حكومة طالبان تقنن الوصول إلى الإنترنت لمنع انتقادها

الحركة فرضت منذ عودتها إلى الحكم في 2021 قوانين تستند إلى رؤية متشددة للشريعة الإسلامية، لكن بعض مسؤوليها ينشرون بيانات الحكومة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
الأربعاء 2025/09/17
الشبكة مفصولة

مزار شريف (أفغانستان)- قلّصت حكومة طالبان الأربعاء الوصول إلى خدمة الإنترنت لليوم الثاني على التوالي في عدة ولايات أفغانية حيث عزا مسؤولون الإجراء إلى مكافحة “الرذيلة” و”الفساد الأخلاقي”.

ففي ولاية بلخ (شمال)، تم حظر الإنترنت عبر الألياف الضوئية بالكامل و”فصل الشبكة” بأمر من القائد الأعلى لطالبان هبة الله أخوندزاده، على ما أفاد المتحدث باسم الولاية عطا الله زيد.

وأوضح المتحدث على إكس الثلاثاء “اتُخذ هذا الإجراء لمنع الرذيلة، وسيتم توفير خيارات بديلة في البلاد لتلبية الاحتياجات”.

وأكد مراسل وكالة فرانس برس أن خدمة الإنترنت في هذه المنطقة متاحة فقط عبر شبكة الهاتف التي تواجه أعطالا، مشيرا إلى أن جميع مزودي الخدمة تأثروا.

◄ حركة طالبان تفرض رقابة صارمة على النشاط الإلكتروني، وتلاحق كل من ينتقد سلطتها

والأمر نفسه يسري في منطقتي بدخشان وتخار شمالا وفي قندهار وهلمند وأوروزغان جنوبا، على ما أكد مراسلون آخرون في وكالة فرانس برس الأربعاء.

وقال موظف في شركة خاصة في كابول، فضل عدم الكشف عن هويته، لوكالة فرانس برس إن الألياف الضوئية هي التقنية الأكثر شيوعا في أفغانستان، مشيرا إلى أنه يجهل أسباب أو تفاصيل إجراء طالبان.

وأكد عطا محمد، وهو مقاول رخام في قندهار، “إذا لم يتم حل مشاكل الاتصال هذه، فسنتكبد خسائر فادحة”.

وأوضح “إذا لم نرد في الوقت المناسب على رسائل البريد الإلكتروني من عملائنا في دبي والهند، فلن نتمكن من مواصلة أعمالنا. لم أنم ليلة أمس”.

لم يُطبّق هذا الإجراء في ولاية ننكرهار (جنوب شرق)، لكن المتحدث باسم قسم وزارة الإعلام والثقافة قريشي بادلون، قال إنه يتوقع تطبيقه في سائر البلاد “خلال الأيام المقبلة”.

وقال في بيان الثلاثاء “تُظهر دراسات حديثة أُجريت في أفغانستان أن التطبيقات عبر الإنترنت أثرت سلبا على الأسس الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية للمجتمع، وقادته نحو الفساد الأخلاقي”.

عطا الله زيد: اتُخذ هذا الإجراء لمنع الرذيلة، وسيتم توفير خيارات بديلة في البلاد لتلبية الاحتياجات

في العام 2024، أعلنت كابول أن الألياف الضوئية التي نشرتها السلطات السابقة في مطلع الألفية الثانية، ويصل طولها إلى 9350 كيلومترا، تمثل “أولوية… لتقريب البلاد من بقية العالم” و”التخلص من الفقر”.

وفرضت الحركة منذ عودتها إلى الحكم في 2021 قوانين تستند إلى رؤية متشددة للشريعة الإسلامية، لكن بعض مسؤوليها ينشرون بيانات الحكومة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وأعلنت شرطة طالبان في ولاية قندوز، قبل أيام، اعتقال شخصين في منطقة فيروزكوه بمديرية خان آباد، بتهمة “نشر دعاية سلبية”، عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وقال المتحدث باسم شرطة طالبان في قندوز جمعة الدين خاكسار إن المعتقلين نشرا مقاطع “خاطئة وسلبية” من شأنها “إثارة الرأي العام”، مضيفا أن توقيفهما جرى بالتنسيق مع وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

وأشار إلى أن الشخصين اعترفا بأنهما كانا سابقا أيضا ينشران مثل هذه المواد على منصات التواصل، دون أن يقدم تفاصيل إضافية عن نوعية المقاطع المنشورة.

ويواصل محتسبو طالبان حملاتهم ضد ناشطي شبكات التواصل، لاسيما مستخدمي تطبيق “تيك توك”، حيث اعتُقل العشرات منهم في ولايات مختلفة، وأُجبروا على الإدلاء باعترافات وتقديم “توبة علنية”.

وبحسب البيان، فقد أُحيل المعتقلان إلى الجهات القضائية التابعة لطالبان بعد الانتهاء من التحقيقات الأولية.

يُذكر أن حركة طالبان تفرض رقابة صارمة على النشاط الإلكتروني، وتلاحق كل من ينتقد سلطتها، حيث وثّقت تقارير عديدة حالات اعتقال وتعذيب طالت منتقدين وصحافيين على مدى السنوات الأربع الماضية.

وكانت الحركة قد اعتقلت مؤخرا مستشار وزارة الطاقة والمياه فاروق أعظم، بعد انتقاده زعيم طالبان هبة الله آخوندزاده، بسبب رفض إرسال ممرضات إلى المناطق المتضررة من الزلزال شرقي البلاد، معتبرا أن ذلك “يقدّم درسا عمليا لأهمية تعليم النساء”.