الضغوط تدفع مصر إلى تطوير أداء النظام المصرفي

إطلاق صندوق لتعزيز فاعلية البنوك وسط تقييمات إيجابية من وكالات التصنيف للجدارة الائتمانية للبلاد.
الاثنين 2025/10/13
البنوك أحد المحركات الأساسية للتنمية

تحت وطأة الضغوط الاقتصادية اتخذت مصر خطوة عملية لتعزيز كفاءة واستقرار نظامها المصرفي، في ظل الحاجة إلى تمويل التنمية وتحفيز الاستثمار، حيث برزت مبادرة جديدة كأداة إستراتيجية تهدف إلى رفع كفاءة البنوك وتحديث البنية التحتية المالية في ظل تحسن التقييمات الدولية للجدارة الائتمانية للبلد.

القاهرة - فتحت مصر جبهة جديدة في مسار إصلاح الاقتصاد عبر برنامج طموح تسعى من خلاله السلطات النقدية إلى تطوير النظام المصرفي ليكون ركيزة أكثر فاعلية في عملية التنمية خلال المرحلة المقبلة.

وإدراكا لأهمية القطاع المصرفي في دعم الاقتصاد وضمان استدامة النمو أطلق البنك المركزي السبت صندوق دعم وتطوير الجهاز المصرفي وتشكيل مجلس إدارته لمدة أربع سنوات.

وبحسب بيان للمركزي “يترأس الصندوق حسن عبدالله محافظ البنك، بعضوية نخبة من الخبرات المصرفية وغير المصرفية في القطاع المالي وقطاع تكنولوجيا المعلومات.”

ويتكون مجلس إدارة الصندوق من 11 عضوا، من بينهم نائبا محافظ المركزي للاستقرار النقدي والاستقرار المصرفي، و5 أعضاء من رؤساء البنوك تم انتخابهم بواسطة اتحاد بنوك مصر، وثلاثة أعضاء مستقلين من ذوي الخبرة.

وترأس عبدالله الاجتماع الأول لمجلس إدارة الصندوق، حيث جرت مناقشة إستراتيجيته المستقبلية وأولويات العمل وحوكمة إدارته، وذلك لتحقيق أهدافه الرئيسية.

وتعليقا على الخطوة قال عبدالله إن الصندوق “يأتي في إطار مواصلة جهود تعزيز كفاءة القطاع المصرفي وبنيته التحتية ورفع قدرته التنافسية بهدف مواكبة التطورات التكنولوجية المتسارعة وترسيخ قواعد العمل المهني السليم.”

ووفقا لنظامه الأساسي، يتخذ الصندوق كافة الوسائل التي تضمن تحقيق أهدافه، لاسيما في ما يتعلق بتعزيز البنية التحتية الداعمة لنظم الدفع.

حسن عبدالله: إنشاء الصندوق يندرج ضمن جهود تحسين نشاط البنوك
حسن عبدالله: إنشاء الصندوق يندرج ضمن جهود تحسين نشاط البنوك

كما سيعمل على تطوير البنية التحتية الرقمية والتكنولوجيا المالية وتطوير المنتجات والخدمات المصرفية وسائر عمليات التطوير التي تسهم في رفع كفاءة البنوك.

وتشهد الساحة الاقتصادية سباقا بين شركات المدفوعات الإلكترونية والاستثمارات المالية والبنوك التقليدية (التجارية)، التي تعتزم اقتحام المجال، للفوز بالنصيب الأكبر من كعكة الخدمات الإلكترونية المقدمة عبر البنوك الرقمية.

وتوقعت إحصائيات صادرة عن مؤسسة ستاتيستا الألمانية أن يبلغ حجم المدفوعات الرقمية بالسوق المصرية نحو 21.7 مليار دولار بحلول 2027، كما قدرت أن يصل حجم عائدات البنوك الرقمية إلى نحو 9.6 مليار دولار خلال الفترة ذاتها.

ويجوز للصندوق تأسيس شركات مساهمة أو المساهمة في شركات قائمة، كما يجوز له إبرام بروتوكولات تعاون أو مذكرات تفاهم أو اتفاقيات، بهدف التنسيق والتعاون وتبادل المعلومات والخبرات مع الجهات ذات الصلة محليا ودوليا.

وتركت دورة التسيير النقدي وتماسك الجنيه أثارها على مستوى الودائع المالية في البنوك المحلية، وهو ما قد يؤثر على نشاط البنوك التي تستخدم السيولة التي بحوزتها للإقراض والعمليات التشغيلية الأخرى.

وعلى خلفية ارتفاع سعر صرف العملة وخفض معدلات الفائدة، تباطأ نمو إجمالي رصيد الودائع في 11 بنكاً مدرجاً بالبورصة المحلية خلال النصف الأول من هذا العام، مسجلاً أدنى معدلاته منذ تعويم الجنيه في 2024.

