المعارضة المغربية تنتقد مدارس الريادة والأغلبية تدافع عن المشروع
الرباط - أكد نواب فرق المعارضة البرلمانية بحضور وزير التعليم محمد سعد برادة، في اجتماع لجنة التعليم بمجلس النواب، “استمرار الفجوة بين التصوّر والتنفيذ في قطاع التعليم بالمغرب”، معتبرين أن مشروع مدارس الريادة كتجربة تربوية جديدة تهدف إلى إحداث نقلة نوعية في التعليم العمومي، يظل محدود الأثر ما دامت تحيط به مؤسسات تعاني ضعف التأطير والتجهيز، وأن التركيز على التجهيزات المادية يطغى أحيانا على جوهر الإصلاح التربوي، أي المحتوى، الكفاءات، المنهجية، وبيئة العمل.
ويقول نواب المعارضة البرلمانية إن “هذا المشروع يعاني من نقص في الإنصاف، وتفاوت جهوي، وضعف في الوسائل والتأطير والمتابعة”.
وزارة التربية المغربية أطلقت برنامج المدرسة الرائدة كإحدى الركائز الأساسية في خارطة الطريق 2022 – 2026، لتطوير التعليم والارتقاء بمخرجاته
وقال عمر اعنان، النائب البرلماني عن الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية، إن التقارير تشير إلى أن “هذا المشروع يعاني من نقص في الإنصاف، وتفاوتات جهوية، وضعف في الوسائل والتأطير والمتابعة، مما يجعل تعميمه السريع محفوفا بمخاطر تراجع الجودة وضعف الاستدامة، وأن المقاربة المعتمدة في مدارس الريادة لمعالجة ضعف المهارات الأساسية كالقراءة والحساب والتعبير، هي مقاربة شمولية لا تراعي الفروق الفردية، إذ تركز على الرفع من مستوى التلاميذ المتعثرين، مما يؤدي أحيانا إلى تراجع مستوى المتفوقين”.
ومن جهته، انتقد النائب حسن أومريبط عن فريق التقدم والاشتراكية “الارتباك العميق” في تنفيذ مشروع مدارس الريادة، مشيرا إلى أنه تم إطلاق تكوينات في يوليو الماضي، بعد توقيع محاضر الخروج، وهو ما جعلها غير فعالة، مشيرا إلى أن المشروع “لا يراعي العدالة المجالية”، وأن “مدارس رائدة” تتوفر على أقسام مشتركة ومؤسسات دون مديرين، ما يناقض منطق “الريادة”.
وشدد محمد سعد برادة، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي، على أن “هذه المبادرة تحترم مضامين القانون لإصلاح منظومة التربية والتكوين في المغرب، وتهدف إلى تجويد التعلمات ورفع مستوى الطلاب، وأن الإصلاحات تحتاج إلى وقت وتدرج، ولا يمكننا تقييم نتائج الإصلاحات في عام أو عامين فقط، بل نحتاج إلى خمس أو عشر سنوات لنرى نتائج ملموسة”.
واعتُمد مشروع مدارس الريادة في التعليم الابتدائي الحكومي بدءا من الموسم الدراسي 2023 – 2024، وتم توسيعه ليشمل مئات المؤسسات الحكومية خلال هذا الموسم، واستفاد منه أكثر من مليون تلميذ مغربي حاليا، مستهدفا طلاب التعليم الابتدائي بنسبة 30 في المئة، في الوسطين القروي والمديني. كما وفر برنامجا للدعم المدرسي لفائدة 70 ألفا من الطلاب المتعثرين في التعليم الإعدادي.
وكانت وزارة التربية قد أطلقت برنامج المدرسة الرائدة كإحدى الركائز الأساسية في خارطة الطريق 2022 – 2026، في خضمّ المساعي الحثيثة لتطوير التعليم والارتقاء بمخرجاته في المغرب. ويأتي تبنّي هذا البرنامج في سياق محاولة تجاوز التحديات التي ظلت تعاني منها المدرسة العمومية لعقود، منها ضعف مستوى التحصيل الدراسي ونقص التجهيزات وقلة التكوين المستمر للكوادر التعليمية.
في المقابل، اعتبر نواب الأغلبية البرلمانية أن الحكومة الحالية تسير في الاتجاه الصحيح، موضحين أن الإخفاقات المسجلة في القطاع هي تراكمات عقود طويلة، وأن النقاش العمومي يسائل المدرسة العمومية والكل يتأسف لما وصلت إليه.
مشروع تربوي مغربي يهدف إلى إحداث نقلة نوعية في التعليم العمومي من خلال توفير بيئة تعليمية محفزة ومجهزة بأحدث التقنيات، واعتماد مناهج تربوية حديثة
وقال محمد شوكي، رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار، “نقرّ اليوم بأن الإصلاح في قطاع التعليم يوجد في السكة الصحيحة”، مضيفا “قد نختلف في التعبير حسب وجهات النظر، وأحيانا حسب بعض المصالح الفئوية الضيقة، لكن لن نختلف على أن هذه الملفات أكبر من أي تناول حزبي ضيق ومن أي موقع، فأغلبية اليوم يمكن أن تكون معارضة الغد، ويوجد مجهود كبير وتراكم، لكن البعض يريد أن يسوق إلى أنه لم يتم إنجاز شيء”.
ويهدف مشروع المدارس الرائدة إلى إحداث نقلة نوعية في التعليم العمومي من خلال توفير بيئة تعليمية محفزة ومجهزة بأحدث التقنيات، واعتماد مناهج تربوية حديثة تركز على تطوير مهارات المتمدرسين وإكسابهم القدرات اللازمة لمواجهة تحديات المستقبل.
وأشار نورالدين مضيان، النائب البرلماني عن الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، “كم مرة أكدنا أن مدخل الإصلاح الحقيقي للتعليم ليس فقط المال، بل الإرادة، والبرامج، والدراسة الموضوعية. وأن الإصلاح يجب أن ينبع من رحم الشعب، لا أن يُستورد. الشعب المغربي له هوية، لغة، عقيدة، وأفكار، لا يمكن إغفالها، ومشكلة التعليم بنيوية إذ الإصلاحات كثيرة، لكن لم تُعط نتائج واضحة”، مبرزا أن “البنية التحتية للتعليم هي أساس الإصلاح”.