكد المصدر ذاته أن البرلمان المقبل سوف تتراجع فيه معدلات تمثيل المعارضة التي هي أصلا قليلة للغاية، وبعد أن كانت تشغل 15 في المئة من إجمالي مقاعد القوائم في الانتخابات السابقة، في الانتخابات المقبلة لن تتجاوز 10 في المئة على أقصى تقدير، لأن قدرة المعارضة على تشكيل قوائم بمفردها مستحيلة، وأمامها فرصة للمنافسة على المقاعد الفردية الصعبة مع زيادة عدد الأحزاب الموالية للحكومة.
"مستقبل وطن” سيكون له التفوق، لكن لن يشكل أغلبية بمفرده، ويزاحمه حزب “الشعب الجمهوري” و”حماة وطن” و”الجبهة الوطنية"
وأوضح رئيس اللجنة البرلمانية لحزب التجمع عاطف مغاوري أن تحالف انتخابات 2025 يشبه إلى حد كبير التحالف السابق، وينفضّ عقب انتهاء الاقتراع، ليعود كل إلى صفته الحزبية، ويعبّر كل طرف عن مواقفه السياسية أثناء انعقاد البرلمان.
وأشار لـ”العرب” إلى أن أهميته تكمن في إتاحة الفرصة أمام أكبر عدد من الأحزاب لتكون ممثلة في البرلمان، لأن مجلسي النواب والشيوخ منافذ مهمة لممارسة السياسة في مصر، وتجد الأحزاب صعوبة في المنافسة على المقاعد الفردية مع اتساع الدوائر الانتخابية التي هي في حاجة إلى حملات انتخابية ضخمة، والصعوبة في مجلس الشيوخ، إذ يجري اختيار مئة عضو فردي على مستوى الجمهورية، لافتا إلى وجود توافق بين أحزاب المعارضة على عدم الدخول في خلافات سياسية أثناء الدعاية الانتخابية.
ويضمن النظام الانتخابي في مصر نجاح كل مرشحي القائمة التي تحصل على 50 في المئة + 1 من أصوات الناخبين، دون أي تمثيل لبقية القوائم، وهو نظام تراه دوائر حكومية يضمن تمثيلاً عادلاً لجميع الفئات المنصوص عليها دستورياً، ويخلق برلماناً متجانساً من الأحزاب القوية التي هي أحزاب تقف على أقصى يمين السلطة، وتراه المعارضة لا يحقق التكافؤ ويهدر 49 في المئة من أصوات الناخبين.
وشدد القيادي بالحركة المدنية الديمقراطية (معارضة) طلعت خليل على أن أحزاب الحركة رفضت الدخول في تحالفات انتخابية من أجل الوصول إلى مقاعد البرلمان في ظل حياة سياسية تعاني موتا إكلينيكيا، وأن تشكيل المجالس النيابة بهذه الطريقة التي تتدخل فيها جهات حكومية غير صحي من الناحية السياسية.
وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن ما يشغل أحزاب المعارضة حاليا أن تكرار خوض الانتخابات وفقا للقانون الراهن، قاد إلى عزوف الناخبين عن المشاركة مع انخفاض معدلات من أدلوا بأصواتهم في الانتخابات الماضية، ومن المتوقع أن يتزايد العزوف في الانتخابات المقبلة، مع فقدان الثقة في البرلمان المنتهي مدته، مشيرا إلى أن الحركة المدنية حائرة بين المشاركة في الانتخابات والإعلان عن مقاطعتها.
وتوقّع أن تعلن الحركة الأيام المقبلة موقفها النهائي، وربما تترك الباب مواربا أمام مشاركتها على مستوى القوائم المغلقة والقائمة الفردية، والأمر يخضع لنقاشات واسعة حول مكاسب وخسائر كل قرار، وأن الرغبة في الاشتباك مع الوضع الراهن لا تزال حاضره، والمشكلة في الأجواء العامة للانتخابات.