روبيو في إسرائيل وسط توترات بين حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط

وزير الخارجية الأميركي سيناقش مع نتنياهو تداعيات الضربات على قطر على جهود التوصل إلى هدنة وضم الضفة الغربية.
الأحد 2025/09/14
رسالة دعم أميركية لإسرائيل في عين العاصفة

القدس - وصل وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو الأحد الى إسرائيل، في مستهل زيارة تأتي في ظل توتر مع حلفاء للولايات المتحدة بالشرق الأوسط بعد الغارة الجوية التي شنتها إسرائيل لاستهداف قادة حركة حماس في قطر وتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة.

وكان روبيو الذي من المقرر أن يلتقي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومسؤولين آخرين، جدد قبيل توجهه الى الدولة العبرية، دعم بلاده لإسرائيل على رغم الضربات التي لقيت انتقادا من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إضافة الى أطراف إقليميين ودوليين.

وأثارت الضربات غير المسبوقة غضب الدوحة حليفة واشنطن في المنطقة، ونددت بها أطراف إقليمية ودولية. كما ألقت بظلالها على محاولات التوصل الى هدنة في الحرب والافراج عن الرهائن في القطاع، لا سيما وأن قطر هي طرف رئيسي في المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس التي أكدت نجاة رئيس وفدها المفاوض خليل الحية من القصف.

كما تأتي زيارة روبيو في ظل ضغوط دولية على إسرائيل على خلفية تصعيد عملياتها العسكرية في شمال قطاع غزة، وقبل أيام من اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة حيث تعتزم دول غربية عدة الاعتراف بدولة فلسطينية، في خطوة تندد بها إسرائيل وواشنطن.

 وأكد روبيو أن الانتقاد العلني النادر الذي وجّهه ترامب لإسرائيل على خلفية قصف الدوحة لن يغيّر في الدعم الواسع الذي توفره واشنطن للدولة العبرية.

وقال للصحافيين قبيل سفره "ما حدث قد حدث. من الواضح أننا لسنا سعداء بذلك، والرئيس لم يكن سعيدا بذلك".

لكنه أكد أن "هذا لن يغير من طبيعة علاقتنا مع الإسرائيليين، لكن علينا أن نناقشه (...) وبشكل رئيسي ما التأثير الذي سوف يخلفه" على جهود التوصل إلى هدنة في الحرب المتواصلة منذ السابع من أكتوبر 2023.

وتابع روبيو "نحن بحاجة إلى المضي قدما ومعرفة ما سيأتي بعد ذلك، لأنه في نهاية المطاف، عندما يتم قول وفعل كل شيء، هناك مجموعة تسمى حماس لا تزال موجودة، وهي مجموعة شريرة".

وقطر، مع الولايات المتحدة ومصر، هي طرف أساسي في جهود الوساطة للتوصل الى هدنة في قطاع غزة. واستضافت الدوحة العديد من جولات التفاوض غير المباشر بين حماس وإسرائيل.

وكرّر نتنياهو السبت الدفاع عن استهداف قادة الحركة، معتبرا أن "التخلص" منهم سيؤدي إلى إنهاء الحرب.

وقال نتنياهو "قادة حماس الإرهابيون الذين يعيشون في قطر لا يهتمون بأهالي غزة. لقد عرقلوا جميع محاولات وقف إطلاق النار من أجل إطالة أمد الحرب بلا نهاية"، معتبرا أن "التخلص منهم سيُزيل العقبة الرئيسية أمام الإفراج عن جميع رهائننا وإنهاء الحرب".

وعلّق منتدى عائلات الرهائن على ذلك بالقول إن نتنياهو هو "عقبة" أمام إنهاء الحرب وإطلاق سراح المحتجزين.

وجاء في بيان للمنتدى "أثبتت الضربة الموجهة في قطر بما لا يدع مجالا للشك أن هناك عقبة واحدة أمام إعادة الرهائن وإنهاء الحرب: رئيس الوزراء نتانياهو. ففي كل مرة يقترب فيها التوصل إلى صفقة، يقوم نتانياهو بتخريبها".

وتأتي زيارة روبيو في وقت تصعّد إسرائيل عملياتها في إطار خطتها المعلنة للسيطرة على مدينة غزة، كبرى مدن القطاع وأكثرها اكتظاظا بالسكان.

ودمّر الطيران الإسرائيلي في الآونة الأخيرة عددا من المباني العالية في المدينة بذريعة أن حماس تستخدمها لغايات عسكرية، وهو ما تنفيه الحركة.

وتستمر حركة النزوح من المدينة.

وقدّر الجيش الإسرائيلي السبت عدد النازحين بأكثر من 250 ألف شخص. في المقابل، أكّد الدفاع المدني في غزة أن عدد النازحين من غزة إلى جنوب القطاع يقارب 68 ألفا، مشيرا إلى أن الكثير من المواطنين ما زالوا متشبثين بالبقاء في حين لا يجد آخرون مكانا للإقامة في الجنوب حيث أعلنت إسرائيل إقامة "منطقة إنسانية".

