التحاق تركي متأخر بركب الجيل الخامس للاتصالات
تستعد تركيا لكسر حالة الجمود في نشر خدمات شبكة الهاتف المحمول من الجيل الخامس للاتصالات (5 جي) عبر طرح مناقصة منتظرة منذ فترة طويلة قبل نهاية 2025، ضمن جهود تطوير البنية التحتية الرقمية، والتي تبدو متأخرة كثيرا إقليميا وعالميا.
أنقرة - كشف وزير النقل والبنية التحتية في تركيا عبدالقادر أورال أوغلو الثلاثاء أن بلده يعتزم وضع اللمسات الأخيرة على مواصفات مناقصة ترددات الجيل الخامس بنهاية هذا الشهر، وعقد المزاد في أكتوبر، ومن المتوقع أن تكون الخدمة الأولية متاحة في عام 2026.
وجاءت تصريحات أورال أوغلو بعد أيام من نشر الحكومة قائمة الترددات المخصصة لحقوق الاستخدام في مناقصة الجيل الخامس، حيث حُدد الحد الأدنى لسعر حزم الترددات المتاحة عند 2.13 مليار دولار، وهو مبلغ سيدخل خزينة الدولة.
وهذا الإعلان شبيه بإعلان سابق للوزير بشأن توقيت إطلاق المناقصة والذي كان يفترض أن هذا الشهر، وهو يفسره محللون بكثرة المشاكل التي تحاول الحكومة التغطية عليها عبر المكابرة بأن الوضع على أحسن ما يرام وأنها تقاوم ضغوط التضخم وتأثيراته.
وكان من المقرر في البداية طرح مناقصة الجيل الخامس خلال عامي 2023 أو 2024، إلا أن الخطط تأجلت بسبب أوضاع السوق غير المواتية، فقد أثرت الصدمات الخارجية على الاستثمار في البلاد بشكل كبير منذ اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية في 2022.
وتجد تركيا، التي سجّلت سرعة انتشار للجيل الرابع المتقدّم (4.5 جي) منذ عام 2016، نفسها اليوم وراء المنحنى الدولي في مجال الاتصالات المتنقلة المتقدمة.
وبينما انطلقت دول في مقدمتها كوريا الجنوبية والصين والولايات المتحدة وأوروبا ودول الخليج ودول عربية أخرى كالأردن ومصر في نشر شبكات 5 جي منذ أوائل العقد الماضي لم تحرز تركيا تقدمًا مماثلًا، حيث اقتصرت جهودها على التجارب فقط.
وهذا التأخير ليس له أثر اقتصادي فحسب، بل يعرض البلد أيضًا لخسائر سنويًا. وتُشير تقديرات مشتركة لفوُدافون وديلويت إلى أن التأخر في تبنّي 5 جي قد يكلف تركيا نحو 9 مليارات دولار، أي 5 في المئة من النشاط الاقتصادي المرتبط بتكنولوجيا الجيل الخامس.
ومع ذلك، فإن الانطلاق الفعلي للشبكة قد يحفز مستوى النشاط الاقتصادي الذي هو في أمسّ الحاجة إلى الدعم، بما يعزز الناتج المحلي الإجمالي للبلاد والذي تخطى عتبة التريليون دولار.
وقال أورال أوغلو في بيان: “نهدف إلى نشر مواصفات المناقصة هذا الشهر وعقد المناقصة في أكتوبر.” وأضاف: “هدفنا هو توسيع نطاق الجيل الخامس في جميع أنحاء البلاد في غضون بضع سنوات بعد استلام الإشارة الأولية في عام 2026.”
وأشار إلى أن الوزارة أجرت مشاورات مكثفة ودرست الممارسات الدولية، لاسيما في أوروبا، لتصميم إطار المزاد. وبحسب وكالة رويترز قال: “نُعدّ مواصفات المناقصة بما يخدم المصلحة العامة ولا يُعيق قدرات المُشغّلين الاستثمارية أو ردود أفعالهم.”
9
مليارات دولار تفقدها تركيا سنويا بسبب التأخر في نشر 5 جي، وفق فوُدافون وديلويت
ووفقًا لمرسوم رئاسي نُشر في الجريدة الرسمية السبت الماضي، ستشمل المناقصة 11 باقة ترددات عبر نطاقي 700 ميجاهرتز و3.5 غيغاهرتز، وتتراوح قيمة كل باقة بين 50 مليون دولار و425 مليون دولار.
