المعارضة المصرية تراهن على المقاعد الفردية للبرلمان مع تراجع شعبية الحكومة
تراهن أحزاب المعارضة في مصر على المقاعد الفردية في الانتخابات النيابية المقبلة، محاولة في ذلك الاستفادة من السخط الشعبي تجاه الحكومة وظهيرها السياسي.
القاهرة- تبحث المعارضة المصرية عن فرصة للمنافسة في انتخابات مجلس النواب قبل نهاية العام، مع غيابها بشكل شبه كامل عن انتخابات مجلس الشيوخ المزمع إجراؤها أغسطس المقبل.
وينصب تركيز المعارضة على المقاعد الفردية في البرلمان والتي تعتمد على الأصوات المباشرة للمواطنين، مستغلة في ذلك معاناة المواطنين من مشكلات معيشية لم يكن للبرلمان المنتهية ولايته دور في التخفيف منها.
ويعتقد سياسيون أن هناك فرصة مواتية لتوجيه الأصوات العقابية نحو مرشحين محسوبين على أحزاب المعارضة وبعض المستقلين ممن لديهم توجهات ضد الحكومة.
محمد سامي: من غير المأمول الحصول على نتائج مغايرة لصالح معارضين
وأعلن المعارض السياسي أحمد الطنطاوي عن نية حزب تيار الأمل (تحت التأسيس) خوض انتخابات مجلس النواب، بعد شهر ونصف الشهر من إطلاق سراحه عقب قضائه عقوبة بتهمة تزوير توكيلات انتخابات الرئاسة الماضية، وكان مرشحا محتملا فيها.
وقررت اللجنة التأسيسية لحزب تيار الأمل دعم ترشيح بعض الأعضاء على المقاعد الفردية والمستقلين في انتخابات مجلس النواب المتوقعة في نوفمبر المقبل.
وقالت مصادر مطلعة بالحركة المدنية الديمقراطية، وتضم طيفا من أحزاب المعارضة، لـ”العرب” إن الأيام المقبلة ستشهد الإعلان عن مرشحيها في انتخابات مجلس النواب على المقاعد الفردية، ولا مجال للمشاركة بقوائم انتخابية مع صعوبة تشكيل قائمة تستطيع المنافسة في مناطق جغرافية واسعة.
وتتراجع آمال المعارضة في الحصول على تمثيل جيد في البرلمان، فالأحزاب التي انشقت عن الحركة المدنية وشاركت في تحالف انتخابي حكومي ستحصل على مقاعد قليلة، تجعلها تتواجد على هامش القوى ذات التمثيل الكبير في البرلمان.
وواجهت الحركة المدنية الديمقراطية التي سعت لتوسيع دائرة مرشحيها عبر تشكيل هيئة شبابية، مشكلات تنسيقية ومالية وغابت عنها البرامج المقنعة للمواطنين برؤيتها.
وكان من المقرر أن تنافس المعارضة على مقاعد مجلسي الشيوخ والنواب، لكنها تجاهلت المشاركة في الأولى، ولم تحسم موقفها بشكل نهائي من المشاركة في مجلس النواب مع احتدام المنافسة بين أحزاب لها توجهات قريبة من الحكومة وقضت على ما تبقى من مساحة لأحزاب المعارضة، ويبقى التعويل على الأصوات العقابية للمواطنين ممن لديهم رغبة في التصويت لمعارضين، احتجاجا على تمرير قوانين أثارت غضبا مجتمعيا واسعا مؤخرا.
وقال الرئيس الشرفي لحزب تيار الكرامة (أبرز أحزاب الحركة المدنية) محمد سامي إن المستقر عليه بين أحزاب المعارضة عدم تشكيل قائمة موحدة للمشاركة على مقاعد القائمة المغلقة، ولا يوجد ما يشجع على خوض الانتخابات، وهناك آراء متفاوتة في هذا الشأن، وما أقدم عليه أحمد طنطاوي لا يتفق عليه جميع أحزاب الحركة المدنية، ويبدو لعبة سياسية تستهدف إحراج الحكومة.
وأوضح سامي في تصريح لـ”العرب” أن الانتخابات المقبلة تكرار لما جرى في اقتراعات سابقة، ومن غير المأمول الحصول على نتائج مغايرة لصالح معارضين، واعتماد أحزاب المعارضة على الأصوات العقابية دون برامج تقنع بها الرأي العام أمر سلبي ولا تترتب عنه نتائج إيجابية، مع تراجع القدرة على خلق قواعد انتخابية.
