الجزائر ترصد أكبر ميزانية بعجز غير مسبوق في 2026
الجزائر - تظهر المؤشرات الأولية لمشروع موازنة الجزائر لعام 2026 إلى تحوّل لافت في السياسة المالية، مع تسجيل البلاد لأكبر ميزانية في تاريخها الحديث مقرونة بعجز غير مسبوق.
ورغم التحسن النسبي في عائدات الطاقة، تكشف أرقام الإنفاق العام عن توجه توسعي واضح يراهن على تحفيز الاقتصاد وتحسين الأوضاع الاجتماعية، في وقت تفرض فيه التحديات الداخلية والخارجية ضغوطًا متزايدة على التوازنات المالية.
وتتجه الحكومة لاعتماد ميزانية تفوق 135 مليار دولار، مع مخصصات مالية غير مسبوقة لقطاع الدفاع تقدر بحوالي 27.17 مليار دولار، بزيادة تقارب ملياري دولار عن العام الماضي.
لكنّ جزءا كبيرا منها يقوم في الأساس على تبني حزمة من الإجراءات الاقتصادية والاجتماعية الكبرى، وفقا لما أظهرته وثيقة مشروع قانون المالية للعام المقبل.
وتعكس المبالغ المرصودة حرص السلطات على دعم النمو الاقتصادي وتحسين القدرة الشرائية للمواطنين وزيادة في رواتب الموظفين، خاصة مع توقعات الحفاظ على تحصيل إيرادات مستقرة من تجارة النفط والغاز.
74
مليار دولار العجز المالي المتوقع من ميزانية يبلغ حجمها حوالي 136 مليار دولار
وكانت الجزائر قد اعتمدت ميزانية بقيمة تقدر بحوالي 128 مليار دولار في عام 2025، مقابل 113 مليار دولار لعام 2024.
واللافت أن ميزانية الدولة في السنوات الأخيرة شهدت منحى تصاعديا في حجم العجز، فقد قفز من 45 مليار دولار عام 2024 إلى 62 مليار دولار هذا العام. ومن المتوقع أن يصل إلى 74 دولار خلال العام المقبل.
ووفقا للوثيقة، ستبلغ الإيرادات الإجمالية نحو 62 مليار دولار، فيما تصل قيمة التحويلات الاجتماعية (مخصصات الدعم) إلى 44.6 مليار دولار، منها 3.3 مليار دولار موجهة لمكافحة البطالة.
وتتضمن الميزانية زيادة حجم الأجور بنحو 1.4 في المئة إلى 45 مليار دولار، ما يعادل الثلث من ميزانية الدولة، أما المبلغ المخصص لدعم المواد الأساسية كالحبوب والحليب والماء المحلّى والطاقة والسكر والزيت والقهوة، فيتجاوز 5 مليارات دولار.
وستفوق التحويلات الموجهة للأشخاص المستفيدين من منحة البطالة وعددهم يفوق المليوني شخص، 3 مليارات دولار، وهو المبلغ ذاته تقريباً المخصص لمعاشات المتقاعدين ومستحقاتها.
ولا يتضمن مشروع القانون أيّ ضرائب جديدة، لكنه يقترح إجراءات صارمة لمحاربة التهرب الضريبي، الذي يمثل المصدر الرئيسي للاقتصاد الموازي، والمقدر بين 50 و60 مليار دولار.
وتشمل هذه الإجراءات رفع الغرامات على المخالفات الجبائية، وتشديد الرقابة على المعاملات المالية بهدف تحصين النظام المالي وزيادة الاحتياطيات النقدية من العملة الصعبة.
كما يتضمن المشروع إجراءات جديدة لمكافحة تهريب العملة وغسل الأموال، منها توحيد سقف التصريح بالعملة عند دخول البلاد أو مغادرتها، إضافة إلى تشديد الرقابة على تجارة المعادن الثمينة وفرض تراخيص مسبقة على المتعاملين في هذا المجال.
ويعاني الاقتصاد الجزائري من تبعية مفرطة لإيرادات النفط والغاز، إذا تمثل نحو 90 في المئة من مداخيل البلاد من النقد الأجنبي.
وتتوقع الميزانية، التي اعتمدت 60 دولاراً كسعر مرجعي لبرميل النفط، أن يبلغ معدل النمو الاقتصادي 4.1 في المئة بنهاية 2026، ليرتفع إلى 4.4 في المئة في 2027، ثم إلى 4.5 في المئة في 2028.
وسيعتمد هذا الأداء في جزء منه على نشاط القطاع الخاص غير النفطي، وخاصة الزراعة والصناعة والبناء والإنشاءات.
الحكومة خصصت زيادا للدفاع والدعم ورواتب الموظفين وإعانات البطالة ومعاشات المتقاعدين مع عدم فرض ضرائب جديدة
والاثنين قال وزير الطاقة والمناجم الجزائري محمد عرقاب إن “الجزائر ستستثمر 60 مليار دولار في مشاريع الطاقة بين عامي 2025 و2029 في إطار إستراتيجية واسعة النطاق لتعزيز تطوير النفط والغاز والهيدروجين.”
وخلال حديثه في أحد منتديات الطاقة بالجزائر العاصمة، أكد أن 80 في المئة من الاستثمارات ستوجه نحو أنشطة التنقيب والإنتاج، في حين ستدعم الأموال المتبقية مشاريع التكرير والبتروكيماويات.
وسلط عرقاب الضوء على توجه الجزائر نحو مصادر الطاقة النظيفة، مشيرا إلى إطلاق مشاريع لتوليد 3200 ميغاواط من الطاقة المتجددة في إطار جهود تنويع مصادر الطاقة في البلاد.
وتهدف الجزائر العضو في منظمة أوبك وتحالف أوبك+ إلى تعزيز دورها بوصفها مورّدا رئيسيا للطاقة، وخصوصا الغاز الطبيعي المسال، إلى الأسواق الدولية مع تلبية الطلب المحلي والانتقال إلى مصادر أكثر استدامة.
وفي عام 2024 سجل الاقتصاد الجزائري أرقاما إيجابية، أبرزها احتلال المرتبة الثالثة كأحسن اقتصاد في أفريقيا، بعد جنوب أفريقيا ومصر.
وترجّح ميزانية العام المقبل أن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي إلى نحو 323 مليار دولار، مقابل 347 مليار دولار عام 2027، و373 مليار دولار عام 2028.
وتشير التوقعات إلى تحقيق الأنشطة غير النفطية نموا في الناتج الإجمالي بواقع 280 مليار دولار العام المقبل على أن يصل إلى 303 مليارات دولار عام 2027، وحوالي 332 مليار دولار في 2028.