الفضة تتكلم بلهجة الجنوب في السعودية

الفضة كانت أكثر من زينة، كانت رمزا للمكانة الاجتماعية، و"حصالة أمان" تحفظ قيمتها مع الزمن.
الاثنين 2025/10/13
تتلألأ عبر الزمن

جيزان (السعودية) – في أزقة جازان القديمة، كان للبريق الفضي حضور يأسر الأبصار ويختزن عبق الماضي. لم تكن المشغولات الفضية مجرد حلي للزينة، بل كانت هوية ثقافية وموروثا عريقا تناقلته الأجيال جيلا بعد جيل، يحمل في طياته قصص المكان والناس، ويعكس ذائقة فنية متجذرة في الوجدان الجازاني.

نساء جازان كنّ يعتنين بالفضة كما يعتنين بالذاكرة. فتزيّنت الأعناق بالقلائد الثقيلة المزخرفة، وتلألأت الأيدي بالأساور والخواتم المحفورة بدقة، فيما زيّنت الخلاخل خطواتهن بألحان فضية رنانة تُسمع قبل أن تُرى. أما الرجل الجازاني، فكان يقتني خنجره المفضّض، رمز الرجولة والفخر، محفورة عليه نقوش دقيقة تعكس مهارة الصائغين المحليين الذين أتقنوا الحرفة بالفطرة والتجربة.

واشتهرت الأسواق الشعبية آنذاك بصفوف الصاغة الذين حوّلوا قطع الفضة الخام إلى تحف نابضة بالحياة. لم تكن أدواتهم حديثة، بل اعتمدوا على المطرقة والمبرد والكير، لكن ما أبدعوه كان أقرب إلى لوحات فنية تحمل بصمة جازان الأصيلة، وتُعبّر عن روح المكان بلغة المعدن.

حح

الفضة كانت أكثر من زينة، كانت رمزا للمكانة الاجتماعية، و”حصالة أمان” تحفظ قيمتها مع الزمن، وهدية ثمينة تُقدَّم في المناسبات والأعراس، وتُخبّأ في صناديق خشبية مطرزة بالذكريات.

واليوم، رغم تغير الأذواق وتسارع الحياة، ما زالت المشغولات الفضية الجازانية تحتفظ بمكانتها في المعارض والفعاليات التراثية، لتؤكد أن البريق قد يبهت، لكن التراث لا يبهت أبدا. بل يزداد لمعانا كلما مرّ عليه الزمن.

12