جدة فلسطينية في غزة تتسلح بالأمل في مواجهة واقع صعب

مشاهد الدمار تؤثر على نفسية الأطفال.
الأحد 2025/10/26
في انتظار فجر جديد

غزة - يجول أحفاد الفلسطينية هيام مقداد حافيي الأقدام بين أنقاض منزلهم وحارتهم المدمّرة في مدينة غزة بحثا عن مياه نظيفة، غير آبهين بالدمار الذي خلفته الحرب على مدار عامين.

تقول مقداد (62 عاما) إنها تخرج كل صباح مع الأطفال للبحث عن الماء الذي تارة تجد منه ما يكفيها لعدة أيام وتارة أخرى لا تجد شيئا على الإطلاق. وتوضح أن الحصول على المياه يمثل “معاناة كبيرة”.

يسير الأطفال مع جدتهم فوق الحجارة المترامية بين الأزقة حاملين دلاء بلاستيكية كبيرة، ولا يلتفتون إلى أكوام الركام الكبيرة ولا قضبان الحديد الملتوية.

وبحسب الجدة “الأطفال نسوا اللعب، الطفل لم يعد يقول إنه يريد الذهاب إلى الروضة أو المدرسة، (بل يقول) أريد أن أذهب لجلب الماء، أو إلى المطبخ الخيري أو للحصول على طرد غذائي.”

وتضيف “كانوا في السابق يذهبون إلى الحديقة لكن اليوم يلعب الأطفال فوق الركام.”

كمية المساعدات التي تصل إلى غزة لم تشهد تحسنًا يُذكر منذ بدء الهدنة، ولم يُلاحظ أي انخفاض في معدلات الجوع

وصلت الجدة والأطفال إلى كوم من الأنقاض، وبدأت بتوجيههم إلى أكياس بلاستيكية وقطع من الكرتون وأغصان صغيرة يمكن أن يستخرجوها لتساعدهم على إشعال النار.

وعادوا جميعا مع غنيمتهم إلى الخيمة التي نصبت حولها جدران من الصفيح استغلت أيضا لنشر الغسيل.

خلال الحرب المدمرة بين إسرائيل وحركة حماس، فقدت مقداد عددا من أفراد عائلتها وأقاربها ومنزلها.

ومع دخول الهدنة التي توسطت فيها الولايات المتحدة حيز التنفيذ في العاشر من أكتوبر الجاري، عادت العائلة من جنوب القطاع إلى حي النصر في مدينة غزة، فنصبت خيمة وسط أنقاض منزلها المدمر.

وتقول مقداد “قالوا إن هناك هدنة، دمعة فرح ودمعة حزن نزلتا من عيني، عندي شهداء وفقدت من أولادي وأحفادي لكن حمدت الله أني لم أخسر أحدا آخر.”

وأدت العمليات العسكرية الإسرائيلية على مدى سنتين في غزة ردا على هجوم حماس على جنوب إسرائيل، إلى مقتل ما لا يقلّ عن 68519 فلسطينيا.

بحسب الجدة فإن منزلها دُمر بالكامل بواسطة جرافة. وتقول “لم أجد فيه حتى لو فرشة، لكن جئت وجلست على أنقاضه.”

أما الشارع القريب فقد سوي بالأرض ولم يبق من المباني سوى هياكلها المحترقة. ومع بزوغ الشمس تخرج مقداد مع أحفادها من خيمتهم البيضاء المتسخة لبدء يوم جديد من المعاناة وسط فوضى النزوح.

خارج الخيمة تجلس مقداد محاطة بأحفادها، وبينما تطهو لهم الشعيرية يرفرف علم فلسطين.

وتقول “قمت بطهي الشعيرية للأطفال حتى أطعمهم وأسكت جوعهم، لا أستطيع شراء خضار أو أي شيء آخر لأنه لا توجد سيولة أو دخل.”

وسبق أن منعت إسرائيل مرارا خلال الحرب دخول المواد الأساسية إلى غزة، الأمر الذي فاقم المعاناة الإنسانية.

بعد عامين من الحرب انهارت الخدمات العامة في غزة ودُفن القطاع تحت أكثر من 61 مليون طن من الأنقاض، وذلك وفق بيانات الأمم المتحدة التي أظهرت تدمير ثلاثة أرباع المباني

وقالت منظمة الصحة العالمية الخميس إن كمية المساعدات التي تصل إلى غزة لم تشهد تحسنًا يُذكر منذ بدء الهدنة، ولم يُلاحظ أي انخفاض في معدلات الجوع.

وبعد عامين من الحرب انهارت الخدمات العامة في غزة ودُفن القطاع تحت أكثر من 61 مليون طن من الأنقاض، وذلك وفق بيانات الأمم المتحدة التي أظهرت تدمير ثلاثة أرباع المباني.

وكغيرها من سكان القطاع، تشكو مقداد من حجم الركام. وتقول “نريد إزالة الركام، يؤثر علينا وعلى أطفالنا وعلى نفسيتهم.”

وبعد عودة أحفادها من جمع الحطب وجلب الماء، تجلس مقداد على الأرض وأمامها حوض معدني كبير تغسل فيه الملابس بما توفر من صابون.

ومع حلول المساء تقوم بفرش المراتب الرقيقة والأغطية على أرضية الخيمة استعدادا للنوم. وتقول “أضيء شمعة، لا يوجد كهرباء ولا بطارية ولا أي شيء.”

ورغم صعوبة العيش ونقص مقومات الحياة اليومية، تبقى الجدة مقداد متمسكة بالأمل وتقول “نريد أن نعيد الحياة ونشعر بوجود أمل.”