إصلاحات موعودة لكسر جمود نشاط منظمة التجارة العالمية

الأولوية القصوى في محادثات الإصلاح تتمثل في منع الأعضاء من عرقلة القرارات.
الخميس 2025/07/17
في مفترق طرق

جنيف – أظهرت وثائق داخلية لمنظمة التجارة العالمية أن الدول الأعضاء بالمنظمة تسعى إلى كسر الجمود المستمر منذ سنوات في مفاوضات التجارة الدولية التي همشتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وتواجه احتمال فقدان أهميتها.

وأجبرت الرسوم الجمركية الشاملة التي فرضها ترامب الدول على التفاوض على اتفاقيات تجارية ثنائية مع واشنطن، متجاوزة بذلك الإطار متعدد الأطراف.

وتتعارض مهمة المنظمة المتمثلة في تعزيز خفض الحواجز التجارية مع مسار ترامب بفرض تعريفات جمركية عالمية وتبنيه لنزعة حمائية مشددة، خاصة وأن الولايات المتحدة تعد أكبر مساهم في ميزانيتها، وتليها الصين مباشرة.

ويواجه أعضاء هذه المؤسسة التي تأسست قبل ثلاثة عقود صعوبة في التوصل إلى اتفاقيات بسبب شرط التوافق بين جميع الأعضاء البالغ عددهم 166 عضوا.

بيتر أولبرغ: هناك اعتراف واسع بأنه لا يوجد بديل عملي للإصلاح
بيتر أولبرغ: هناك اعتراف واسع بأنه لا يوجد بديل عملي للإصلاح

ومنذ سنوات تواجه المنظمة تحديا صعبا لإعادة توجيه بوصلة أولوياتها في ظل تراكم الأزمات التي باتت سمة تطبع الاقتصاد العالمي، خاصة مع الانتقادات المتتالية لهذا الهيكل جراء تقاعسه في مراجعة سياساته، التي ثبت عجزها عن مواجهة الصدمات.

وأكد دبلوماسيون لرويترز أن الأولوية القصوى في محادثات الإصلاح تتمثل في منع الأعضاء من عرقلة القرارات.

وقال بيتر أولبرغ سفير النرويج لدى المنظمة، والذي عُين لتسهيل محادثات إصلاح هذه المؤسسة في رسالة داخلية للدول الأعضاء اطلعت عليها رويترز، “الشعور بالإلحاح واضح، وهناك اعتراف واسع النطاق بأنه لا يوجد بديل عملي للإصلاح”.

ويتطلب مبدأ (الدولة الأكثر رعاية)، وهو القاعدة الأساسية لمنظمة التجارة العالمية، معاملة متساوية بين الأعضاء لكن الدول النامية تتمتع بامتيازات تُمكنها من المنافسة.

ومن بين هذه الدول الصين والهند وهما دولتان يقول ترامب إنهما أصبحتا الآن اقتصادين رئيسيين لا يحتاجان إلى دعم إضافي.

وأظهرت إحدى الوثائق أن أعضاء منظمة التجارة العالمية يهدفون إلى تبسيط عمليات صنع القرار، وتعزيز سياسات صناعية أكثر عدالة، بما في ذلك الدعم ومراجعة امتيازات الدول النامية.

وتُسهم هذه المقترحات في مشاورات الإصلاح الجارية خلال الجزء الأخير من هذا العام، والتي تهدف إلى إثراء المؤتمر الوزاري المقبل لمنظمة التجارة العالمية في الكاميرون في مارس. وستُعقد الجولة الأخيرة من المشاورات هذا الأسبوع.

ومن بين المقترحات ما يُسمى بتحسين باريتو، والذي قال مندوب صيني كبير في منظمة التجارة العالمية في جنيف إن الصين طرحته. سيُلزم هذا الإجراء الأعضاء بتقديم دليل واضح قائم على الأدلة على الضرر عند عرقلة المقترحات.

وتشمل المقترحات الأخرى السماح للأعضاء بالانسحاب من القرارات، والسماح لمجموعات فرعية من الدول بالمضي قدما في المفاوضات دون توافق كامل.

وقال روبرتو أزيفيدو المدير العام لمنظمة التجارة العالمية من عام 2013 إلى عام 2020 لرويترز “النظام متعدد الأطراف الذي وضع بعد الحرب وكما نعرفه انتهى”، واصفا مناقشات الإصلاح بأنها مسألة “حياة أو موت” بالنسبة لمنظمة التجارة العالمية تحديدا.

الولايات المتحدة صبرها ينفد وتقول إن القضايا الرئيسية لن تُحل إلا بعد أن تتخلى الصين والاقتصادات الكبرى الأخرى، أي دول مثل الهند، عن امتيازاتها

وأبلغت المديرة العامة لمنظمة نجوزي أوكونغو إيويالا الأعضاء في وثيقة مُقيدة اطلعت عليها رويترز بأن نهج “الإصلاح بالممارسة”، القائم على تحسينات عملية وتدريجية في أداء المنظمة، “باطل” ولن يعالج القضايا الهيكلية الأعمق.

وتواجه وزيرة المالية النيجيرية السابقة، التي أعيد تعيينها أواخر 2024 على رأس المنظمة، معركة شاقة في الدفاع عن التجارة الحرة بعد انتخاب دونالد ترامب رئيسا في الولايات المتحدة.

وسبق أن قالت إيويالا، وهي أول امرأة تتولى رئاسة المنظمة التي تتخذ مقرا في جنيف، في مقابلة مع وكالة بلومبيرغ “أعلم أن الناس يفكرون بتشاؤم، وأننا سنشهد حروبا تجارية وما إلى ذلك، ولكن هناك فرصا في ظل التحديات التي تواجه التجارة.”

وذكرت الولايات المتحدة في جدول أعمالها للسياسة التجارية لعام 2025 أن صبرها ينفد وأن القضايا الرئيسية لن تُحل إلا بعد أن تتخلى الصين والاقتصادات الكبرى الأخرى، أي دول مثل الهند، عن امتيازاتها.

وأكدت الصين في يونيو الماضي أنها استمعت إلى كل ما ورد في المخاوف الأميركية، وعبّرت عن انفتاحها لمناقشة هذه الامتيازات بالإضافة إلى الرسوم الجمركية والسياسة الصناعية.

وتعرض الاقتصاد العالمي لهزّات متتالية كبيرة منذ العام 2020، والذي شهد الإغلاق الكبير وتوقف الإمدادات العالمية، وبعدها موجة تضخم بسبب الحرب الروسية – الأوكرانية ثم حرب الرسوم، مما ألقى بتصنيفات ائتمانية سلبية على الحكومات والشركات.

11