ومن المتوقع أن تشارك جميع شركات الاتصالات الثلاث وهي تورك تيليكوم المملوكة للدولة، وتركسل، بالإضافة إلى وحدة فودافون التركية في المناقصة.
وستشهد المناقصة كذلك تجديد الحكومة لتراخيص شبكات الهاتف المحمول الحالية، والتي من المقرر أن تنتهي صلاحيتها في عام 2029. وسيُطلب من المُشغّلين دفع 5 في المئة من إيراداتهم السنوية لتجديد التراخيص.
ولطالما استعد المُشغّلون لهذه المرحلة الانتقالية. ففي الأسبوع الماضي، أعلنت تورك تيليكوم أنها مُستعدة تمامًا لمناقصة الجيل الخامس وإطلاقها، مُشيرةً إلى بنيتها التحتية القوية للألياف الضوئية واستثماراتها الإستراتيجية.
وصرح الرئيس التنفيذي للشركة أوميت أونال بأن 54 في المئة من محطات الجيل الخامس (أل.تي.إي) التابعة للشركة متصلة بالفعل عبر الألياف الضوئية، وفق ما نقلته عنه وسائل إعلام محلية.
وتمتلك تورك تيليكوم والتي تدير ما يقرب من 80 في المئة من شبكة الألياف الضوئية المحلية بموجب اتفاقية امتياز من المقرر أن ينتهي في عام 2026. وأوضح أونال أن الشركة تقترب من تجديد الاتفاقية.
أما الرئيس التنفيذي لشركة توركسل، علي طه كوتش، فقد أكد مؤخرا أن الشركة قد أكملت التخطيط المالي لإطلاق الخدمة.
وقال: “تم تحديث جزء كبير من شبكتنا استعدادًا للانتقال إلى تقنية الجيل الخامس، ويشهد معدل تغطية الألياف الضوئية في محطاتنا زيادة سريعة.” وأضاف: “لقد انتهينا أيضًا من التخطيط المالي لدمج محطات جديدة في شبكتنا.”
ووفقاً لأحدث بيانات هيئة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تركيا، فقد بلغ عدد مشتركي خدمات الهاتف المحمول 94.3 مليون مشترك، بمعدل نفاذ بلغ 110.1 في المئة.
ويُسهم الجيل الخامس في دفع عجلة التحول الرقمي في بيئة الأعمال الديناميكية من خلال توفير شبكات خاصة مرنة وآمنة، وشبكات لاسلكية واسعة النطاق، وحلول استضافة محايدة.
ومن خلال تبني 5 جي، يُمكن للشركات إطلاق العنان للابتكار والنمو والكفاءة والمرونة، مما يضمن القدرة التنافسية في عالم متصل.
وتوقعت شركة إيريكسون السويدية في تقرير نشرته في نوفمبر الماضي أن تُعيد هذه الاتجاهات تشكيل التجارب الرقمية في تركيا، بدءًا من التطبيقات المدعومة بالذكاء الاصطناعي وصولًا إلى البث والألعاب والحلول المالية عبر الهاتف المحمول.
وتقول إيشيل يالتشين رئيسة إريكسون تركيا في إريكسون الشرق الأوسط وأفريقيا: “تُسلّط أحدث أبحاث إريكسون العالمية الضوء على الإمكانات الهائلة لتقنية الجيل الخامس في تركيا لدفع عجلة التحول الرقمي وإعادة تعريف تجارب المستهلكين والشركات.”
وأضافت: “تُظهر الرؤى المُستقاة من دراسة مختبر المستهلكين لدينا، طلبًا واضحًا على أداء أفضل للشبكات، لاسيما مع تطور الخدمات الرقمية.”
وتابعت: “ستلبي تقنيات الجيل الخامس المتقدمة، مثل ستاندلون وجي أدفناسد 5، هذه التوقعات، مما يُحسّن تجارب المستخدمين ويُمكّن القطاعات من حلول اتصال لا مثيل لها.”
ووفقًا لدراسة أجرتها منصة كنسمر لاب قبل أشهر، يُقدّر المستهلكون بشكل متزايد موثوقية الشبكة وسرعتها باعتبارهما عاملين أساسيين لتحسين تجاربهم الرقمية، مما يُشير إلى أن تقنية الجيل الخامس قد تُعيد تعريف توقعات الاتصال في تركيا.