وقال الناطق باسم الجهاز محمود بصل إن "مزاعم الاحتلال حول نزوح ربع مليون مواطن من مدينة غزة وضواحيها إلى الجنوب، كاذبة".

وبحسب تقديرات الأمم المتحدة في أغسطس، كان عدد السكان في مدينة غزة ومحيطها يتجاوز مليون نسمة.

وحثت الأمم المتحدة وأطراف في المجتمع الدولي إسرائيل على وقف العملية، محذّرة من أن الهجوم وعمليات النزوح الناجمة عنه ستفاقم الأزمة الإنسانية التي بلغت حد إعلان المنظمة الدولية رسميا المجاعة في غزة الشهر الماضي.

وأفاد الدفاع المدني بمقتل 32 شخصا منذ فجر السبت في القصف الإسرائيلي على أنحاء مختلفة من القطاع.

وكانت ألمانيا وفرنسا وبريطانيا دعت في بيان الجمعة إلى "وقف فوري للعمليات العسكرية الإسرائيلية في مدينة غزة".

وتعتزم بلدان غربية عدة تتقدمها فرنسا وبريطانيا، الاعتراف بدولة فلسطينية على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

وصوّتت الجمعية العامة الجمعة لصالح قرار يهدف إلى إحياء حل الدولتين من دون إشراك حركة حماس فيه.

وأكدت واشنطن أن زيارة روبيو الى إسرائيل تأتي كذلك في سياق الدعم بمواجهة هذا الحراك الدبلوماسي.

وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية تومي بيغوت الجمعة إن واشنطن ستظهر التزامها "بمواجهة الإجراءات المناهضة لإسرائيل، بما في ذلك الاعتراف الأحادي بدولة فلسطينية يكافئ إرهاب حماس".

وذكر موقع "أكسيوس" أن روبيو سيناقش خلال زيارته إلى تل ابيب إمكانية ضم إسرائيل لأجزاء من الضفة الغربية.

وينتظر نتنياهو اللقاء مع روبيو لمعرفة مدى دعم ترامب لخطوة ضم أجزاء من الضفة الغربية قبل تقرير موعد وطريقة تنفيذ مخطط الضم.

ووقع نتنياهو اتفاقا الخميس للمضي قدما في خطة توسيع المستوطنات، مما سيؤدي إلى تقسيم الضفة الغربية، وهي من الأراضي التي يسعى الفلسطينيون لإقامة دولتهم عليها.

ووفقا لـ "أكسيوس"، ألمح روبيو في اجتماعات مغلقة إلى أنه لا يعارض الضم، وأن البيت الأبيض لن يقف في وجه إسرائيل. إلا أن هذه التصريحات أثارت قلقًا كبيرا داخل إدارة ترامب، التي اعتبرتها محاولة للضغط عليها.

وأوضح مسؤولون أميركيون أن الضم قد يؤدي إلى انهيار "اتفاقيات أبراهام"، ويضر بشكل مباشر بإرث ترامب الدبلوماسي. هذا التضارب دفع البيت الأبيض ووزارة الخارجية إلى عقد نقاشات مكثفة لصياغة موقف رسمي يمنع أي سوء فهم لموقف واشنطن.

وتتزايد الضغوط الخارجية على واشنطن وإسرائيل لعدم المضي قدمًا في خطة الضم. فقبل زيارة روبيو، كررت الإمارات العربية المتحدة موقفها الرافض للخطوة أمام كبار مسؤولي وزارة الخارجية الأميركية. ويعكس هذا الموقف المخاوف الإقليمية من أن تؤدي خطة الضم إلى زعزعة استقرار المنطقة، وتقويض جهود السلام التي بُذلت في السنوات الأخيرة.

ومن المقرر أن يلتقي روبيو نتنياهو وكبار المسؤولين الإسرائيليين. كما سيزور حائط المبكى في القدس.

واستبعد الباحث في معهد الشرق الأوسط في واشنطن براين كاتوليس أن يضغط روبيو نحو وقف لإطلاق النار في غزة.

وقال كاتوليس "يبدو أن الإدارة تستمع أكثر لقواعدها التي تتشكل من (السفير في القدس مايك) هاكابي وأمثاله من المسيحيين الإنجيليين المتحالفين مع الإسرائيليين اليمينيين".

وأسفر هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023 عن مقتل 1219 شخصا، معظمهم من المدنيين، وفق تعداد يستند إلى بيانات رسمية إسرائيلية.

وردت الدولة العبرية بشن عمليات عسكرية في قطاع غزة أدت إلى مقتل 64803 أشخاص على الأقل، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفق أرقام وزارة الصحة التي تديرها حماس وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقا بها.

وبحسب الجيش الإسرائيلي، ما زال هناك 47 رهينة في غزة، 25 منهم لقوا حتفهم، من بين 251 شخصا خُطفوا في الهجوم.