عبدالناصر قنديل: قدرة المعارضة على المنافسة تحكمها البيئة السياسية المحيطة بها
وأشار خبير النظم والتشريعات البرلمانية عبدالناصر قنديل إلى أن التنبؤ بنسب المشاركة الشعبية في الانتخابات وتأثيرها على التركيبة الانتخابية واتجاهاتها نحو المعارضة، أمر صعب للغاية، والانتخابات الرئاسية التي جرت منذ قبل عام ونصف، كانت شاهدة على مشاركة 66 في المئة من إجمالي الناخبين، وهي نسبة لم تكن متوقعة بسبب الطبيعة التنافسية غير المتكافئة.
وأوضح قنديل في تصريح لـ”العرب” أن قدرة المعارضة على المنافسة تحكمها البيئة السياسية المحيطة بها، وقدرتها على تعزيز فرص تواجدها في مساحات يمكن أن تتحرك بها، على مستوى القائمة النسبية المغلقة، مع مشاركة أحزاب معارضة فيها، وعلى المقاعد الفردية، ويجبر عدم وجود التمثيل العادل للمعارضة في الانتخابات على الدخول في تحالفات، يمكن وصفها بـ”غير الأخلاقية” مع أحزاب الموالاة، بحثا عن التواجد فقط.
ولا تملك تلك الأحزاب حضورا شعبيا حقيقيا في الشارع، وتفتقر لأي ارتباطات عشائرية وقبلية تدعمها في المقاعد الفردية، وعدم توافر دعم مالي كبير للمنافسة.
وشدد قنديل على أن المعارضة لم تستغل انفراجا استثنائيا حدث في الحياة العامة مؤخرا، كي تزيد من رصيدها في الشارع، ولم توظف انتخابات الاتحادات الطلابية هذا العام لخلق قواعد لها في الجامعات، ولم يكن هناك اهتمام حزبي بها، وهي أماكن نفاذ طبيعية للأحزاب على مدار تاريخها، وكذلك فإن الانتخابات النقابات العمالية العام الماضي، لم تشهد تواجدا لقادة الأحزاب، وكان المرشحون العمال يشكلون العمود الرئيسي المساعد على وصول المعارضة للبرلمان.
ويرى مراقبون أن التعويل على تمثيل أفضل لأحزاب المعارضة في مجلس النواب المقبل عملية صعبة، لكن هناك طموحات لدى البعض لوجود اتجاهات مختلفة للمواطنين تذهب بعشرات المقاعد نحو المعارضة، مدعومة بسوء أداء الحكومة.
ويضيف المراقبون أن أداء المعارضة لم يكن جيدا أيضا، والصوت المرتفع دون أن تقابله رؤية تدحض ما تقدمه الحكومة من قوانين كان سائدا، وظهر ذلك بوضوح في قانون الإيجار القديم، وعدم تقديم قانون بديل لما قدمته الحكومة.
الأحزاب التي انشقت عن الحركة المدنية وشاركت في تحالف انتخابي حكومي ستحصل على مقاعد قليلة
وينتمي بعض أعضاء البرلمان إلى أحزاب المعارضة، لكنهم اتخذوا مواقف قريبة من الحكومة، ورأوا في ذلك حماية لهم لتمكينهم من خدمة دوائرهم، ما يجعل الأصوات العقابية تطال المعارضة أيضا، فهي لم تبذل مجهودا طيلة السنوات الماضية من أجل توطيد صلاتها بالشارع ودعم وجودها بالقرب من الجماهير.
وقال قنديل في حديثه لـ”العرب” إن تأثير السخط الشعبي على نتائج المقاعد الفردية سيكون لصالح المستقلين، وليس مرشحي المعارضة، وعقاب نواب البرلمان يصب في صالح مرشحين ليس لهم انتماء حزبي، كما حدث في الانتخابات الماضية التي نجح فيها 118 عضوا مستقلا، من بين 284 شخصا، ومحافظة الأقصر (جنوب مصر) كانت نموذجا مع توجيه اتهامات لأجهزة شرطية بقتل أحد المواطنين، وهي المحافظة الوحيدة التي خسرت فيها قائمة من أجل مصر ولم ينجح أي من نواب حزب مستقبل وطن (صاحب الأغلبية) وذهبت الأصوات إلى المستقلين.
ويتكون مجلس النواب المصري من 568 عضوا بالانتخاب، منهم 284 يتم انتخابهم بالدوائر الفردية و284 بالقائمة، ويعين رئيس الدولة عددا من أعضاء المجلس بما لا يزيد عن 5 في المئة، ويبلغ إجمالي عدد أعضاء مجلس النواب 596 عضوا.