وينشط في السوق المصرية حاليًا 37 بنكا، تنقسم إلى عشرة بنوك حكومية، و6 بنوك خاصة برأس مال مشترك مصري – عربي، وبنك خاص و19 بنكا عربيا وأجنبياً.

ويأتي هذا التحول في إصلاح النظام المالي عبر البنوك بعد يومين من رفع وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيفات الائتمانية جدارة مصر بمقدار درجة واحدة إلى بي من بي- للمرة الأولى منذ سبع سنوات مع نظرة مستقبلية مستقرة.

الأهمية الإستراتيجية لمصر تزايدت بسبب حرب غزة في شكل دعم خليجي ودولي
الأهمية الإستراتيجية لمصر تزايدت بسبب حرب غزة في شكل دعم خليجي ودولي

وبينما أشارت الوكالة إلى الإصلاحات الجارية التي أدت إلى انتعاش حاد في نمو الناتج المحلي الإجمالي، كانت فيتش قد ذكرت في تأكيدها للجدارة الائتمانية للبلاد قبل قرابة السنة إمكانات النمو العالية نسبيًا والدعم القوي من شركائها.

وفي نوفمبر الماضي رفعت فيتش تصنيف مصر إلى بي، بعدما ساعدت الاستثمارات الأجنبية وتشديد الأوضاع النقدية على بناء أوضاع مالية أقوى، بينما يُعد تصنيف ستاندرد آند بورز الأول منذ أن بدأت القاهرة في تلقي الدعم المالي في مارس 2024.

وأشارت ستاندرد آند بورز إلى أن الأهمية الإستراتيجية لمصر قد برزت وتزايدت بسبب الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، وكان ذلك أحد أسباب استمرار دول الخليج ودول أخرى في تقديم الدعم المالي للقاهرة.

واستندت الوكالتان في قرارهما إلى استمرار الإصلاحات الهيكلية ووجود سعر صرف مرن وزيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، وتحسن مؤشرات القطاع الخارجي، والانضباط المالي.

كما تطرقتا إلى تحقيق فائض مالي أولي كبير بنسبة 3.6 في المئة خلال العام المالي الماضي، فضلا عن خفض المديونية الحكومية، وارتفاع معدل النمو إلى 4.4 في المئة خلال عام 2025 مقارنة مع 2.4 في المئة قبل عام.

وعلق وزير المالية أحمد كجوك على تقييم بورز قائلا إنه يعكس إدراك الوكالة “لجدية والتأثير الإيجابي للإجراءات الإصلاحية التي يشهدها الاقتصاد المصري والتزام الحكومة بمواصلة تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي الشامل.”

37

بنكا ينشط في السوق المحلية، بينها عشرة حكومية و7 خاصة و19 بنكا عربيا وأجنبيا

وأضاف في بيان أن “الإصلاحات الاقتصادية والمالية المنفذة والنتائج الاقتصادية الإيجابية المحققة أصبحت محل اهتمام وتقدير لدى المستثمرين والأسواق العالمية والمؤسسات الدولية.” وأشار إلى أن مؤسسات التصنيف بدأت ترفع تقييماتها للاقتصاد المصري، وتغير نظرتها المستقبلية بشكل إيجابي.

وانخفض معدل التضخم السنوي في مصر من مستوى قياسي بلغ 38 في المئة في سبتمبر 2023، إلى 11.7 في المئة بنهاية الشهر الماضي، مدعومًا ببرنامج إنقاذ بقيمة 8 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي.

وذكرت ستاندرد آند بورز أنه “نظرًا لتوقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي الأقوى، وزيادة الإيرادات إلى جانب ضبط الإنفاق، وأهداف الفوائض الأولية المرتبطة ببرنامج صندوق النقد الدولي، نتوقع استمرار ضبط أوضاع المالية العامة، وإن كان بوتيرة تدريجية.”

وأوضحت أنه إلى جانب برنامج صندوق النقد الدولي، من المتوقع أن يستمر الالتزام بسعر صرف تحدده قوى السوق في دعم آفاق نمو الناتج المحلي الإجمالي في مصر وجهود ضبط أوضاع المالية العامة خلال السنوات المالية 2025 – 2028.

وفي الربع المالي الممتد من أبريل إلى يونيو الماضيين، ارتفعت إيرادات السياحة بنسبة 20 في المئة، وهو ما يُظهر تعافيًا قويًا من آثار الجائحة، بينما ارتفعت تحويلات المغتربين، وهي مصدر رئيسي آخر للعملة الأجنبية، بنسبة 36.5 في المئة.

1

 

4